- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عرض الوساطة مع إثيوبيا.. هل يسرِّع المصالحة بين مصر وتركيا؟
عرض الوساطة مع إثيوبيا.. هل يسرِّع المصالحة بين مصر وتركيا؟
- 12 أبريل 2023, 8:32:51 ص
- 568
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتبرت شهيرة أمين، الزميلة في "المجلس الأطلسي" البحثي الأمريكي، أن العرض التركي للوساطة بين مصر وإثيوبيا في نزاع سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل "قد يكون بمثابة غصن زيتون يمكنه تسريع عملية المصالحة بين أنقرة والقاهرة" بعد قطيعة دامت سنوات.
وفي 20 مارس/ آذار الماضي وعقب زيارته للقاهرة، أعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن استعداد بلاده للتدخل في نزاع السد الإثيوبي لـ"تقديم الدعم اللازم، في حال كانت هناك حاجة لا سيما فيما يتعلق بالوساطة"، مشيرا إلى أن "تركيا تربطها علاقات جيدة مع إثيوبيا والسودان أيضا".
وتخشى دولتا مصب نهر النيل، مصر والسودان، من أن يؤثر السد الإثيوبي سلبا على حصتهما السنوية من مياه النهر ومنشآتهما المائية، بينما تقول إثيوبيا إن السد مهم لجهود التنمية وإنها لا تستهدف الإضرار بأي طرف آخر.
وأضافت شهيرة، في تقرير أن "الالتزام الجاد (من جانب أنقرة) بجهود الوساطة بين دولتي حوض نهر النيل قد يؤدي إلى تهدئة مخاوف القاهرة بشأن توسيع العلاقات التركية مع إثيوبيا، وخصوصا عبر بيع طائرات مسلحة تركية بدون طيار إلى أديس أبابا، وهو ما تخشى القاهرة والولايات المتحدة أن تستخدمه الحكومة الإثيوبية ضد قوات المتمردين في (إقليم) تيغراي (شمال)".
القاهرة أقل حماسا
و"على الرغم من أن وسائل الإعلام المصرية رحبت بالعصر الجديد في العلاقات المصرية التركية، إلا أنه يبدو أن القاهرة أقل حماسا من أنقرة لإعادة العلاقات الدبلوماسية وتتحرك بحذر"، وفقا لشهيرة.
وتابعت: "وهكذا مع الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها في منتصف مايو (أيار المقبل)، تفضل القيادة المصرية الانتظار إلى ما بعد الانتخابات التركية للمضي قدما في التطبيع".
ولفتت إلى أن "العلاقات بين البلدين توترت عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي ينحدر من جماعة الإخوان المسلمين، الحركة التي صنفتها القاهرة في ذلك العام على أنها منظمة إرهابية".
واستطردت: "أُطيح بمرسي، الحليف الأيديولوجي الرئيسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، من جانب احتجاجات جماهيرية مدعومة من الجيش، وأدانها السياسيون الأتراك باعتبارها انقلابا.. ومن تلك النقطة تحديدا، تدهورت العلاقات بين القاهرة وأنقرة، واستمر الجانبان في تبادل تبادل الاتهامات".
علاقات اقتصادية قوية
لكن "لم تؤثر الأزمة السياسية على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتركيا، والتي ظلت قوية طوال العقد الماضي"، بحسب شهيرة.
وأضافت أن "فصل تبادلاتهما الاقتصادية عن نزاعهما السياسي أثبت أنه مفيد للطرفين، إذ بلغت الاستثمارات التركية في مصر نحو 2.5 مليار دولار في 2021، وتضاعف حجم التجارة بين البلدين ثلاث مرات تقريبا بين 2007 و2020 ليصل إلى 11.4 مليار دولار في 2020".
وأردفت: "وواصلت الشركات التركية، عبر قطاعات منها الإلكترونيات والمنسوجات والإمدادات الطبية، عملياتها في جميع أنحاء مصر دون عوائق بسبب الخلاف الدبلوماسي، وتوجد توقعات بأن الدفء في العلاقات سينعكس إيجابا على اقتصادات البلدين المتعثرة عبر تعزيز التجارة والاستثمارات بشكل أكبر".
