عزات جمال يكتب: برعاية أمريكية قمة أمنية في العقبة تستهدف المقاومة

profile
عزات جمال كاتب فلسطيني
  • clock 25 فبراير 2023, 10:37:12 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تأتي قمة العقبة الأمنية التي أعلن عن عقدها الأحد 2023_2_28 كثمرة للجهود الأمريكية التي بذلتها إدارة الرئيس الأمريكي بايدن في المنطقة، وخاصة في ما يتعلق بالملف الأمني والذي يتلخص في السعي لمنع تصاعد المقاومة خاصة في عموم الضفة، إضافة لما يتسرب من معلومات عن الاهتمام الأمريكي بمرحلة ما بعد رئيس السلطة محمود عباس


يذكر بأن بيان عرين الأسود الصادر بتاريخ 2023_2_23 قد كشف عن جهود تقودها شخصية فلسطينية؛ يقدم نفسه للإدارة الأمريكية والاحتلال شريك يمكن الوثوق به كبديل عن رئيس السلطة محمود عباس، وبأنه قادر على محاربة المقاومة، وقد خاطبه العرين في بيانه بأنه واهم إذا اعتقد أن المقاومة في الضفة ممكن أن يتم اقتلاعها أو القضاء عليها فهي متجذرة ومتصاعدة

يذكر بأن المنطقة شهدت عدة زيارات لكل من وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن و مساعدته باربرا ليف والتي بدورها هي الأخرى عقدت عدة زيارات واجتماعات في المنطقة سواء مع رئيس السلطة محمود عباس أو  أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ أو الإجتماعات التي عقدتها مع مسؤولي كيان الاحتلال وعدد من المسؤولين العرب، هذا إلى جانب زيارات شخصيات فلسطينية للولايات المتحدة، سواء ما تسرب حول زيارة مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج أو حتى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، الذي زارها كأول مسؤول فلسطيني بعد قطيعة دامت لمدة 5 سنوات، وقد إلتقى الشيخ في زيارته كل من مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن

بالعودة لكل هذه اللقاءات والجهود نستطيع فهم طبيعة توجه السلطة الفلسطينية بالامتناع عن تقديم مشروع قرار إدانة الاستيطان أمام مجلس الأمن، أو إلتزام السلطة الفلسطينية بمسار التعاون الأمني الذي ترعاه الولايات المتحدة في المنطقة عكس ما قد أعلنته مرارا عن وقفها للتعاون الأمني مع الاحتلال


مما سبق يتضح بأن قمة العقبة تأتي ضمن هذه الجهود واللقاءات التي لم تتوقف، إضافة لإنزعاج الإدارة الأمريكية والاحتلال الكبير من إستمرار وجود المقاومة وتعاظم الإحتضان الشعبي لها في مدن الضفة وخاصة جنين ونابلس، مع فشل كل من الاحتلال والسلطة في القضاء عليها أو إحتواءها رغم كل الجهود التي يبذلونها في سبيل تحقيق أي منهما، حتى باتت تهدد أمن واستقرار الاحتلال ومستوطنيه الذين فقدوا الشعور بالأمن


فباتت الخشية من تحول المقاومة  في نابلس وجنين تحديدا لحالة إلهام لمدن وقرى ومخيمات الضفة، التي ترى في نموذجي عرين الأسود وكتيبة جنين نماذج تستحق التقدير والتقليد، وهذا يزيد من إشتعال الثورة المتصاعدة أصلا


خاصة مع توجه سكان القدس نحو تصعيد المواجهة مع الاحتلال الذي يستهدف إسلامية المسجد الأقصى باعتداءات غير مسبوقة، ويستهدف سكان مدينة القدس بمضاعفة حملات الهدم والتهجير التي تستهدف بيوت المقدسيين


إلا أن الشعور بالفشل في القضاء على المقاومة في الضفة ظل هو المحرك لكل الأطراف؛ رغم حرب الاحتلال على المقاومة التي لم تتوقف، فقد نفذ الاحتلال منذ بداية العام 2023 ثلاث مجازر دموية في الضفة الغربية لوحدها، جاءت تباعا في جنين ومخيم عقبة جبر في مدينة أريحا وآخرها مجزرة مدينة نابلس، إضافة للإعدامات الميدانية والقتل على الحواجز، حيث كان حصيلة كل ذلك إرتقاء 61 شهيد منذ بداية هذا العام

