- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
عز الدين طيطي يكتب: الذكاء الاصطناعي لغير المختصين
عز الدين طيطي يكتب: الذكاء الاصطناعي لغير المختصين
- 20 يوليو 2023, 5:50:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أَصبح الذكاء الاصطناعي (AI) كلمة طَنانة في عالم اليوم المدفوع بالتكنولوجيا، لكن فِهم تعقيداته يمكن أن يكون تَحَدياً، خاصةً لغير الخبراء. في هذه المقالة، نَهدف إلى إزالة الغموض عن الذكاء الاصطناعي وتقديم شرح واضح وسهل لمفاهيمه الأساسية. في النهاية، سيكون لدينا فهم أفضل لماهية الذكاء الاصطناعي، وكيف يعمل، وكيف يؤثر في حياتنا، ما قد يساهم في إطلاق العنان لإمكانيات الذكاء الاصطناعي للجميع.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى تطوير أنظمة الحاسوب، التي يمكنها أداء المهام التي تتطلب ذكاءً بشريا. اللبنة الأساسية لهذه الأنظمة هي مجموعة من العمليات الحسابية المتتالية، التي تسمى خوارزمية، تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات، تقوم باستخراج إشارات مفيدة، وتتعلم منها، وتتخذ قرارات أو تنبؤات بناءً على الأنماط التي تم تعلمها. والذكاء الاصطناعي هو مظلة، تشمل تقنيات مختلفة مثل، التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية ورؤية الحاسوب والروبوتات. أما عن نشأة الذكاء الاصطناعي فيرجِع البعض نشأته الذكاء للعالم والرياضي البريطاني آلان تورنج، الذي وضع حجر الأساس للحواسيب الحديثة والذكاء الاصطناعي أثناء قيامه بفك تشفير الرسائل العسكرية الألمانية المشفرة باستعمال آلة الـ»إنجما» وذلك خلال الحرب العالمية الثانية. إذن، كالكثير من الاختراقات التكنولوجية فإن الحاضنة والظروف التي نشأ فيها الذكاء الاصطناعي هي حاضنة عسكرية حربية. ويَكمُن التعلم الآلي في قلب الذكاء الاصطناعي، وهو مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي تُمَكن الأنظمة من التعلم من البيانات وتحسين أَدائِها، من دون أن تكون مبرمجة بشكل واضح أو مباشر. تتعلم خوارزميات التعلم الآلي بتحويل البيانات (سواء كانت صورا أو نصوصا) الى تمثيل رقمي، ثم تقوم من خلال عمليات حسابية بتحليل التمثيلات الرقمية لإيجاد الأنماط والعلاقات الأكثر تعميما على معظم البيانات. عندما يواجه الذكاء الاصطناعي بيانات جديدة لم يتدرب عليها سابقا، يقوم بعمل تنبؤ، أو قرار بناء على الأنماط التي تعلمها سابقا، فهو بذلك أبعد من البرامج الحاسوبية التقليدية التي تفشل بالتعامل مع البيانات الجديدة، وأقرب للإنسان الذي يقوم باستعمال معرفته المكتسبة سابقا للتعامل مع المواقف الجديدة. هناك أنواع مختلفة من مناهج التعلم الآلي:
التعلم الخاضع للإشراف: في هذا النهج، يتم تدريب نظام الذكاء الاصطناعي على البيانات المصنفة، حيث يتم توفير المدخلات وتصنيفاتها. تتعلم الخوارزمية العلاقة بين المدخلات والتصنيفات، ما يسمح لها بعمل تنبؤات أو تصنيفات دقيقة على البيانات الجديدة غير المسماة. على سبيل المثال، في التشخيص الطبي، يمكن تدريب نظام الذكاء الاصطناعي على مجموعة بيانات من الصور الطبية المصنفة والتشخيصات المقابلة لها مثل صور أشعة سينية لمنطقة الصدر، وما إذا كانت لنساء يعانين من سرطان الثدي أم لا. بمجرد التدريب، يمكن للنموذج أن يتنبأ بدقة بتشخيص الصور الجديدة وتقرير ما إذا كانت المرأة تعاني من سرطان الثدي أم لا.
