- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.. الولايات المتحدة هي المتآمر المشارك الذي لم يذكر اسمه
في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.. الولايات المتحدة هي المتآمر المشارك الذي لم يذكر اسمه
- 12 يناير 2024, 1:42:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الكاتب الصحفي الأمريكي، جيرمي سكاهيل، الضوء على نظر محكمة العدل الدولية في ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمة "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي "المتآمر المشارك في الجريمة"، الذي لم يذكر اسمه في القضية.
وذكر سكاهيل، في مقال نشره موقع "إنترسبت" أن الملف الذي قدمته جنوب أفريقيا إلى المحكمة، والمؤلف من 84 صفحة، "وثيقة مروعة تقدم بتفصيل دقيق لمحة عامة عن حملة قاتلة شنت ضد السكان المدنيين (في غزة) تحت غطاء الدفاع عن النفس الاحتيالي".
وأضاف أن الملف يعرض النطاق المروع للتدمير الإسرائيلي في غزة للحياة البشرية والبنية التحتية المدنية والتاريخ والثقافة، ويرسم صورة مدمرة للظروف الخطيرة التي يواجهها الفلسطينيون الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة.
وتصف الاتهامات "حملة عسكرية وحشية بشكل استثنائي تشنها إسرائيل في غزة، وهي واسعة النطاق ومستمرة، وتنوي إسرائيل تكثيفها بشكل أكبر"، كما قال محامو جنوب إفريقيا، الذين اتهموا إسرائيل بممارسة الإبادة الجماعية في غزة.
ويستشهد ملف جنوب أفريقيا بعشرات التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى الإبادة الجماعية والتي أدلى بها مسؤولون حكوميون وعسكريون إسرائيليون ومشرعون، ومسؤولون سابقون، وتصف نوايا إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويرى سكاهيل أنه من الصعب تخيل أن مجموع هذه التصريحات، بما في ذلك استحضار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لحكاية "عماليق" التوراتية عن القتل الجماعي الذي قام به الإسرائيليون للرجال والنساء والأطفال والمواشي، لا تشكل إعلانًا عن نية الإبادة الجماعية.
ويضيف: "لو كنا نعيش في مجتمع عادل، يحكمه حكم القانون المطبق بالتساوي والعادل على جميع الدول، لكان المسؤولون الأمريكيون سيمثلون أمام محاكم جرائم الحرب الدولية إلى جانب القادة الإسرائيليين الذين يسهلون أعمالهم الإجرامية بكل طريقة قابلة للقياس. ولكن هذا لن يحدث أبدا". ويشير الكاتب الأمريكي إلى أن الولايات المتمدة عملت، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كإمبراطور في مسائل القانون الدولي، وأصدرت مراسيم حول من يمكن ومن لا يمكن مساءلته عن أخطر الجرائم.
بل إن هناك قانونًا، يُعرف باسم قانون لاهاي للغزو، يسمح للرئيس الأمريكي باستخدام القوة لتحرير أي أفراد أمريكيين أو من الحلفاء يتم تقديمهم أمام محكمة دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
مدافع مارق
وفيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بإسرائيل، عملت الولايات المتحدة "كمدافع مارق عنها من خلال عقيدة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أو استخدام حق النقض بمجلس الأمن ضد منع الجرائم ضد الفلسطينيين"، بحسب سكاهيل، مشيرا إلى أن "وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، واصل خلال زيارته الأخيرة مع رجال العصابات في تل أبيب، لعب دور المروج المتفاني والميسر لهيجان إسرائيل" حسب تعبيره.
ويضيف: "من الطقوس المروعة أن يتظاهر بلينكن بالحزن على أطفال غزة القتلى"، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عززت، مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب غزة شهرها الرابع، إرثها باعتبارها الراعي السياسي والعسكري الرئيسي لحملة القتل الجماعي.
ويتابع سكاهيل: "أي قدر من العبارات المبتذلة التي يقدمها بلينكن وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين للمدنيين في غزة لن يمسح الدماء من أيدي إدارة بايدن".
ويلفت الكاتب الأمريكي إلى أن محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية قد تستغرق سنوات، لكن جنوب أفريقيا تقول إن المحكمة يمكنها أن تصدر تدابير طارئة لحماية الفلسطينيين في غزة من الهجمات المستمرة، مستشهدة بأدلة ضخمة على أن إسرائيل متورطة في انتهاكات مستمرة لاتفاقية الإبادة الجماعية.