الإخوان والنزاع الليبي
على الجانب السياسي، وفقا لشهيرة، اشترط وزير الخارجية المصري سامح شكري استئناف العلاقات مع تركيا بـ"إجراءات حقيقية تُظهر توافق تركيا مع مبادئ مصر وأهدافها".
وتابعت أن "القاهرة تود أن ترى السلطات التركية تضيق الخناق على أعضاء جماعة الإخوان في المنفى وأنصارها المقيمين في تركيا وتسليم الهاربين المتهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الدولة المصرية، كما تريد إغلاق القنوات الإعلامية التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها وتنتقد بشدة الحكومة المصرية".
و"من وجهة نظر القاهرة، اتخذت أنقرة خطوات لإظهار جديتها في التقارب، ففي مارس (آذار) 2021، حث المسؤولون الأتراك قنوات المعارضة المعادية على تخفيف حدة انتقاداتها للرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)"، كما أضافت شهيرة.
وأفادت بأن "الشرط المسبق الآخر الذي وضعته القاهرة لتطبيع العلاقات هو عدم تدخل تركيا في الشؤون الداخلية الليبية، حيث تصر القاهرة على انسحاب الميليشيات السورية المدعومة من أنقرة من ليبيا (الجارة الغربية لمصر) والتي تعتبرها القاهرة تهديدا".
وتابعت أنه "في حين أنه من المستبعد جدا أن تستجيب أنقرة لهذا المطلب، فقد يتم التوصل إلى نوع من التسوية، مثل المحافظة على المستشارين العسكريين الأتراك الذين تم إرسالهم إلى ليبيا بأمر من حكومة الوفاق الوطني السابقة أثناء سحب القوات السورية التي تصفها القاهرة بالميليشيات المتطرفة".
وزادت بأن "استعداد مصر لحكومة الوحدة الجديدة بطرابلس، بعد سنوات من دعمها للقوات المعارضة بقيادة أمير الحرب (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر، قد يمهد الطريق لمحادثات مستقبلية مع ليبيا وتركيا لنزع فتيل التوترات بشأن وجود القوات الأجنبية".
الحدود البحرية
هناك أيضا، بحسب شهيرة، "حاجة إلى محادثات متعددة الأطراف لتهدئة التوترات الإقليمية الملتهبة على الحدود البحرية (البحر المتوسط)، فاتفاق أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مع حكومة الوحدة في ليبيا يسمح لتركيا بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة اقتصادية خالصة قبالة الساحل الليبي، مما أثار احتجاجات من القاهرة وأثينا وحكومات إقليمية أخرى اعتبرت الاتفاق غير قانوني".
وأضافت أن حكومة الوحدة الوطنية، ومقرها طرابلس، شعرت بالاستياء من "الخطوة الجريئة التي اتخذتها مصر في كانون الأول (ديسمبر) 2022 من خلال ترسيم حدودها البحرية من جانب واحد مع ليبيا. وقال محللون إن القرار "يهدف إلى حماية مصالح مصر الاقتصادية".
كما اعتبرت شهيرة أنه "من الأفضل لتركيا كسب منافسيها الإقليميين بالانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط أو على الأقل من خلال الانخراط مع أعضائه، وهي خطوة حاسمة نحو تسوية خلافاتها مع اليونان والقبارصة اليونانيين".
وهذا المنتدى أُعلن تأسيسه مطلع 2019، ويوجد مقره في القاهرة، ويضم مصر واليونان وإيطاليا وفرنسا وقبرص الرومية وإسرائيل والأردن وفلسطين.
وختمت شهيرة بأنه "يجب على تركيا طي صفحة الخصومات السابقة وسعيها إلى النفوذ الإقليمي، وأن تبني بدلا عن ذلك على علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية العميقة الجذور مع مصر والتراث التاريخي المشترك لبدء حقبة جديدة من التعاون المثمر في مصلحة البلدين والمنطقة".