- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب : الحرب الأوكرانية واعلام المقاومة ... أزمة محتوى
عماد عفانة يكتب : الحرب الأوكرانية واعلام المقاومة ... أزمة محتوى
- 6 مارس 2022, 11:16:31 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يقولون أحد الفروق بين الاعلام المقاوم وغير المقاوم، يتمثل باختلاف الرسالة الإعلامية...
فإعلام المقاومة على عكس الاعلام التجاري الخبري أو الترفيهي، لا تهمه جدة الخبر بقدر ما يهمه مضمون الخبر ومدى خدمته لأهداف المقاومة التي تسعى الى تعبئة جبهتها الداخلية باتجاهات تخدم المصالح العليا للشعب.
كما يختلف اعلام المقاومة عن الاعلام الخبري في الطريقة التي يتمّ نقل وعرض ونشر المعلومات من خلالها، والتي تختلف تبعا لتنوع وسيلة نقل المعلومات سواء كانت إلكترونيةً أو مرئيةً أو مسموعة أو مكتوبة أو غيرها.
أهداف الإعلام المقاوم تختلف كذلك عن الاعلام الخبري الذي تقع في سلم أولوياته الحاجة للحصول على معلومات، ومعرفة الأخبار والأحداث المختلفة، على عكس الاعلام المقاوم الذي من أولوياته إضافة الى ما سبق كيفية توظيف هذا المحتوى من المعلومات والاخبار بأعلى درجة من الحرفية ليخدم أهداف المقاومة والتي منها التصدي لإعلام العدو، ووسائل الحرب النفسية، ومنع بث الاشاعات، واستبعاد الاخبار والمعلومات التي من شأنها اشاعة روح الإحباط او الفرقة والنزاع.
قد يتضمن اعلام المقاومة شيئا من التسلية والاستمتاع والأمور الترفيهية لجذب القراء أو المشاهدين أو المستمعين، إلا أن اعلام المقاومة يختلف عن الاعلام الخبري في ان عليه ان يترجم اهدافه في التعبئة وحماية ظهر المقاومة وتعبئة الجبهة الداخلية واعلاء القيم والاخلاق على شكل قوالب ترفيهية.
لا يجب ان يقصر اعلام المقاومة في مواكبة أحدث درجات التطوّر التقني والتكنولوجي في مجال الإعلام، للاستفادة في هذا المجال من تسريع وصول المعلومات وجودتها وآلاتها وتقنياتها وغيرها، لضمان متابعة أكبر قدر من المتابعين المستهدفين من رسالة المقاومة الاعلامية.
فإعلام المقاومة الذي يركز على المحتوى أكثر من الشكليات الأخرى التي يركز عليها الاعلام الخبري او الترفيهي، يجب أن يكون بارع في الإعلام الرقمي الذي يعتمد على الفيديوهات والصور، والإعلام الإلكتروني الذي يقوم على المواقع الإلكترونية، والاتّصال الجماهيري الذي يتوجه لجمهور المقاومة في مختلف أماكن تواجده.
واعلام المقاومة في الوقت الذي يحمل فيه الطابع المدني الاجتماعي الذي يركز فيه كذلك على القضايا التي تهم التفاصيل اليومية لحياة الناس لجهة تسهيلها وتيسيرها ورفع الغبن والظلم عنهم، فانه يحمل كذلك الطابع العسكري أو الحربي الذي يركز على نقل الأخبار العسكرية، التي تستهدف تعبئة وتحشيد الشعب خلف المقاومة والاعلاء من قيم التضحية والعطاء، وتشيع روح التكافل والعمل الطوعي.
كما على إعلام المقاومة وهو يعرض لأبز الأحداث العالمية مهما بلغت جدتها أو أهميتها أو درجة الاهتمام الجماهيري بها مثل قضية الغزو الروسي لأوكرانيا، لا يجب ان يغيب عنه أن يضع في سلم أولويات اهتماماته عرض وتسويق الرواية والقضية التي يخدمها، بحيث لا يجعل هذه الاحداث الدولية تطغى على عرض ونقل وتسويق رواية المظلومية التي يتعرض لها شعبنا في كل مكان بالصوت والصورة وعلى مدار الساعة.
بل على العكس فانه يقع على عاتق اعلام المقاومة توظيف هذا الحدث الدولي الهام في تسويق المظلومية الفلسطينية، وفي بيان ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا التحرر وحقوق الانسان بين قضيتي فلسطين وأوكرانيا، الأمر الذي فضحته طريقة التعامل مع المهاجرين الأوكرانيون، كما في طريقة تعامل الدول الغربية مع الغزو الروسي لأوكرانيا خلافا لتعاملها مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
وقد وفر عدد من النواب الأوروبيون مادة دسمة تسندها كثير من المواد المصورة للتعامل مع المهاجرين على الحدود، لخدمة بيان ازدواجية المعايير في تعامل العالم الغربي مع القضية الفلسطينية، وفضح شعاراتهم الكاذبة عن الديمقراطية وحقوق الانسان، وتعرية قيمهم العنصرية في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين.
ما لم يحافظ اعلام المقاومة على شخصيته المختلفة عن الاعلام الخبري او الترفيهي، وما لم يهتم بالمحتوى اكثر من الشكل، وما لم يطور قوالب العرض والتسويق، وما لم يبرع ويتفوق في مجال الاعلام الرقمي، لناحية ضمان اكبر عدد من المتابعين لروايته والمحتوى الذي يعرضه، فان وسائل الاعلام الأخرى ستتقدم عليه برسالتها التي لا تخدم اهدافه، وبوسائلها الأكثر تنوعا، لتترك اعلام المقاومة في الخلف، تارة يلهث خلف التقليد، وتارة يلهث خلف الحداثة والجدة والاهمية للأخبار على حساب أولوياته الخبرية التي تخدم قضيته، تماما كما حدث ولاحظنا مؤخرا وكالات أنباء تابعة للمقاومة، بل والصفحات الشخصية لرؤساء تحريرها وكيف سقطت في هذا الشرك.