عبود مصطفى عبود يروي بضع سنين ٣

profile
عبود مصطفى عبود كاتب وناشر
  • clock 8 أبريل 2021, 2:08:17 ص
  • eye 925
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في اليوم الثالث لوصولي الطائف ذهبت في الصباح الباكر بعد صلاة الفجر بدقائق معدودة إلى مقر الشركة وكان ملحقا بالمدرسة التي يملكها الكفيل وكانت في شارع شهار خلف بنك سامبا، منطقة هادئة جدا وراقية، وكعادتي بحثت عن سبب تسمية الحي والشارع بهذا الاسم، فوجدت معلومة تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح الطائف أشهر سيفه في هذا الموضع، وأمر أصحابه بذلك فسمي المكان شهارا، طفت بالمدرسة وأعجبني جدا طرازها المعماري وخمنت أنها كانت فيلا ثم تم تحويلها إلى مدرسة، وعاينت مكتبي في الشركة وكان في الدور العلوي في مبنى الإدارة، وتعرفت على أغلب العاملين في المدرسة والشركة من موظفين وعمال، وبينما أجلس في الحديقة إذا برجل في العقد الثالث من عمره، ملتح بدأ الصلع يزحف إلى جبهته العريضة يتجه نحوي باسم الوجه ويقول لي في مودة: "ازيك يا عبود" انتابتني الدهشة كيف يعرفني وهذه أول مرة أراه فيها، لم يمهلني لأساله فبادر قائلا: أنت طبعا مش فاكرني أن دفعتك في دار العلوم، بس مكونتش من أصحابك المقربين علشان كدة مش هتفتكرني لكن أنا فاكرك كويس جدا لأنك كنت من مشاهير الكلية، لكن أحمد عبد الواحد صاحبك يعرفني كويس وكمان ظريف أنا اسمي أحمد عبد الحليم وبشتغل هنا مدرس صفوف أولية، سلمت عليه سلاما يليق بصديق قديم لا برجل أراه  لأول مرة، سألته عن ظريف قال لي إنه لا يعرف عنه شيئا، تحدثنا عن الكلية ونوادر الأساتذة خاصة الدكتور علي الجندي وقفشاته الساخرة داخل المدرج، حان وقت صلاة الظهر، فصلينا جماعة في فناء المدرسة، وما أن فرغت من الصلاة حتى سمعت صوتا مألوفا يناديني، فإذا هو ظريف، احتضنته بلهفة، أصر على دعوتي على الغداء في بيته بحي السلامة، في الطريق أخذ يحدثني عن بعض معالم الطائف، هذا مسجد عبد الله بن العباس أقدم مساجد الطائف، ومنارته هذه أقيمت مكان صنم اللات، وهذا شارع وادي وج أكبر شوارع الطائف وأهمها، يقسمها طوليا إلى نصفين، وهذا مسجد عداس، هنا جلس النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طارده صبية وسفهاء الطائف، وفي هذا المكان جاءه عداس بحبات العنب، وصلنا البيت وتناولنا الغداء وجبة مندي ساخنة من مطعم (هيرمان)، ثم حكى لي بعض تجاربه وخبراته في الطائف وذكر لي أن صديقنا (حسام صلاح ) يعمل مدرسا في المملكة في الشمال، أخبرته عن أحمد عبد الحليم، تذكره بسهولة قائلا أنت لم تكن تعرفه كان من شلة شبرا في الكلية، وأضاف أنه لم يلتق به أبدا في الطائف،أخبرته أنني أشتاق إلى مكة وآداء العمرة، فاصطحبني إلى العنود، اشترينا الإحرام ثم أوصلني بسيارته إلى الفندق وقال سأمر عليك بعد صلاة العشاء لأصطحبك إلى موقف السيارات ومن هناك ستأخذ سيارة إلى الحرم المكي الشريف.

في الليل حضر إلي وعلمني كيف أرتدي الإحرام وزودني ببعض نصائحه الغالية، ثم اصطحبني وزميلي الأستاذ رضا إلى مسجد الملك فهد ومن هناك أخذنا سيارة إلى مكة حيث كان قلبي يخفق بشدة، من روعة الإحساس، ومن جمال جبل الهدا وما يثيره في النفس من شعور بالخوف الممزوج بالسعادة، وصلنا الحرم بعد مضي ساعة تقريبا وخفق القلب بشدة، فها أنا على بعد خطوات من الكعبة الشريفة، ها أنا أتنفس هواء مكة، البلد الحرام الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، مهبط الوحي، البقعة المباركة الطاهرة التي خرج منها نور الإسلام ليبدد ظلام الدنيا، فكيف لقلبي لا يخفق وعيني لا تدمع.

ما زال للحديث بقية إن شاء الله

التعليقات (0)