- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
صفقات الغاز تكشف الترابط بين الطاقة والجغرافيا السياسية في شرق المتوسط
صفقات الغاز تكشف الترابط بين الطاقة والجغرافيا السياسية في شرق المتوسط
- 29 أكتوبر 2022, 7:57:26 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هناك العديد من التطورات الجديرة بالاهتمام تحدث حاليا في شرق البحر الأبيض المتوسط، ومن المؤكد أن التطور الأكثر وضوحًا هو الصفقة الإسرائيلية اللبنانية التي ترسم بعد سنوات من المفاوضات (بوساطة أمريكية) الحدود البحرية للبلدين للمرة الأولى، مما قد يمهد الطريق لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في المنطقة.
وتنسجم هذه الاتفاقية التاريخية مع الصورة الأكبر لمنطقة شرق المتوسط، التي تتشكل باستمرار من خلال ديناميكيات الطاقة والديناميكيات الجيواستراتيجية، ويتردد صدى أهميتها خارج المنطقة نفسها.
كما تأتي هذه الاتفاقية وسط تزايد النشاط الدبلوماسي لتركيا، والذي يتجلى في محاولات التقارب مع جيرانها الإقليميين مثل إسرائيل ومصر. ويخدم تحسين العلاقات مع تل أبيب والقاهرة أهداف أنقرة الأوسع، حيث يمنع ذلك ظهور نظام جديد للطاقة والأمن ينبع من منتدى غاز شرق المتوسط، الذي استبعد تركيا في السنوات السابقة، مما دفع أنقرة اتوقيع اتفاقية للتنقيب عن الطاقة مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
وتعتقد اليونان وقبرص أن الصفقة الليبية التركية تنتهك حقوقهما الاقتصادية في منطقة اكتُشفت فيها مؤخرًا احتياطات غاز ضخمة، مما أدى إلى تصعيد الخلافات اليونانية التركية طويلة الأمد.
وفي ظل المفترق الدولي الحالي، أصبحت احتياطيات الغاز غير المستغلة إلى حد كبير في شرق المتوسط، محل اهتمام متزايد من أوروبا أيضًا، لأنها قد تساعد في تخفيف أزمة الطاقة في أوروبا.
وفيما يلي تعليقات خبراء المركز الإيطالي للدراسات السياسية على آخر التطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط.
هل سيفتح الاتفاق الإسرائيلي اللبناني آفاقاً جديدة للطاقة؟
يعد اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان صيغة مربحة لجميع الأطراف المعنية. على المدى القصير، ستحصل إسرائيل على بعض الضمانات الأمنية فيما يتعلق باحتياطيات الغاز الموجودة لديها، في حين سيكسب لبنان إمكانية تحقيق إيرادات كبيرة بمجرد اكتشاف احتياطات الغاز في المنطقة.
وفضلا عن ذلك ذلك، تُلزم هذه الصفقة لبنان بالاعتراف الفعلي بوجود إسرائيل رسميًا، وبالتالي التعاون معها أيضًا.
وعلى المدى الطويل، كلما زاد عدد الشركات التي تأتي إلى المنطقة للبحث عن الغاز وزادت اكتشافات الغاز، فإن مصالح الجميع تتعزز. ولا يمكن لأي من البلدين بمفرده تبرير إنشاء خط أنابيب رئيسي من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، أو بناء مصنع جديد للغاز الطبيعي المسال، لكن بمشاركة الطرفين يمكن تطوير مثل هذه المشاريع. ف
وي الواقع، يتعين على جميع الأطراف أن تظهر للمجتمع الدولي أنها تستطيع التوصل إلى حلول وسط، وكذلك التعاون بشأن المصالح المالية المشتركة.
"إيلاي ريتيج" - أستاذ مساعد في جامعة "بار إيلان" في إسرائيل
إسرائيل تحصل على مكاسب اقتصادية وأمنية من الصفقة مع لبنان
تعد الصفقة بين إسرائيل ولبنان علامة فارقة في العلاقات بين البلدين. ومثل العديد من الاتفاقيات الأخرى في الشرق الأوسط، أدت برجماتية الطرفين إلى إبرام تلك الصفقة.
في الواقع، اتفق الطرفان على مثل هذه الصفقة بسبب المصالح الاقتصادية المتقاربة مع تصور نافذة الفرص المحدودة.
ومن وجهة نظر إسرائيل، تعني الاتفاقية زيادة المكاسب الاقتصادية مع تعزيز مصالحها الأمنية. في الواقع، يعد منح لبنان حق الوصول إلى موارد الغاز ثمنا معقولا مقابل تعزيز مصالح إسرائيل على مستويات متعددة.
