- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب: حق العودة... والحاجة إلى قيادة مختلفة
عماد عفانة يكتب: حق العودة... والحاجة إلى قيادة مختلفة
- 13 أغسطس 2022, 3:07:29 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في بداية اسمحوا لي أن أستعرض معكم صورة مقطعية للواقع فلسطيني.
تتصاعد وتيرة المقاومة، وسط وضع إقليمي متراجع بل معادي، بفعل انطلاق قطار التطبيع الصهيوني الذي يمر بالحكومات العربية.
• يزداد الظرف العالمي تعقيدا بحكم الصراعات والحرائق التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية اشعالها في مختلف القارات ومع مختلف القوى، لضمان بقاء تسيدها على قمة العالم.
• هذا الوضع يرخي بظلاله السوداء المدمرة على القضية الفلسطينية، لتستمر تداعيات النّكبة التي بدأت رسميا قبل أكثر من 74 عاما وتحديدا في العام 1948 عبر سلسلة طويلة من السياسات والجرائم والانتهاكات الصهيونية، اسمحوا لي ذكر بعضها:
- سياسات التّهجير القسري والاستعمار الاحلالي ومصادرة الأراضي ونهب المصادر الطبيعية، والضم، والقمع، والتنكر لحقوق الإقامة، والعزل والفصل والتجزئة، وهدم البيوت، وفرض أنظمة التخطيط والتصاريح العنصرية.
وأبرز أمثلتها ما يحدث في النقب والشيخ جراح ومسافر يطَا والأغوار.
- تكثيف مظاهر العنف المنظم من قبل الجماعات اليهودية اليمينية المتطرفة ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم على جانبي الخط الأخضر، مع حماية الشرطة والجيش وتواطؤهما.
- الاستخدام المفرط للقوة والعنف من قبل الشرطة الصهيونية والجيش ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين والاعتقالات الجماعية والتعسفية.
- الاجتياحات المتكررة واستهداف المدنيين والعودة إلى سياسة العقاب الجماعي.
- تصاعد جرائم طرد المقدسيين والمقدسيات، وتصاعد وتيرة هدم البيوت وطرد سكانها المقدسيين.
- استمرار سياسة هدم القرى في النقب، حيث شهدت منطقة النقب، مؤخرا، تضييقا ممنهجا ضد المواطنين العرب وتحديدا في منطقة النقع عبر مؤسسة "كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق القومي / الدائم لإسرائيل – "كاكال") الاستعمارية، التي أقدمت على تجريف مساحات واسعة من الأراضي في القرى غير المعترف بها، من بينها سعوة والأطرش والرويس تمهيدا لتشجيرها ومصادرة الأراضي.
- سياسة الاجتياحات المتكررة واستهداف المدنيين (مخيم جنين مثلا)، هدم المباني بأوامر عسكرية، والانتقام والعودة إلى سياسة العقاب الجماعي كانتقام ومعاقبة العائلة والبلد الذي يتجرأ على مقاومة الاحتلال.
• رد الفعل الفلسطيني الطبيعي
- تنوَعت أساليب النضال الفلسطيني، فبالإضافة إلى المظاهرات، لم يقصر المقدسيون والمقدسيات بمشاركة فلسطينيي 48، ومعهم الفلسطينيون من الضفة الغربية الذين ينجحون بالوصول إلى القدس، عن خوض مواجهات دامية مع الجيش والشرطة وعصابات المغتصبين، فقد اشتهرت المواجهات الليلية اليومية في داخل باحات المسجد الأقصى وفي منطقة "باب العامود" وفي البلدة القديمة.
- حدوث بعض العمليات الفردية من خارج الأطر التنظيمية، التي استهدفت المغتصبين وقوات الجيش، في مناطق مغتصبات العدو في الداخل المحتل، وهي ظاهرة طبيعية في ظل عجز القوى والفصائل المعروفة عن تنفيذ عمليات فدائية في قلب كيان العدو، بفعل التنسيق الأمني الفعال مع سلطة رام الله، كما بفعل الاسوار والجدر والحواجز التي يحيط الكيان نفسه بها.
قيادة فلسطينية وظيفية بلا مشروع
- أمام هذا المشهد الملون بين الأبيض والأسود، وفي ظل اللوحات البطولية الجميلة التي يحاول الشعب الفلسطيني المنتفض والمكافح رسمها على جدار هذا العالم البشع، تتبدى صورة ضعف القيادة الفلسطينية التاريخية (قيادة منظمة التحرير).
- هذه القيادة التي فشلت كافة خياراتها السياسية، فألغت الانتخابات الرئاسية والتشريعية والتي كان جزء كبير من الفلسطينيين في الضفة الغربية يأملون من خلالها تغيير النظام السياسي، وضربت عرض الحائط بقرارات المجلس المركزي الذي اتخذها في دورته السابعة والعشرين التي انعقدت في مارس/ آذار 2015 والتي دعت إلى وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
- وآثرت هذه القيادة التي احتكرت القرار بعيدا عن الاجماع الفلسطيني، الخنوع والتساوق مع مخططات الاحتلال، ولم يتبقى لها سوى أداء وظيفتها الأمنية عبر عار التنسيق الأمني، ليسمح لها العدو البقاء على قيد الخطيئة.
