- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عبر الإمارات وقطر.. إيطاليا تحاول إعادة التموضع في الخليج وتحديان يهددان مساعيها
عبر الإمارات وقطر.. إيطاليا تحاول إعادة التموضع في الخليج وتحديان يهددان مساعيها
- 16 أبريل 2023, 2:48:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رصد تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" ما وصفته بـ"موجة النشاط الدبلوماسي الموجه لإحياء شراكات إيطاليا الخارجية" على يد جيورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية، التي تطمع لإرساء أسس جديدة وثابتة للتعاون بين روما ومنطقة الشرق الأوسط، لاسيما الخليج، بعد فترات من التوتر وفقدان البوصلة بسبب التقلبات السياسية الإيطالية.
إيطاليا ودول الخليج
ويقول التحليل، إنه بفضل نهجها الاقتصادي المنفتح والبصمة العسكرية الإقليمية المعتدلة، تتمتع إيطاليا بسمعة طيبة نسبيًا بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ومع ذلك، فقد كافحت روما في كثير من الأحيان للاستفادة من هذه العلاقات مع دول الخليج لزيادة نفوذها.
ويمكن إرجاع المشكلة الأساسية لإيطاليا في هذا الإطار إلى مشهدها السياسي الداخلي المتقلب.
ففي بعض الحالات، تسببت الحكومات قصيرة العمر والتغييرات المفاجئة في القيادة في انفصال حاد بين الأجندة السياسية لروما والأولويات الإستراتيجية لمجموعات الأعمال الإيطالية العاملة في المنطقة، مما أدى إلى تدهور جدارة إيطاليا بالثقة في نظر الشركاء الخليجيين، وفق التحليل.
العلاقات الإيطالية الإماراتية
وبينما تبرز الإمارات بين دول مجلس التعاون الخليجي كأول شريك تجاري لإيطاليا - بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 7.4 مليار يورو (7.9 مليار دولار) في عام 2022، ووصلت العلاقات الثنائية بين روما وأبوظبي إلى مستويات مرضية للجانبين.
لكن فى السنوات الاخيرة، أسهمت العائدات الاقتصادية الضعيفة التي جنتها الاستثمارات الإماراتية في الشركات الإيطالية، مثل شراكة "الاتحاد للطيران" مع "أليطاليا" واستحواذ شركة "مبادلة"، ذراع صندوق أبوظبي السيادي، على "بياجيو إيروسبيس" لصناعة الطائرات، في تدهور العلاقات الدبلوماسية بين روما وأبوظبي.
لكن العلاقات وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في عام 2021، عندما اعترضت حكومة إيطالية بقيادة تحالف من أحزاب يسارية وشعبية على بيع ذخائر وصواريخ للإمارات.
وأثار حظر الأسلحة ردة فعل قاسية من قبل أبوظبي التي ردت بإخلاء الأصول الجوية الإيطالية والأفراد المتمركزين في قاعدة المنهاد الجوية، ومنع مرور طائرة شحن عسكرية إيطالية إلى أفغانستان عبر المجال الجوي الإماراتي.
وبعد سنوات من العلاقات المتوترة، بذلت حكومة ميلوني جهودًا مجدية لتخفيف التوترات مع الإمارات.
وفي 7 فبراير/شباط 2023، سافر وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو إلى أبوظبي، حيث التقى بنظيره الإماراتي محمد أحمد البواردي لاستكشاف سبل جديدة للتعاون في قطاعي الدفاع والأمن.
كما أجرى كروسيتو محادثات مع الأمين العام لمجلس التوازن الاقتصادي، المختص بمشتريات الأسلحة في الإمارات، طارق عبدالرحيم الحوسني، لبحث فرص العمل بين وكالة المشتريات التابعة للقوات المسلحة الإماراتية وشركات الدفاع الإيطالية.
وتوج الحراك بزياة في أوائل مارس/آذار لرئيسة الوزراء الإيطالية ميلوني، ووزير الخارجية أنطونيو تاجاني إلى أبوظبي.
ويرى التحليل أن عدد وطبيعة الاتفاقات التي توصل إليها الوفد الإيطالي رفيع المستوى في أبو ظبي تتحدث عن رغبة روما في إعادة العلاقات مع أبوظبي إلى مسارها الصحيح.
أولاً، اتفقت ميلوني ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، على الارتقاء بالعلاقة الإيطالية الإماراتية إلى "شراكة استراتيجية"، مؤكدين على أهمية التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي كمجالات ذات اهتمام إستراتيجي مشترك.
ثانيًا، وقع وزير الخارجية الإيطالي تاجاني وسلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، والرئيس المعين لمؤتمر COP28 ، إعلان نية لتعزيز المشاركة المدفوعة بالعمل المناخي.
