عبود مصطفى عبود.. قراءة في رواية الأرامل

profile
عبود مصطفى عبود كاتب وناشر
  • clock 5 أبريل 2021, 9:28:39 م
  • eye 1243
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الأرامل يواجهن القمع

------------

نحن أمام تحفة فنية وعمل متميز بكل المقاييس، الأرامل رواية للكاتب المسرحي والأكاديمي والناشط السياسي آريل دورفمان، الذي ولد في مدينة بوينس آيرس في ٦ مايو من عام ١٩٤٦.

عمل دورفمان مستشارا ثقافيا للرئيس سلفادور الليندي من عام ١٩٧٠ إلى عام ١٩٧٣، حيث أجبر على مغادرة تشيلي بعد إنقلاب بيونشية ووفاة الرئيس الليندي.

أقام دورفمان في باريس وأمستردام ثم انتهى به المقام في واشنطن وحصل على الجنسية الأمريكية في ٢٠٠٤.

لماذا كتب دورفمان رواية الأرامل وهو كاتب مسرح في الأساس؟ ولماذا فكر في نشرها باسم مستعار؟

يقول دورفمان: كنت قد عزمت على نشر هذه الرواية تحت اسم آخر، وكنت أبغي بذلك أن أخفي أباها الحقيقي، ولم يكن ذلك بسبب الخجل من الابن، وإنما لأن الكتب التي تحمل اسمي لم تكن قادرة على الانتشار في تشيلي والبلدان الأخرى في أمريكا الجنوبية بسبب الديكتاتورية".

ثم يستطرد شارحا أن الرواية تدور حول الاعتقال والاختفاء القسري وقتل المعتقلين والتخلص من جثثهم بإلقائها في النهر حتى تأكله التماسيح فيقول:" ثم أن هناك سببا آخر هو أن الرواية تتحدث عن اختفاء الآلاف من الرجال وبعض النساء على أيدي البوليس السري لتلك الديكتاتوريات أولئك المفقودين الذين لم يحرموا فقط من بيوتهم وأهلهم بل حرموا أيضا من قبورهم".

وهذا هو الخط الرئيسي في بناء الرواية فالبوليس السري للحكم الدكتاتوري كان يعتقل الناس ويتخلص منهم ويلقي بجثثهم في النهر، حدث هذا مع الشخصية الرئيسية في الرواية الجدة العجوز صوفيا أنجيلوس.

فقد اعتقل البوليس والدها وزوجها، ثم تبدأ الأحداث بظهور جثة غريق في النهر، فطالبت بها العجوز على أنها جثة أبيها، وذلك لتدفنها في جنازة تليق بالمتوفى ، فرفض القائد العسكري، فقامت برد فعل مفاجئ وهو اعتصامها أمام مكتب القائد العسكري.

وأمام إصرارها وقدرتها الجبارة على الصبر والانتظار سمح بمقابلتها لكنه رفض أن يسمح لها بدفن الجثة.

عندئذ ظهرت جثة أخرى على شاطئ النهر، فإذا العجوز تطلب دفنها هي الأخرى مدعية أنها جثة زوجها مع العلم أن الجثتين تلاشت ملامحهما بفعل المياه.

رفض القائد العسكري الأمر وتأزمت الأمور وهنا ظهر حاجب القائد وهو في الأصل من قرية العجوز نفسها فأقنع القائد أن يسمح للعجوز بدفن جثة أبيها ففعل القائد وهدأت الأمور.

لكن سرعان ما تفجر الوضع عندما طالبت امرأة أخرى بدفن الجثة الثانية مدعية أنها جثة زوجها، ثم استقر رأي أهل القرية على أن تطالب كل نساء القرية بحق دفن الجثة لأنها تخصها فهي إما لزوجها أو ولدها أو أبيها.

فاجتمع قاضي التحقيق مع سبع وثلاثين أرملة يطالبن جميعا بالجثة مجهولة المعالم.

انتشر الخبر واهتمت الصحف به وفي لقاء عاصف أمام الأرامل أوضحت الجدة العجوز للقائد العسكري، أنهن يردن شيئين: أن تعاد إليهن أجساد رجالهن، وأن ينال القتلة جزاءهم.

اعتبر القائد العسكري مطلب العجوز مؤامرة وأمر باعتقال حفيدها.

لم تستسلم العجوز لضغط القائد العسكري وتوالى طفو الجثث على النهر وتصاعدت الأحداث أكثر وأكثر.

إننا أمام نص روائ بديع في فكرته وبنائه ولغته وما يطرحه من مقاومة لطغيان الحكم الديكتاتوري، ولجرائم الاعتقال والاختفاء القسري والتصفية الجسدية خارج إطار القانون ثم حرمان الأهل حتى من دفن جثث ذويهم.

أدعوكم للاستمتاع بالرواية وتأملها واستخلاص الحكمة منها.

التعليقات (0)