علي الصالح يكتب: لماذا تؤيد بريطانيا الفصل العنصري الاسرائيلي؟

profile
  • clock 25 مارس 2023, 2:59:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

«نستهل المقال بتهنئة أبناء شعبنا بحلول الشهر الفضيل أعاده الله عليكم وعلينا ونحن جميعا في أحسن الأحوال وما يحمله هذا من معانٍ كبيرة». وبعيدا عن رمضان نبدأ المقال بسؤال بسيط: من فضلكم، هل هناك من هو أكثر فهما ووعيا مني، وأكثر متابعة للوضع الفلسطيني، ليشرح ما هي الانتصارات والإنجازات التي حققناها ـ نحن الفلسطينيين ـ ووفدنا المفاوض إلى لقاء شرم الشيخ الأخير، ومن قبله اجتماع العقبة بعد «مفاوضات عسيرة وشاقة»، كما يقولون، حتى نتلقى التهاني عليها.
الحال كما أراه هو هو لم يتغير، ويجب تذكير من يريدون النسيان بأن مشكلتنا أكثر من مجرد الهدوء في شهر رمضان، وزيارة القدس والصلاة في الأقصى، فهذا الاعتقاد لا يخدم سوى الاحتلال، فمصادرة الأراضي مستمرة، وكذا الجرائم الاستيطانية وأعمال القتل والهدم وتهويد القدس، حتى اقتحامات الأقصى لم تتوقف، وفوق ذلك كله لا حركة على صعيد المسار السياسي. ولكن لا بد من الاعتراف بأن أعمال القتل التي يمارسها جيش الاحتلال خفّت، فبدلا من القتل بالجملة، كما حصل بعد تفاهمات العقبة، أصبح أقل عددا، ولكن الاحتلال لم ولن يسمح بأن يعيش الفلسطينيون حتى في اليوم الأول من رمضان، دون سفك دماء، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن الوفد الفلسطيني المفاوض، اللهم إلا اذا كانت هناك تفاهمات سرية، تسمح بعمليات محدودة، خاصة إذا علمنا أن مفاوضات حول التهدئة بدأت قبل شهرين من لقاء العقبة، وفق ما كشفته قناة 12 العبرية، من خلال اتصالات ولقاءات سرية كان نتنياهو على اطلاع عليها إلى جانب عدد محدود من الشخصيات المقربة منه.

بريطانيا تمعن في ظلمها للشعب الفلسطيني متجاهلة طموحاته الوطنية في التحرر ونيل الاستقلال وإقامة دولته كغيره من شعوب المنطقة

