- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب: تركيا وإدانة المقاومة الفلسطينية ... مبررات انتخابية أم مبدأية.
عماد عفانة يكتب: تركيا وإدانة المقاومة الفلسطينية ... مبررات انتخابية أم مبدأية.
- 29 يناير 2023, 12:13:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بالاطلاع على المشهد السياسي لتركيا الحديثة، واستشرافا لمستقبل حزب العدالة والتنمية، بتنا نلمس استمرار نهج أردوغان القائم على اعتبارات المصالح أولاً دون التحول باتجاه سياسات أخرى، انعكاساً للظروف التي يعيشها العالم، جراء الحرب في أوكرانيا وتنامي موجات التطرف التي تشهدها أوروبا وإسرائيل.
وكأن تصريحات تركيا الأخيرة بخصوص ادانة عملية القدس الأخيرة، جاءت لتصب في صالح تعظيم فرص أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية لعام 2023
فبالاطلاع على المشهد السياسي لتركيا الحديثة بقياد أردوغان الذي يسعى لتحقيق اقصى ما يمكن من مصالح بلاده، فتمكن من النهوض بها في مختلف المجالات وعلى أكثر من صعيد، على طريق جعلها أحد القوى العظمى وليس أحد القوى الإقليمية فقط.
فسعى اردوغان على مدار سني حكمه الى تطوير الأداء السياسي في تركيا بحيث لا يكون معطلا لنهضها، فوضع الجيش في مكانه الطبيعي، وحجم تدخله في الساحة السياسية، وحد من قدرته على تنفيذ انقلابات عسكرية او تغيير حكومات لأسباب مصلحية شخصية او حزبية، وحول الحكم الى نظام رئاسي.
كما عمل على تطوير البنية الصناعية في تركيا عبر إعطاء التفوق العلمي مجالا واسعا فاستقطب العلماء من جميع الجنسيات ووفر لهم البنية اللازمة لترجمة علومهم وافكارهم على شكل ابتكارات وصناعات تقنية خفيفة وثقيلة، فتمكنت تركيا من التفوق في صناعات عسكرية كانت حتى زمن قريب حكرا على الغرب الأوروبي، وباتت طائرتها المسيرة محط انظار العالم كله، وأضحت تصنع غواصاتها ودباباتها وطائراتها العسكرية وحتى السيارات التي تسير في شوارعها.
اردوغان الذي تمكن من وضع تركيا على طريق النهضة من الطبيعي ان يواجه معارضة شديدة من الغرب الأوربي والامريكي ومن ادواتها في الساحة التركية لضمان بقاء العملاق التركي ذات الإرث الامبراطوري خارج المنافسة على سيادة القوة في العالم وبعيد جدا عن استعادة نطاقه الجغرافي الذي حكمه على مدى مئات السنين.
فخاض اردوغان وما زال صراعا مع أبرز الأدوات الغربية الممثلة بعبد الله غولن الملتجئ الى أمريكا، وتمكن من قصقصة اجنحته في مؤسسات الدولة العسكرية والقضائية وغيرها.
المعارك التي فتحها أردوغان دفاعا عن تركيا قوية سببت لتركيا ارباك مؤقت في العلاقات السياسية مع دول عظمى وإقليمية مثل أمريكا ومصر وسوريا وغيرها، الا ان قرب الانتخابات الرئاسية في تركيا دفعته الى العودة الى سياسية صفر مشاكل، في محاولة منه لوضع حد لمساعي التدخل الخارجي والعبث في الساحة التركية، وضماناً للاستقرار نوعا ما في الاقتصاد التركي الذي يتلقى بين الفينة والأخرى ضربات لليرة التركية، في إطار سعي تلك القوى للتأثير على الناخب التركي، فسعى للتفاهم مع الولايات المتحدة التي لا يؤمن شرها، ويسعى لإعادة العلاقة مع مصر كما مع سوريا التي يخوض حربا على الحدود معها مع التشكيلات الكردية التي يراد لها ان تسبب صداعا دائما واداة للضغط الدولي على تركيا وسياستها تجاه العديد من الملفات في العالم.
كما يحسب لأردوغان تمكنه من جعل تركيا بمثابة بيضة قبان بين الغرب وامريكا وبين روسيا التي تشن حربا على أوكرانيا بالرغم من عضوية تركيا في حلف الناتو، فتمكنت تركا من لعب دور الوسيط وساهمت في حل مشكلة نقل القمح الاوكراني من الموانئ والسعي لإبرام صفقات تبادل أسري.
الا ان هذا لا يعني ان اردوغان لن يجد نفسه في مواجهة مع أحزاب المعارضة التي تسعى الى الحكم كأي ممارسة طبيعية في أي نظام ديموقراطي.
وعليه نتوقع أن يستمر أردوغان في نهجه القائم على اعتبارات المصالح فالعالم تحكمه المصالح لا المبادئ.
وبنا على المعطيات السابقة فان فرص أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية لعام 2023 يبدو قويا، رغم أن أحزاب المعارضة ستخوض معه منافسة سياسية قوية مستغلة اخفاقاته في بعض الملفات السياسية والأمنية خاصة بعد التفجيرات الأخيرة في إسطنبول والتي قد تتكرر، وموظفة الخلخلة في الوضع الاقتصادي وسعر الليرة التركية لاستمالة الناخب التركي الذي سيميل حتما الى مصالحه.