الذكاء الاصطناعي قابل للتطويع السلبي الهدام، لذلك يعد ضمان تطويره بطريقة أخلاقية ومسؤولة أمرا مهما، لحماية الخصوصية ومعالجة المخاوف بشأن الاستغناء عن الوظائف
التعلم غير الخاضع للإشراف: وفيه، يحلل نظام الذكاء الاصطناعي البيانات غير المصنفة، ويحدد الأنماط أو المجموعات داخل البيانات لتقسيمها إلى مجموعات.. هذا الأسلوب مفيد في العثور على أنماط أو هياكل مخفية في مجموعات البيانات الكبيرة. مثال على التعلم غير الخاضع للإشراف هو تقسيم العملاء، حيث تقوم شركات التجارة الإلكترونية بتحليل سلوك الشراء للعملاء، من دون تصنيفات محددة مسبقاً لتحديد مجموعات العملاء الذين لديهم تفضيلات مماثلة، ما يسمح للشركات بتصميم استراتيجيات التسويق الخاصة بهم لكل شريحة أو قسم بشكل أكثر فعالية.
التعلم المعزز: وهو طريقة مستوحاة من علم النفس والأعصاب، حيث استخدمت لتدريب الأطفال والحيوانات. تتضمن طريقة التعلم هذه تفاعل نظام الذكاء الاصطناعي مع البيئة التي تقوم بدورها بمكافأته، أو عقابه بناء على أدائه، ثم يقوم النظام باستعمال الثواب والعقاب كتغذية راجعة لتحسين أدائه من خلال اتخاذ الإجراءات التي تزيد من المكافآت التي يحظى بها، أو تقلل العقوبات الواقعة عليه. أحد تطبيقات التعلم المعزز هو تدريب الروبوتات المستقلة للتنقل عبر البيئات المعقدة، حيث تتعامل الروبوتات من خلال التجربة والخطأ لتحسين حركاتها وتحقيق أهداف محددة مسبقاً. مثال آخر أكثر شهرة على التعلم المعزز هو تدريب نظام الذكاء الاصطناعي على لعب ألعاب معقدة. يلعب النظام اللعبة عدة مرات، ويتعلم الإجراءات التي تؤدي إلى المكافآت (الفوز باللعبة) وتلك التي تؤدي إلى العقوبات (الخسارة باللعبة). بمرور الوقت، تقوم هذه الأنظمة بتطوير استراتيجيات تعمل على تحسين أدائها وتحقيق درجات أعلى. وهذا ما فعله مهندسو شركة «العقل العميق» التابعة لغوغل عندما دربوا نظام ذكاء اصطناعي على لعبة «جو» وقام بهزيمة بطل العالم في اللعبة في سنة 2016.
الفوائد والتحديات
لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث ثورة في الصناعات، وخلق فرص جديدة وتقديم العديد من الفوائد، مثل أتمتة المهام وتحسين الكفاءة والمساعدة في اتخاذ القرار. لكن على النقيض فإن الذكاء الاصطناعي قابل للتطويع السلبي الهدام، لذلك يعد ضمان تطويره بطريقة أخلاقية ومسؤولة أمرا بالغ الأهمية، لمنع التحيز وحماية الخصوصية ومعالجة المخاوف بشأن الاستغناء عن الوظائف. لذلك تقوم الجهات الناظمة مؤخراً بفرض الشفافية والمساءلة لبناء الثقة في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة
قد يبدو الذكاء الاصطناعي معقدا، لكن في جوهره، يتعلق الأمر بإنشاء أنظمة ذكية تتعلم من البيانات، من خلال فهم كيفية عمل الذكاء الاصطناعي، يمكن لغير الخبراء اكتساب فهم حول إمكاناته وتأثيره في مختلف المجالات، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يعد تعزيز التنمية المسؤولة أمرا حيويا لتسخير فوائده والتصدي للتحديات المرتبطة به.
باحث فلسطيني متخصص بالذكاء الاصطناعي