فعلى النقيض لم يزد عدوان الاحتلال وإجرامه وساديته المعهودة شعبنا إلا إيمانا بجدوى المقاومة، أمام تصاعد الجرائم التي تستهدف وجودنا الفلسطيني على هذه الأرض، وأمام صمود شعبنا وتشكيله حاضنة شعبية تدعم وتساند تشكيلات المقاومة في الضفة الغربية والقدس، بدأت كل من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال مع السلطة الفلسطينية وبعض دول المنطقة، التداعي لإستحداث خطط جديدة في محاولة لإجهاض هذا التعاظم للمقاومة وإنهاء وجود هذه الحالة، التي باتت تضع الاحتلال في حالة استنزاف حقيقي بسبب استمرارها، خاصة عندما أصبح يضطر ليحشد المزيد والمزيد من القوات الأمنية لمواجهة هجمات الشباب الفلسطيني الثائر التي لا تتوقف ردا على العدوان وتتخذ أشكال مختلفة يستحيل على أي جيش أو أجهزة أمنية أن توقفها


الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية للتفكير برؤية جديدة قادرة على إنهاء حالة المقاومة والثورة المتصاعدة، والتي جاءت عبر منسقها الأمني الجنرال "مايكل فينزل" الذي يشغل دور المنسق الأمريكي الأمني بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية بدلا من الجنرال السابق "كيث دايتون" وقد أطلق على خطته اسم خطة "بينزل" وقد تحدث عنها موقع "اكسيوس" الأمريكي بشئ من التفصيل حيث ذكر بأنها خطة تهدف للقضاء على المقاومة في مدن جنين ونابلس لتمنح السلطة الفلسطينية الحضور والسيطرة

وفي آلية تنفيذ الخطة ذكر الموقع بأنها تقضي بالعمل على تدريب خمسة آلاف عنصر أمن فلسطيني في الأردن، ليكونوا بمثابة قوة خاصة توكل إليها مهمة هزيمة المجموعات المسلحة الفلسطينية بحسب الرؤية الأمريكية لتدعيم سيطرة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وتحدث الموقع الأمريكي بأن الخطة لا تشمل وضع أي إلتزام على الاحتلال ولا تضع حد أو تعهد بإيقاف الاعتداءات والإقتحامات المتكررة، بل جاءت لتلبي حاجة أمنية للاحتلال دون تلبية أي مطلب سياسي   للسلطة الفلسطينية بمنعى آخر استمرار للتنسيق والتعاون الأمني خدمة للاحتلال


لذلك أجد بأن خطورة ما يجري طرحه من رؤية أمريكية في خطة "بينزل" لا يتمثل فقط بإستهداف المقاومة، بل هو ينذر بزج خمسة آلاف عنصر أمن فلسطيني ومن خلفهم أجهزة أمن السلطة ليكونوا في مواجهة شعبهم وأهلهم، فالجماهير التي استجابت لنداء العرين وخرجت في عموم فلسطين لن تسمح بالإستفراد بالمقاومة، وهذا ما يدفع به الاحتلال والإدارة الأمريكية نحو مواجهة فلسطينية فلسطينية خدمة للاحتلال، وللتخفيف عنه لتمكينه من الإستمرار في مشاريع الإستيطان والتهويد ومصادرة المزيد من الأراضي دون أي وجود للمقاومة


من أجل كل ذلك من الواجب على شعبنا وقواه الحية وفصائله، أن يرفضوا كل أشكال التدخل الأمريكي الهادف لدعم الاحتلال في عدوانه على شعبنا، وتشكيل جبهة رفض مساندة للمقاومة وكل رجالها وتشكيلاتها في الضفة، وعلى السلطة أن تعي بأنها الخاسر الأكبر إذا ما قرر الآخرون أن يستخدموها لقتل شعبها ورجال المقاومة، الذين يكن لهم شعبنا كل التقدير والإحترام، وهو مستعد لأن يدافع عنهم ويساندهم بالغالي والنفيس، ولتلتقط رسالة الحشود التي خرجت في كل محافظات فلسطين في الداخل ومخيمات اللجوء في الخارج، ليلا تصدح بالتكبير تلبيةً لنداء عرين الأسود، وإعلانها البيعة لقادة العرين ومجاهديه الذين قرروا مواصلة مسيرة الشهداء والعمل بوصيتهم الخالدة التمسك بالبارودة التي تقاوم الاحتلال.

كلمات دليلية
التعليقات (0)