وحسب القناة، فإن لقاء العقبة، كان نتاج تلك الاتصالات والاجتماعات، التي كان أحدها لقاء نتنياهو، مع العاهل الأردني عبدالله الثاني، حيث ناقشا خطة إحلال الهدوء خلال شهر رمضان المبارك، وتضمنت الخطة أيضا أن تتحمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية! مسؤولياتها الكاملة عن إحدى المدن التي تشهد تصعيداً، وتعتقل المشاركين في الهجمات ضد الإسرائيليين، وفي حال نجحت التجربة! سيتم توسيعها لتشمل مدنا أخرى، على أن تقوم إسرائيل بتعزيز قوات الأمن الفلسطينية، ولكن هذه التفاهمات لم تصمد كما أثبتت مجازر الاحتلال بعد العقبة. فمن ذا الذي يضمن أن لا تتراجع سلطات الاحتلال، كما في الماضي القريب، عن تفاهمات شرم الشيخ، ولا يبشر بالخير قول نتنياهو إن هذه التفاهمات، هي فقط للاستهلاك المحلي، أي إلهاء المفاوض الفلسطيني الذي يريد ورقة تين يغطي بها عورات فشله، وما عقبه مباشرة من تصويت الكنيست على قانون العودة إلى مستوطنات الضفة، الأمر الذي لم يتحمله حتى الأمريكيون، ما دفع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إلى نشر بيان «شديد اللهجة» ضد قانون فك الارتباط، الذي أقره الكنيست، وقال «إن القانون لا يتماشى مع التزام إسرائيل بمنع التصعيد، خلال لقاء شرم الشيخ، وهذا التشريع استفزازي بشكل خاص عندما نقترب من شهر رمضان».
وأخيرا أقول «ما فيش فايدة» هم لا يرتدعون لأنه ليس هناك من يردعهم باللغة الوحيدة التي يفهمونها، ونحن لا نتعلم الدرس، إذا افترضنا حسن النية في ذلك. كدت أن أصدق بعد مرور أيام من دون سفك للدماء، أن سلطات الاحتلال ستلتزم هذه المرة بما وقّعت عليه تحت الإشراف الأمريكي، لكن جاءت جريمة تصفية الشاب أمير أبو خديجة من طولكرم في أول أيام رمضان، لتعيد إلينا الوعي الذي كدنا أن نفقده ونحن نحاول أن نصدق من منطلق «لاحق العيّار لباب الدار»، ما يقوله وفد التفاوض الفلسطيني من توصله بعد «مفاوضات عسيرة للغاية» إلى تفاهمات جديدة مع الفريق الإسرائيلي بعد فشل تنفيذ نتائج لقاء العقبة. تفاهمات ستوقف الجرائم الإسرائيلية وستمنع اعتداءات المستوطنين وتدنيسهم لساحات المسجد الأقصى. وجاء سقوط أبو خديجة ليكذب كل الأقاويل حول تفاهمات التهدئة، ونذكر حتى لا ينسى بعضنا أن عدد الشهداء برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية والقدس، منذ بداية 2023بلغ90 شهيدا، منهم 25 استشهدوا في الفترة بين لقائي العقبة وشرم الشيخ الأمنيين.
والحديث عن إعطاء التسهيلات اللازمة للتهدئة، سواء في الضفة أو القدس أو في الأقصى، خلال شهر رمضان وهذا لم يحصل، إذ أن ما يقارب نصف الفلسطينيين لا يستطيعون زيارة القدس والأقصى، وكذا تسريع عمليات الهدم لتهويد المدينة المقدسة، أما من يسمح لهم بزيارة الأقصى فيعانون الأمرين من الإجراءات الأمنية، فلا تصدقوا ما يقوله الإسرائيليون.
وأختتم بالموقف البريطاني من الفصل العنصري الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين وما قالته منظمة العفو الدولية، فبريطانيا، كما يبدو من قراراتها، لا تكفيها أفعالها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، فوعودها الاستعمارية والظالمة ضده على مدى أكثر من مئة عام ومنها وعد بلفور المشؤوم لعام 1917، لا تكفي، فتراها تمعن في ظلمها للشعب الفلسطيني متجاهلة طموحاته الوطنية في التحرر ونيل الاستقلال وإقامة دولته كغيره من شعوب المنطقة. وترفض بريطانيا الاعتراف بمسؤوليتها، وهي التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى ما نحن فيه، وتصر على الإمعان في تحيزها لدولة الاحتلال، التي تمارس سياسة الفصل العنصري، وتواصل أعمال القتل والنهب ضد الشعب الفلسطيني على عينك يا تاجر كما يقول المثل. وتصر بريطانيا على رفض نعت هذه الدولة المارقة بالعنصرية، رغم شبه الإجماع دوليا على وصفها بدولة أبارتهايد. وقدمت مكاتب منظمة العفو الدولية حول العالم عرائض وقعها أكثر من 200000 شخص من174 دولة على الأقل، إلى السلطات الإسرائيلية، تدعوها فيها إلى وضع حد لهدم منازل الفلسطينيين، كخطوة أولى نحو تفكيك نظام الفصل العنصري. وطبقا لبيان صادر عن فرع أمنستي في تل أبيب، ستوجه عريضة المنظمة المعنونة «دمّروا الفصل العنصري، وليس منازل الفلسطينيين»، إلى نتنياهو.. وستُقدَّم هذه التواقيع بمناسبة حلول اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، الذي يحتفل به المجتمع الدولي سنويا إحياءً لذكرى 69 متظاهرا سلميا مُناهضا لنظام الفصل العنصري قُتلوا على أيدي شرطة جنوب افريقيا في21 مارس 1960. وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو: «إنَّ سياسات التخطيط التمييزية التي تنتهجها إسرائيل وهدم منازل الفلسطينيين الممنهج، تُجسد العنصرية الكامنة في قلب نظام الفصل العنصري القاسي. تسعى السلطات الإسرائيلية منذ عقود إلى تحقيق أهدافها الديمغرافية العنصرية الجليّة من خلال طرد الفلسطينيين من منازلهم وتهجيرهم من أراضيهم.
وقالت «العفو الدولية» إن نظام الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان. ويمثل الإخفاق المستمر في محاسبة السلطات الإسرائيلية وصمة عار على ضمير المجتمع الدولي. وأشارت إلى أن مطلب منظمة العفو بوضع حدٍ لهذا الظلم يحظى بدعم 203.410 أشخاص ينتمون إلى بلدان في شتى أنحاء العالم. وتابعت «يُذكّرنا هذا التضامن بأن الأصوات المناهضة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي تزداد ارتفاعا باطراد. ولن نسكت حتى تفكيك هذا النظام ومحاسبة السلطات الإسرائيلية». كما قالت «العفو الدولية» إنه مع انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تدعو المنظمة الدولَ الأعضاء إلى دعم التحركات والقرارات الرامية إلى إنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. ويشمل ذلك تجديد تمويل قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالشركات المتورطة في أنشطة في المستوطنات غير القانونية أو المتعاملة معها. ونشر موقع «ميدل إيست آي» في لندن تقريراً حول رفض بريطانيا وصف إسرائيل بدولة فصل عنصري، في الاتفاقية الأمنية والتجارية والتكنولوجية التي وقعت قبل أيام. كما التزمت بريطانيا بمواجهة «التحيز المعادي لإسرائيل» في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وجاء في التقرير الذي أعده أليكس ماكدونالد، أن بريطانيا التزمت بمعارضة وصف «أبارتهايد» لدى توصيف معاملة إسرائيل للفلسطينيين وكجزء من «شراكة استراتيجية» جديدة بين البلدين. وتعهدت الحكومة البريطانية في الاتفاق، الذي وقع الثلاثاء في لندن مواجهة «التحيز ضد إسرائيل» في المؤسسات الدولية بما فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وتم توقيع الاتفاق قبل زيارة نتنياهو للندن مؤخرا، وزير الخارجية جيمس كليفرلي ونظيره الإسرائيلي إيلي كوهين. وحمل الاتفاق اسم:» خريطة طريق2030 للعلاقات الثنائية البريطانية – الإسرائيلية»، ويهدف في الأساس لتعميق «الروابط الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية» والتعاون لمواجهة «وباء معاداة السامية» والقضايا الجيوسياسية التي تواجه المنطقة بما فيها التأثير الإيراني.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)