أولاً، من المرجح أن يتم تعزيز أمن الحدود والعلاقات بين البلدين؛ ثانيًا، من المتوقع أيضًا أن تتعارض هذه الصفقة مع المصالح الإيرانية داخل المنطقة.
وقبل كل شيء، يساعد الاتفاق إسرائيل على تجنب جولة جديدة من المواجهة مع "حزب الله"، وهو التهديد الذي يلوح في الأفق منذ فترة.
"آنا ماريا باجيني" - باحثة في الجامعة العبرية.
صفقة الغاز هدية سياسية للطبقة الحاكمة في لبنان
يعد اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان حدثا تاريخيا بالتأكيد، وسيمثل عاملا من عوامل الاستقرار ويوفر فرصا اقتصادية جديدة لكلا البلدين. لكن يبدو أن إسرائيل حققت ما تريده فيما حصل لبنان علي أشياء تحفظ ماد الوجه.
ونظرًا لأن احتياطات الغاز الطبيعي في القطاع اللبناني لم يتم اكتشافها بعد، فإن المكاسب الاقتصادية للبلاد ما زالت أمرا افتراضيا، لذلك فإن الرابح الحقيقي هو الطبقة السياسية اللبنانية.
ومن خلال التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، حققت الطبقة السياسية عدة مكاسب على المستوى الدولي، بينما حصلت على شيء للتباهي على الصعيد الداخلي.
علاوة على ذلك، إذا تم اكتشاف كميات معتبرة من الغاز الطبيعي بالفعل، فسيكون ذلك بمثابة نافذة إيرادات جديدة بالنسبة للطبقة الحاكمة في لبنان يمكنها استغلالها في تغذية نظام المحسوبية والفساد المستشري.
"ماتيا سيرا" - مساعد باحث، في المعهد الإيطالي
التعاون في مجال الطاقة لن يؤتي ثماره إلا إذا تم دعمه بالحوار السياسي
مع اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعد أزمة الطاقة في أوروبا، تركز النقاش حول احتياطات الطاقة غير المستغلة في شرق البحر المتوسط.
لكن لا يزال من الضروري التوسع في مجال الطاقة المتجددة وإنشاء ممرات نقل جديدة للكهرباء الخضراء والهيدروجين، ضمن خطط "الانتقال الأخضر" بعيدا عن المصادر الهيدروكربونية.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن التوفيق بين الاحتياجات الملحة لأمن الطاقة وهدف "تحول الطاقة" هو مهمة رئيسية تتطلب تحديدًا منهجيًا للأولويات وتخطيطًا طويل الأجل.
وبشكل عام، لن تكفي اعتبارات سياسة الطاقة وحدها لتطوير أشكال جديدة للتعاون الإقليمي مثل منتدى غاز شرق البحر المتوسط.
ومن بين العوامل الأخرى، يجب أيضًا معالجة التوترات المتصاعدة بين تركيا واليونان وقبرص. لذلك، ينبغي أن يكون التعاون الإقليمي في مجال الطاقة مدخلا لمبادرات دبلوماسية أوسع بدعم من الدول التي تجيد فنون الوساطة في النزاعات.
"موريتز راو" - باحث مشارك في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمني
محاولة أنقرة إحباط نظام شرق متوسط جديد مناهض لها
من خلال الاتفاق البحري الذي وقعته تركيا مؤخرًا مع حكومة "الدبيبة" في ليبيا، والذي يأتي بعد اتفاق 2019 بشأن ترسيم الحدود البحرية، تسعى أنقرة إلى تقويض ظهور نظام إقليمي يستبعد تركيا.
ويقود نفس المنطق - جزئيا - سياسة إعادة ضبط علاقات تركيا تجاه منافسيها السابقين، لا سيما مصر وإسرائيل ودول الخليج العربي مثل الإمارات والسعودية. وفي الواقع، يتمثل أحد الأهداف الشاملة وراء التقارب التركي مع مصر وإسرائيل في منع ظهور كتلة إقليمية موحدة ضد تركيا في شرق المتوسط.
بمعنى آخر، تهدف أنقرة إلى فصل إسرائيل ومصر عن اليونان، وبالتالي تحويل أزمة شرق المتوسط إلى أزمة ثنائية بين تركيا واليونان/ قبرص بدلاً من تحولها إلى أزمة متعددة الأطراف بين تركيا ومجموعة من الدول، بما في ذلك مصر وإسرائيل والإمارات واليونان وقبرص.
"غالب دالاي" - زميل أول غير مقيم في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية وزميل مشارك في "تشاتام هاوس"