- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عزات جمال يكتب: هل أوصل ظهور "منغستو" ما أراده القسام؟
عزات جمال يكتب: هل أوصل ظهور "منغستو" ما أراده القسام؟
- 19 يناير 2023, 6:28:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لمحاولة الإجابة على هذا السؤال لابد من الوقوف أمام مجموعة من الحقائق، والتي يجب أن نستحضرها قبيل الحديث حول وصول الرسالة التي أرادها القسام من خلال المقطع المصور الذي بثه للجندي الأسير في غزة "أبيرا منغيستو" و الذي سأل فيه حكومته إلى متى سيبقى في الأسر هو ورفاقه؟!
وهنا سأحاول سرد هذه الحقائق التي أرى من المهم التوقف عندها، قبيل أي عملية قراءة أو تحليل، وهي تأتي على النحو الآتي:-
١- ملف جنود الاحتلال الأسرى يعد من أهم الملفات التي يديرها القسام، حيث أنه يفرض سرية عالية على كل التفاصيل المتعلقة به، عملاً بالمعادلة التي نجح في تثبيتها "المعلومة بثمن" وما سمح بنشره من معلومات، يخدم رؤيته في ممارسة ضغط متصاعد على ذوي الأسرى والمجتمع ودوائر صنع القرار، وهو مدروس بعناية وشئ يسير، من ما يحويه هذا الصندوق الأسود.
٢- لابد من قراءة المقطع المصور الأخير للجندي الأسير "منغستو" ضمن سياق معركة متكاملة، فالقسام يقود معركة تفاوضية غير مباشرة مع الاحتلال من خلال وساطات عدة، وفي العادة مثل هذه المعارك لا تحسم بالضربة القاضية، وإنما تحسم بمراكمة النقاط ضمن معركة صراع الإرادات؛ وقد أكد وجود هذا التفاوض القائد يحيى السنوار خلال كلمته في انطلاقة حماس الخامسة والثلاثين، وقد أعلن بأن الحركة منحت الوسطاء شهرين، وإلا سيتم إغلاق هذا الملف والتوجه نحو خيارات أخرى لاستعادة أسرانا، وقد كشف القسام يومها عن وجود سلاح الضابط الأسير في غزة "هدار جولدن" في حوزته منذ أسره في أغسطس من العام ٢٠١٤ وقد مثل الأمر مفاجأة صادمة لذوي الضابط الأسير والمجتمع الصهيوني الذي علم بذلك من إعلان القسام.
وقد اعترف قائد أركان جيش الاحتلال المنتهية ولايته "كوخافي" بأن مفاوضات إعادة جنوده الأسرى توقفت بسبب تغيرات الحكومة وبأنه فشل كقائد للجيش في إعادتهم لذويهم.
٣- أعتقد قياساً على ما أُعلن عنه في السابق، وخرج للعلن من كواليس مفاوضات صفقة وفاء الأحرار الأولى، وما كان يدور من أحداث وصراع إرادات في الخفاء، وإصرار وثبات على الهدف أبداه وفد حماس المفاوض، في وجه مراوغة الاحتلال ومحاولاته المستميتة لتقليل المكتسبات التي يمكن أن تحصلها المقاومة، أمور يجب أن لا نغفلها أو نسقطها من الحسبان، وألا ننخدع بحرب الاحتلال النفسية التي يحاول التأثير علينا فيها، فكل قدراته وإمكاناته لا يمكن أن تُلغي حقيقة عجزه وفشله في معرفة أي معلومة عن جنوده الأسرى في غزة.
٤- رسائل القسام المختلفة المتعلقة بملف جنود الاحتلال الأسرى، بتقديري هي تخاطب مستويين مهمين، المستوى الأول هم ذوي الجنود الأسرى والمجتمع "الإسرائيلي"، بينما الرسالة الثانية توجهها الكتائب للمستويات العسكرية والأمنية لتقرأ ما بين السطور، ومن خلال الرسالتين تعزز الكتائب يوماً بعد يوم لدى الجهتين المستهدفتين، فرضية تحكمها الحصري في أوراق هذه القضية وأنها القادرة على فرض أجندتها في الزمن الذي تختاره وفي اختيار شكل الرسالة، وأنها لن تحيد عن مطالبها المعلنة لإغلاق الملف.
٥- التجربة أثبتت بأن القسام يمتلك منظومة عمل متكاملة تميزت في إدارة عمليات "الأسر، الاحتفاظ، التفاوض" إضافة لإدارة الحرب النفسية، وقد نجح في تحقيق صفقة تبادل مشرفة وتاريخية.
كل ذلك يجب أن يؤخذ بالاعتبار لأهميته في قراءة سلوك القسام ورسائله، أو لتقدير وقراءة تأثر الاحتلال برسائل القسام في هذا الملف المهم والحساس، وحتى تكون الاستنتاجات قد انطلقت من رؤية واقعية وسليمة تستند على استحضار كل مكونات المشهد، في الملف الذي توليه حماس وجناحها العسكري كتائب القسام أولوية قصوى، وينتظر بشرياته أسرانا وشعبنا على أحر من الجمر.