- وفي هذا الإطار واصلت السلطة وأجهزتها الأمنية اعتقال وتسليم المقاومين والفدائيين، وملاحقة النشطاء الحقوقيين، والمعارضين لسياستها سواء بالمجال الوطني، أو على المستوى الداخلي الفلسطيني، وما الاغتيال البشع للناشط السياسي نزار بنات في الصيف الماضي عنا ببعيد.
• تجريف القوى والفصائل في الضفة المحتلة
- مشهد الفصائل الفلسطينية ليس بأفضل حال من مشهد السلطة والقيادة، فكثير من هذه الفصائل باتت مغيبة أو غائبة عن أخذ دورها الوطني، فأضحت مهمشة وكأنها منقرضة، فلم يبق من كثير منها سوى الأمناء العامون وأعضاء المكاتب السياسية، بعد ان انفضت عنها الجماهير، وتأخذ شرعية وجودها في ظل غياب الانتخابات من تاريخها النضالي الآفل.
- فصائل وقوى بهذه الشكل، كيف يمكن أن تؤثر اعتراضاتها على سياسات المنظمة أو السلطة، وكيف لها أن تترجم شعاراتها وخطاباتها الرنانة، فضلا عن ارتباط جزء كبير منها في منظومة السلطة التي تتكفل بصرف موازناتها لضمان بقائها مجرد ملحق تكثر بها الأصوات من حولها.
- أما حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فهما حركتان محظورتان في الضفة الغربية المحتلة، حيث تستخدم السلطة فزاعة ان حماس تحاول ان تأخذ دور السلطة في الضفة، لتجيش تنظيم فتح في بعده الحزبي لمواجهتها.
- في ظل ضعف السلطة والفصائل في الضفة المحتلة، تنامى دور العشائر لتملأ الفراغ، وكبر دورها في المسائل الداخلية، الأمر الذي وجد ترجمته في نتائج الانتخابات المحلية البلدية الأخيرة، حيث لم تجد بعض الفصائل غضاضة في التحالف مع القوى العشائرية في بعض المحطات.
فلسطينيو الداخل بلا قيادة واضحة
- الفلسطينيون في الأراضي المحتلة 48، ليس لهم قيادة فعلية في بعدها السياسي، فيما تلعب لجنة المتابعة العربية التي تتكون من رؤساء مجالس محلية وبلدية دورا قياديا في بعده الحاجي والخدماتي أكثر منه في بعده السياسي.
الشتات المشتت
أما واقع الفلسطينيون في الشتات، فليس أفضل حالا من الفلسطينيون تحت الاحتلال، رغم امتلاكهم إمكانات وقدرات ومقدرات، لاستيلاد قيادة جديدة قوية ومختلفة، تقود كافة الجبهات الفلسطينية المفتتة والضعيفة وتملأ هذا الفراغ الناشئ عن نجاح المخططات الصهيونية، في تفتيت وتجريف القيادة الفلسطينية التاريخية، ونقلها من الثورة الى السلطة، ثم من السلطة بأهداف سياسية الى سلطة بأهداف وظيفية لا تخدم الا الاحتلال.
نحو قيادة مختلفة
بعد هذا الاستعراض الذي حاولنا به الإحاطة بالواقع الفلسطيني، بمستوياته المختلفة، قيادة وسلطة وقوى وفصائل وعشائر، وشعب منتفض ثائر، وعدو يواصل هجماته الصهيونية المتنامية لتجريف من تبقى من الشعب الفلسطيني من هذه الأرض.
تبرز الحاجة الى استيلاد قيادة فلسطينية جديدة.
قيادة لم تنجبها الدول والمحاور كما أنجبت منظمة التحرير وبعض فصائلها، ولا تخضعها الضغوط ولا تسيل لعابها الاغراءات الحزبية والشخصية.
قيادة ذات كفاءات في مختلف المجالات، وتمتلك مستوى عالي من الروح النضالية والقتالية والاصرار.
قيادة غير مؤطرة ولا تصبغها الألوان الحزبية، ولا تحرف بوصلتها الايدلوجيات الغريبة عن الفطرة السليمة والروح الشفافة.
قيادة غير منحازة سوى لقضيتها شعبها وهدفها في التحرير والعودة.
الساحة الأكثر قدرة على استيلاد هذه القيادة هم أغلبية الشعب الفلسطيني في الشتات، الذي يبلغ عددهم أكثر من عدد الفلسطينيين الباقين داخل حدود فلسطين التاريخية.
وذلك لأنهم باتوا يمتلكون من القدرات والمقدرات والكفاءات والطاقات والكوادر، والمصادر المالية الذاتية، والقدرة على التحرك والتواصل والتشبيك بين كافة عناصر القوة الذاتية، كما مع كافة القوى المؤيدة والمناصرة حول العالم، والقدرة على نظم هذه الروافد العظيمة المهملة، لتصب جميعها في مسار عمل حقيقي خاضع للتقييم والتقويم، وذات سقف زمني محدد، كي لا تبقى نكبة الشعب الفلسطيني لأجيال قادمة.
قيادة تكون نتاج عملية ديموقراطية تنتجها بشكل نزيه مؤتمرات فلسطينيو الخارج التي باتت بحاجة الى مزيد من الانتشار والمأسسة، لتصبح مؤهلة لإنجاب القيادة المأمولة، لقيادة شعبنا مع قادة مختلف الساحات الأخرى نحو تحقيق حلم التحرير والعودة.