الا ان خطاب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الموجهة للناخب التركي لجهة الارتقاء به لتفضيل المصالح العليا لتركيا قوية وامبراطورية على بعض الصعوبات التي تواجهه في حياته المعيشية، خاصة وان اردوغان وحزبه حتما سيعملان على الاعلاء من شأن الانجازات التي حققوها والنهضة التي انتقلوا بتركيا بها نقلة نوعية وتاريخية في إطار حشد الناخب التركي للتصويت لهم في الانتخابات المقبلة.
ومن هنا ربما تأتي التصريحات المنافية للمبادئ والثوابت التركية التي تقف تاريخيا مع وتناصر الحق الفلسطيني، تلك التصريحات التي تتناغم والخطاب الصهيوني بوصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، في وقت حرج يحرص فيه أردوغان على عدم اغضاب الصهاينة واذرعهم السياسة والاقتصادية، لناحية تصدير خطاب مرضي لهم، على امل الكف عن ارباك المشهد السياسي التركي الداخلي، والتخفيف من حدة العبث في الاقتصاد التركي، على اعتاب الانتخابات التركية التي يأمل أردوغان خلال الفترة الرئاسية المقبلة ان يتمكن من قطف ثمار ما زرعه خلال الحقب الرئاسية السابقة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والنهضة التصنيعية الخ.
فلسطيني، ما هي رؤيتك لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام؟ ولماذا تعثرت -من وجهة نظرك- كل الجهود السابقة في إحداث اختراق، بالرغم من كل الوساطات العربية والإسلامية والدولية؟ وهل تدخل الجزائر الأخير على خط الوساطة للمِّ الشمل يمكن أن يُحدث خرقاً نوعياً لرأب الصدع وإنجاز المصالحة الوطنية؟ دلل على ما تقول بالشواهد والمواقف؟
لمعرفة المجرم في اية جريمة أو جناية يحاول المحققون عادة الإجابة على سؤال من المستفيد.
وإذا اتبعنا ذات التكتيك المتبع في معرفة الجاني او المجرم لدى محققي الجرائم، فان علينا حتما الإجابة على ذات السؤال من المستفيد.
والاجابة هنا ليست بحاجة الى كثير بحث او تحري، فالمستفيد الأول من الانقسام الفلسطيني او صانعه ومرتكب جنايته، وهو العدو الصهيوني ومن خلفه أمريكا والغرب، والذين يربطون استمرار مد السلطة وفريق رام الله بشريان الحياة السياسي والمالي باستمرار الانقسام.
فقد صرح غير مسؤول صهيوني ان استمرار الانقسام الفلسطيني مصلحة صهيونية، وانهم حريصون على استمراره، وان عليهم الاستمرار في تأمين الدعم المالي للسلطة للاستمرار في دورها الأمني بمعزل عن وصول جميع خياراتها السياسية الى الفشل والى حائط مسدود.
ومن هنا يتضح لماذا تعثرت كل الجهود السابقة في إحداث اختراق، بالرغم من كل الوساطات العربية والإسلامية والدولية، ببساطة لأن قرار المصالحة في تل ابيب وليس في رام الله، ولأن قرار المصالحة عليه فيتو صهيوني مدعوم أمريكا واوروبيا.
ومن هنا يمكن تفسير دور الوساطات العربية والإسلامية والدولية، فهي لا تعدو كونها أدوراً شكلية لحرق الوقت وخلق وهم بوجود أمل غير موجود، وكأن هذه الوساطات تلعب دور الدفاشات التي يضعها مربوا الأسماك في البرك لتحريك الماء، فهي ليست لإنقاذ الأسماء وتحريرها من جدران البرك نحو المحيط الواسع، بل لخلق وهم لدى الأسماك المسكينة بوجود أمواج وان عليها مصارعتها فتقوى عضلاتها لتصبح ذات طعم أطيب استعداداً لصيدها.
ونحن هنا لا نشكك بتدخل الجزائر الأخير على خط الوساطة للمِّ الشمل، إلا أنه لا يعترينا وهم انه يمكن أن يُحدث خرقاً نوعياً لرأب الصدع وإنجاز المصالحة الوطنية، ما دام فريق رام الله يلعب دور الملكي أكثر من الملك، وما دام يضع شروطاً تعجيزية، وما دام يضع العصي في دواليب المصالحة بفرضه شروط على حماس لا يمكن لها قبولها او الموفقة عليها ببساطة لأنها تخالف مبادئها كالموافقة على شروط الرباعية الدولية وفي مقدمها الاعتراف "بإسرائيل".
لذلك رؤيتي لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام يتمثل أولاً بتحرر فريق رام الله من الالتزام والارتهان للاشتراطات الصهيونية والأمريكية
ثانياً يقع على عاتق الرئيس عباس وفريقة العمل على تطبيق قرارات المجلس المركزي للمنظمة، القاضية بإلغاء الاعتراف "بإسرائيل" ووقف التنسيق الأمني، واجراء انتخابات المجلس الوطني على طريق إعادة بناء منظمة التحرير لتصبح مظلة وطنية قابلة وصالحة لتمثيل حقيقي للشعب الفلسطيني في كل مكان، على طريق انجاز هدف التحرير والعودة، والكف عن مصارعة الأمواج الوهمية التي تصنعها الدفاشات الدولية.