- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عاصم المصري يكتب: مونديال قطر 22 هل كان أحد المبشرات؟
عاصم المصري يكتب: مونديال قطر 22 هل كان أحد المبشرات؟
- 23 ديسمبر 2022, 7:46:34 ص
- 346
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا شك ان كاس العالم 22 كان مختلف عن كل سابقيه، لم يكن مجرد تناقس كروي محموم وملتهب، وإنما اختلط فيه التنافس الرياضي بالسياسيي بالحضاري. استطاع فيه المختصين بعتقادي تسجيل ارتفاع مستوى الوعي الحضاري عند الشعوب العربية. لم تكن رغبات النصر والانحياز له عبر الفرق المختلفة فقط بسبب حماس كروي انحصر في عالم الرياضة، وانما كان ترجمة لما يجول في النفس والعقل العربي من أماني و رغبات وضعتها في المقدمة الصدمات المتلاحقة التي أحدثتها الأزمات والكوارث المتتالية على الأمة… كل الأمة وما صاحبها من جلد للذات ومن استرجاع لصور مختلفة من إمكانية النجاة وإعادة الاعتبار والوجود لهذه الأمة من خلال اجترار أزمات الماضي ودراسة الحاضر واستشراف المستقبل وتقديم كل ذلك وبإلحاح متواصل عبر المنابر التوجيهية والإصلاحية المختلفة والتي بدورها أعادت استحضار مفهوم الأمة و وحدة مصيرها.
ألوف الساعات من المحاضرات والندوات والتوجيهات المقترحة والتقارير الإعلامية التي تعرض ما نتعرض له من كوارث، وما أصبحنا فيه من محن واخفاقات وكيفية علاجها، كل ذلك ساهم في صناعة تلك الأماني وفي ارتقائها إلى الصفوف المتقدمة من سلم أولويات شعوب المنطقة.
ما قدمته حكومة قطر عبر المونديال تماهت فيه مع نفس الآمال ويصب في نقس التطلعات العربية والمسلمة، وإن نظر له أصحاب نظرية المؤامرة بأنه جزء مندفع في توجهات قطر يستغله النظام العالمي الحديث للتطبيع بشكل تدريجي مع قوانين العالم الحديثة.
( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ):
مقابل ذلك كله استمعنا إلى تصريحات عنصرية من الطرف المقابل، وأقصد الأوروبي تحديداً، منها ما انتشر على لسان رئيس الفيفا السابق بلاتر بتصريحه الفظ غير اللائق بأن قبول استضافة قطر للمونديال كان "غلطة" وأن قطر دولة صغيرة وتنظيم كأس العالم حدث أكبر منها.
إلى تصريحات وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، التي قالت فيه باستعلاء يدل على غطرسة وانعدام التسامح كمفردة في قاموس أخلاقها جعلها هي الأخرى تخرج عن اللباقة الدبلوماسية والتي كادت أن تسبب أزمة بين دولتها و قطر حين صرحت بأنه "من الأفضل عدم منح شرف تنظيم البطولات لدول كهذه"
إصرار برلمانيين من سبع دول تابعة للاتحاد الأوروبي على التواجد في المونديال بشارة المثليين على أذرعهم يحسب في داخل نفس الخانة، لولا تدخل إدارة الفيفا وضغوطها عليهم والتي جعلتهم يعدلوا عن تصرفهم.
المرشح الفرنسي السابق للرئاسة إريك زمور والذي عرف بعنصريته حين وصف ما سيحصل مساء لقاء منتخب المغرب مع فرنسا بـ"الأمر المخيف للشرطة"، متسائلًا "أود أن أعرف كيف سيكون ردّ فعل ملك المغرب والمغاربة إذا احتفل الآلاف من الفرنسيين بانتصارهم في مراكش؟".
وحين تعرف بأن أريك زامور يهودياً من أصول جزائرية، تستغرب من جرأته على المهاجرين المغاربة وتتأكد بأن الكراهية والعدائية وانعدام التسامح يكون الأشد ضد العرب المسلمين تحديداً،
وأن العنصريين الفرنسيين المختلفين في دياناتهم و أعراقهم تتلاشى بينهم الفروق حين يكون الفرنسي المقابل لهم من ملة الإسلام، حيث يعتبرونه جميعاً الخصم الأشرس.
هنا حين ننحاز للأرجنتين ضد فرنسا، وحين لا نتمنى الفوز لفرنسا، الفوز بكأس العالم، نتهم بالتعصب، في حين أنه أمر طبيعي عندما نتعامل مع من يتعمد اهانة مقدساتنا ولا يتسامح مع ثقافتنا، من الطبيعي أن لا نتسامح مع من لا يتسامح مع قطعة قماش فوق رأس فتاة في بلده، اختارتها التزاما منها بمبادئ تؤمن بها، او مع من لا يتسامح مع مصطلح أو عبارة توضع على مدخل بعض مطاعم ومحلات اللحوم في بلاده يشير إلى أسلوب معين في تحضير الطعام،
إن كأس العالم قي نسخته القطرية ألمحَ للحصيف المنصف من هو صاحب المبادئ والقيم الأجدر بقيادة العالم، وما هي القوانبن الأصلح لحفظ البشرية، حفظ بنائها الأسرى والمجتمعي ، حفظ نسلها وأنسابها، حفظ صحتها العامة وأمنها الوجودي بصوره المختلفة.
كأس عالم قطر كان تمايزاً حضارياً بامتياز.
طرح فيه بشكل غير مباشر أحد أهم المناهج التي تحمل حلولاً لمشاكل العالم المختلفة.