أخيرًا، وقعت "أدنوك" و"إيني" مذكرة تفاهم لتوسيع التعاون السليم بالفعل بين العملاقين الهيدروكربونيين إلى مجال انتقال الطاقة، مع التركيز على الحد من الانبعاثات، وحلول احتجاز الكربون، وتعزيز الهيدروجين كمصدر وقود نظيف.
ويقول التحليل إنه في حين أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت أحدث جهود إيطاليا لإصلاح العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة ستكون كافية لوضع ضغائن الماضي وراءها ، فقد بدأ بالفعل الجو الإيجابي الذي أوجدته البعثات الدبلوماسية الأخيرة في تحقيق نتائج واعدة.
على سبيل المثال، وخلال معرض الدفاع الدولي "آيدكس IDEX" في أبوظبي في فبراير/شباط الماضي، وقع كبار مديري Fincantieri - شركة بناء السفن الإيطالية - وشركة أبوظبي لبناء السفن اتفاقية لتعزيز التعاون في "التصميم والبناء وإدارة الأسطول العسكري" والسفن التجارية".
العلاقات الإيطالية القطرية
وداخل دول مجلس التعاون الخليجي، كانت قطر هي دولة أخرى سعت إيطاليا لبناء شراكة قوية معها.
وكان التعاون في مجالي الطاقة والدفاع تاريخيًا المحرك الرئيسي لانخراط روما مع الدوحة، وكانت التجارب الإيجابية والمربحة لفرص الأعمال المشتركة مفيدة في خلق مناخ من الثقة المتبادلة ورعاية العلاقات الدبلوماسية الودية بين البلدين.
وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وصل التعاون في مجال الطاقة بين إيطاليا وقطر إلى آفاق جديدة، حيث أكملت شركتي "إيني" و"قطر للطاقة" اتفاقية شراكة في منتصف يونيو/حزيران 2022 وتم تأسيس شركة مشتركة جديدة لبدء استخراج الغاز في مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.
ولا تقتصر شراكة الطاقة بين روما والدوحة على منطقة الخليج، بل تمتد إلى المكسيك وموزمبيق والمغرب ومؤخراً إلى شرق البحر المتوسط.
في الواقع، دخلت "إيني" و"قطر للطاقة" - جنبًا إلى جنب مع شركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال إنرجي" – في اتفاقية جديدة لنقل حصة 30% في منطقتين للتنقيب البحري في لبنان إلى شركة الطاقة القطرية العملاقة اعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2023.
ومع إطلاق قطر سفينتها البرمائية الجديدة "فلك" في حوض بناء السفن التابع لشركة Fincantieri في باليرمو في يناير 2023، فإن التعاون الدفاعي الثنائي يقف على أرض صلبة، يقول التحليل.
تم إطلاق السفينة الجديدة بحضور وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية ونظيره الإيطالي كروسيتو، وهي عبارة عن منصة هبوط بطول 143 مترًا ومجهزة بأحدث التقنيات وأنظمة القتال البحرية.
والسفينة الحربية "الفلك" هي السادسة من مجموعة من سبع سفن سطحية سلمتها Fincantieri إلى وزارة الدفاع القطرية كجزء من صفقة تقارب 4 مليارات يورو تم توقيعها في عام 2016.
وفي أعقاب الحوار الاستراتيجي بين إيطاليا وقطر، الذي افتتح العام الماضي، قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة إلى روما في فبراير/شباط 2023 لإجراء جولة ثانية من المحادثات، ضمت الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا ، ووزير الخارجية تاجاني والدفاع كروسيتو.
ويشير الاجتماع رفيع المستوى إلى العلاقة القوية التي تربط البلدين.
تحديات تواجه روما
ومع وجود حكومة جديدة مدعومة بأغلبية برلمانية قوية في روما، فتحت فرصة لإيطاليا للانخراط بشكل أكثر حزمًا في الشرق الأوسط الكبير.
لكن التحليل يحذر بأنه مع ذلك، تظل طموحات ميلوني للعب دور أكثر نشاطًا على المسرح العالمي عرضة لنفس نقاط الضعف الداخلية والخارجية التي قوضت الحكومات السابقة، وأبرزها التقلبات المفاجئة في السياسة الداخلية المضطربة في إيطاليا والافتقار إلى استراتيجية مستقبلية للسياسة الخارجية.
ويختتم التحليل بالقول: "في النهاية، يجب على الحكومة الإيطالية الاستفادة من الزخم الجديد لإعادة بناء الثقة بين الجهات الفاعلة الإقليمية وتعزيز صورة إيطاليا كشريك جدير بالثقة في القطاعات الحيوية مثل الأمن وانتقال الطاقة".
ويردف: "وفي هذا الصدد، ستثبت مجموعات الأعمال الكبرى أنها أصول ضخمة، حيث تم تكليفها منذ فترة طويلة بنسج علاقات مثمرة مع الشركاء الإقليميين عندما كانت الحكومة الإيطالية غير قادرة - أو غير راغبة - في لعب هذا الدور الحاسم".