في ظل غياب المشاركة الحزبية.. سخرية واسعة من الحملة الانتخابية للمرشحين الجدد في تونس

profile
  • clock 7 ديسمبر 2022, 11:22:38 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تونس- لم يفوّت التونسيون الحملات الانتخابية في بلادهم من دون أن يسجلوا مواقفهم الساخرة من الشعارات والبرامج والوعود التي يرفعها المرشحون الجدد، خاصة في ظل إعلان معظم الأحزاب السياسية مقاطعتها.

وقبل التوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 17 ديسمبر/كانون الأول، تعددت المواقف من هذه الحملات، فهناك من يرى أن برامج مرشحيها غير واقعية ولا يمكن تطبيقها، وآخرون اعتبروها فضفاضة وتدعو للخجل، وأنها جاءت نتيجة ضعف الثقافة السياسة، وقلة الخبرة لدى المرشحين للبرلمان المقبل، بينما وصفها غيرهم بالعرس الانتخابي "المهزلة".

شعارات فضفاضة

وتفنن التونسيون، في أساليب السخرية من الشعارات الجديدة، ووصف بن محمود عمارة -في تدوينة له على حسابه بموقع فيسبوك- البرلمان القادم بـ"الكاركوز"، بينما رأى بشير الماجري شعارات المرشحين الجدد مهزلة، متسائلا عما إذا كان مثل هؤلاء المرشحين سيصادقون على القوانين أو قادرين على إخراج البلاد من أزمتها.

وعلق لطفي ساخرا على شعار أحد المرشحين "معا نصنع الربيع وندحر الصقيع"، أن برنامج المرشح "قشابية (لباس صوفي) وكانون لكل مواطن"، في حين كتب الصحفي سمير جراية عن شعار مرشح "إن شاء الله زينة بجاه مكة والمدينة"، أن المرشح كان يعتقد أنه سيشارك في برنامج عمرة.

 

وبين التهكم والاستياء، تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات لمرشح عن دائرة قرطاج المرسى في العاصمة وهو يمتطي حصانا، ويبدأ حملته الانتخابية على إيقاع المزمار والطبل، حيث كتب حمدي سلامة -في تدوينه على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي- عنه أنه "أبرز من ساهم في مهزلة الانتخابات الارتفاع الشاهق غير المسبوق من الضحك".

في حين، علق ماهر قاسم ساخرا أن مشاهدة مرشح آخر من محافظة باجة (شمال غربي البلاد) يركب سيارة سوداء مكشوفة، وهو يلوح بيديه للحاضرين، في أثناء جولته بالمدينة في حملته الانتخابية، أفضل من مشاهدة مباراة أميركا وهولندا في كأس العالم.

 

وتندر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على الوعود التي أطلقها المترشحون، حيث يقول مرشح عن وادي الليل إن "أولويته تحرير فلسطين"، في حين تعهد مرشح آخر بمكافحة انتشار الأسلحة النووية، وتعهد مرشح آخر عن دائرة حي الرياض سوسة بأنه سيعمل على تهاطل الأمطار.

ومن بين الشعارات الأخرى التي أثارت كثيرًا من الاستهزاء، والتي ظلت محل استفهام حول مدى قدرة المرشحين على معايشة الواقع المتردي للمواطن التونسي في ظل غلاء الأسعار، شعار حملة مرشحة عن دائرة الوردانيين الساحلين بنبلة (وسط) "صفي نيتك، توضاح طريقك" (يتضح طريقك)، وشعار حملة مرشحة أخرى عن سوسة (وسط شرقي) شعار "انتخبوني تربحوني".

 

خطاب شعبوي

ويقول المحلل السياسي بوسالم بولبابة إن حملة السخرية -التي رافقت الحملة الانتخابية- تعود أساسا للطبيعة قانون الانتخابات، حيث تجرى الانتخابات لأول مرة بتنافس الأفراد وليس الأحزاب والقوائم، وبالتالي فان خطاب الشعبوية كان أكثر حضورا من البرامج، خاصة في ظل مقاطعة الأحزاب وعزوف العديد عن المشاركة في هذه الانتخابات.

ويضيف بولبابة -للجزيرة نت- أن بحث المرشحين عن الإثارة والشعبوية في هذا السباق الانتخابي جعل المشهد باهتا بهذه الصورة، خاصة في ظل غياب الأحزاب التي تمثل أرقى أشكال التنظيم، والتي تقوم على برامج حقيقية، بنظام القوائم، حيث تكون هناك منافسة ومناظرات تلفزية.

ويتابع أن المرشحين الجدد اليوم، "يلعبون على الطابع الفرجوي، والقبلي والعشائري، من أجل الإثارة"، موضحا أن البرلمان القادم سيكون بلا معنى أو قيمة، حيث لن تكون هناك كتل برلمانية تقدم برامج.

أزمة ثقافية

في سياق متصل، يقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إن ما يحدث حاليا من قبل المرشحين للبرلمان أو الذين يهاجمونهم يعكس أزمة الثقافة السياسية من جهة، ومن جهة ثانية يؤكد أن الترشح للبرلمان يتطلب العديد من الشروط، من أهمها توفر الحد الأدنى من الوعي والثقافة السياسية التي تستوعب طبيعة المرحلة وتأخذ بعين الاعتبار مطالب الناس.

ويشدد الجورشي -في حديثه للجزيرة- على أن قرار الرئيس قيس سعيد إقصاء الأحزاب السياسية، بشكل عام، وخاصة الأحزاب التي مرت بتجربة الحكم التي كانت تضطلع بهذه الأدوار، كانت نتيجته اليوم أن هناك أفرادا ليس لديهم أي برامج، يعانون من ضبابية على مستوى الرؤية، قرروا الترشح انطلاقا من قناعتهم.

وأضاف أن حالة حملة السخرية ضد المرشحين اليوم كانت متوقعة، خاصة أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية حولت المسألة الانتخابية إلى مسألة ثانوية لدى عموم التونسيين، وهو ما سيبرز بوضوح بنسبة المشاركة الضعيفة في هذه الانتخابات.

هيئة الانتخابات توضح

من جهته، يقول الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح إلى الجزيرة نت، إن نسق الانتخابات بدأ يرتفع تدريجيا، سواء كان ذلك على مستوى الاجتماعات أو مستوى الحضور الإعلامي، أو من خلال المعلقات والبيانات التي أشرت عليها الهيئة.

ويرى المنصري أنه من غير المعقول التركيز على أخطاء بعض المرشحين، موضحا أن الهيئة بعد التثبيت في قائمة المترشحين أصدرت بلاغا أكدت فيه أن بعض الفيديوهات والصور ليست صحيحة، وبعضها يعود حتى لانتخابات 2014، وأخرى جرت في انتخابات بدول أخرى، حسب وصفه.

ويوضح المنصري أن مقاطع الفيديو والصور تتنزل في إطار حملة ممنهجة بقصد تشويه العملية الانتخابية وترذيلها بهدف التأثير على المشاركة في هذه الانتخابات.

 

 

 

كلمات دليلية
التعليقات (0)