- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
صبري الرابحي : يكتب الحرب على غزة والمأزق الصهيوني
صبري الرابحي : يكتب الحرب على غزة والمأزق الصهيوني
- 4 ديسمبر 2023, 4:36:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صبري الرابحي-تونس
لم يكن على الكيان الصهيوني أن ينصاع وراء شوفينية نتانياهو في كسر عزيمة المقاومة بطريقة القبضة الحديدية.ولم يكن على أحلامه الوردية أن تتجاوز سقف بقائه على رأس الحكومة الإسرائيلية في أزمنة أخرى غير ربيع المقاومة المسلحة الفلسطينية المسندة بمروؤة عرب اليمن ولبنان والعراق مما جعل الهدنة منفذه المؤقت من مأزق غزة.
الهدنة في غزة وتداعياتها على الداخل الإسرائيلي:
إنعقدت الهدنة بضمانات دولية للوقف الفوري لإطلاق النار من الجانبين وفسح المجال أمام دخول المساعدات وتحويل الجرحى نحو المستشفيات المصرية وغيرها وضمت أيضاً اتفاقاً مهماً يتعلق بتبادل الأسرى خاصة في ظل ضغط الشارع والهزيمة الاعلامية المدوية الكيان الصهيوني الذي وعد بتحرير الرهائن وتصفية المقاومة المسلحة في غزة عن طريق العملية العسكرية وفشل في ذلك عسكريا وسياسيا.هذا الفشل ظهر جلياً في محاولاته تعتيم الظهور الإعلامي لأسراه المحررين، كما ظهر من قبل من خلال تحركات عائلات الأسرى ومواطنيهم في كل الإتجاهات لإنهاء الحرب حرصاً على سلامة ذويهم من طيش مغامرة نتانياهو بتصفية المقاومة في غزة بأي ثمن حتى على حساب سلامة الأسرى.
هذه الهدنة تحيلنا على انتصار المقاومة وتكسر سردية توازن الرعب التي هي في المطلق مجرد مقاربة اصلاحية مجانبة للصواب لأن المعركة أديرت بطفرة اعلامية واسعة الى جانب النجاح العملياتي للمقاومة وخاصة مصداقيتها في ما تنشر وما تحدث به شعبها والتي حصدت تعاطفاً دولياً قد يجعل من الوقف الدائم لإطلاق النار ضرورة عسكرية بل مطلباً شعبياً يؤيده طيف سياسي واسع في الداخل الإسرائيلي.
تقارب مصالح وسطاء الهدنة
من الطبيعي أن تلعب كل من مصر وقطر والولايات المتحدة هذا الدور بإمتياز لإعتبارات عدة حيث يمكن تفهم تخوف مصر من اندلاع حرب اقليمية لن تسلم منها إضافة إلى تهديد مصالحها في البحر الأحمر بعد تتالي خطف الباخرات من قبل الحوثيين في اليمن.كذلك صار جلياً تعاظم الدور الدولي لقطر والتي رأينا مساهمتها في عملية تسليم الرهائن الأمريكان من إيران منذ شهرين تقريبا وحظوتها لدى المقاومة الفلسطينية كلاعب عربي قد تنتهي حدود مصالحه عند طموحه الإقليمي لا غير. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد اصطدمت بمواقف الشارع وتصدع الموقف السياسي حتى من داخل الديمقراطيين أنفسهم في علاقة بمواقف الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة ودعمه غير المشروط لآلة القتل الصهيوني مما جعلها تعيد حساباتها وتتخوف من سيناريو فيتنام جديد أو صومال جديد لا يمكن كبح جماحه إضافة إلى ضغط المجتمع الدولي من أجل إنهاء الحرب والتأسيس لجولات جديدة من المفاوضات بذهنية الخاسر وليس المنتصر ككل مرة.
التحولات الإقليمية في المنطقة:
من الطبيعي أن تتحول منطقة الشرق الأوسط إلى أكبر منطقة توتر بعد الحرب الباردة.
هذا التوتر يجعل من تواصل الحرب كابوساً يقض مضاجع دول الجوار كافة المنطقة.
من الضروري أيضاً النظر إلى التحولات الإقليمية خاصة ببروز قوى جديدة وأخرى تتهيأ للبروز وتقرأ لها الولايات المتحدة الأمريكية ألف حساب خاصة في ما يتعلق بدور إيران في الحرب الأخيرة على غزة والتي تتالت تصريحات كبار مسؤوليها وهددت في أكثر من مناسبة بالدخول في الحرب كلاعب رئيسي مكشوف الوجه قادر على تغيير المعادلة وبعثرة الأوراق الدولية المنظمة منذ سنوات على أساس توازنات كامب دايفد إضافة إلى كلفة الحرب التي لن تستطيع إقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها تحملها ولا حتى الظفر بعائدات معقولة من الريع النفطي الممركز في دول الجوار وليس دول الحرب في صورة إنتشارها.
كان ولا يزال على الإمبريالية العالمية أن تتعرض إلى صدمة بداية أفولها بعد عقود من هيمنتها وإدارتها للعبة على رقاب شعوب آن الأوان أن تختار حريتها كاملة لا تتجزأ على كامل أراضيها وفي محيطها الإقليمي أو أن تتحمل الإمبريالية مآزق هيمنتها الإستعمارية.