ودعت جنوب أفريقيا، في الدعوى، محكمة العدل الدولية إلى أن تأمر إسرائيل بـ "التعليق الفوري لعملياتها العسكرية في غزة"، وهو ما يمكن أن تصدره المحكمة في غضون أسابيع.
واتهمت المحامية الجنوب أفريقية، عديلة هاشم، إسرائيل بالتورط في "نمط سلوك منهجي يمكن الاستدلال منه على الإبادة الجماعية"، وقالت إن إسرائيل أخضعت شعب غزة "لواحدة من أعنف حملات القصف التقليدية في تاريخ الحروب الحديثة" بحراً وبراً وجواً.
وأضافت: "إن مستوى القتل الإسرائيلي واسع النطاق لدرجة أنه لا يوجد مكان آمن في غزة. لقد قتلت إسرائيل عدداً غير مسبوق من المدنيين، مع العلم الكامل بعدد الأرواح التي ستزهقها كل قنبلة. إن الدمار مقصود بغزة".
وبعيداً عن الاستشهادات بأعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين المدنيين في غزة، أكد محامو جنوب أفريقيا أن أوامر "الإخلاء"، التي وجهتها إسرائيل لسكان شمال القطاع كانت في حد ذاتها إبادة جماعية.
ومن المقرر أن تقدم إسرائيل، التي اتهمت جنوب أفريقيا بـ"التشهير"، دفاعها اليوم الجمعة، فيما قرر فريق جنوب أفريقيا القانوني تكليف المحامي البريطاني المخضرم "فوغان لوي" بتوقع الحجج الإسرائيلية المحتملة ودحضها.
دفاع استباقي
ويلفت سكاهيل إلى أن لوي تحدث بشكل استباقي عن محاولة إسرائيل تحويل التركيز إلى حركة حماس وعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائلا إن "القضية المنظورة أمام محكمة العدل الدولية تتعلق بالهجمات الإسرائيلية في غزة، وحماس ليست دولة ولا يمكن أن تكون طرفا في اتفاقية الإبادة الجماعية".
ورفض لوي مزاعم إسرائيل بأنها تتصرف "دفاعًا عن النفس"، واستشهد بأحكام الأمم المتحدة التي تقضي بأن غزة تظل أرضًا محتلة بسبب السيطرة الكبيرة التي لا تزال إسرائيل تمارسها على أراضيها وبحرها وأجوائها، وعلى إمكانية الوصول إلى ضرورات الحياة الأساسية.
وأضاف لوي: "مهما كان الهجوم أو الاستفزاز وحشياً أو مروعاً، فإن الإبادة الجماعية ليست رداً مسموحاً به على الإطلاق. كل استخدام للقوة، سواء كان ذلك دفاعاً عن النفس أو فرض احتلال أو عمليات شرطية، يجب أن يظل ضمن الحدود التي وضعها القانون الدولي".
وطالب لوي أيضًا محكمة العدل الدولية بأن تأمر بوقف فوري للهجمات الإسرائيلية على غزة، قائلاً: "إذا تم تنفيذ أي عملية عسكرية بناءً على نية تدمير شعب، كليًا أو جزئيا، فإن ذلك ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية ويجب أن يتوقف".
وأكد المحامي المخضرم أن إسرائيل "لا يمكنها التهرب من أحكام المحكمة، من خلال الإعلان ببساطة من جانب واحد أنها تتبع القانون الدولي".
واختتم مادونسيلا، سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا، جلسة محكمة العدل الدولية، الخميس، بقراءة مطالب جنوب أفريقيا بإصدار أمر بوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة، قائلا: "جاءت جنوب أفريقيا إلى هذه المحكمة لمنع الإبادة الجماعية".
اختبار مهم
وهنا يشير سكاهيل إلى أن اسم الولايات المتحدة لم يذكر في مرافعة جنوب أفريقيا، إلا أن إدارة بايدن "دعمت العدوان الإسرائيلي وسلحته بشكل علني وحماسي، وينبغي أن يُنظر إليها على أنها متآمر غير مسمى في تصرفات إسرائيل".
ويقر سكاهيل بأن إجراءات محكمة العدل الدولية "قد لا تفعل شيئاً لوقف الهيجان القاتل الذي ترتكبه إسرائيل"، حسب تعبيره، لكنه يرى، في الوقت ذاته، أن صدور حكم لصالح جنوب أفريقيا من شأنه أن يزيد الضغوط على البلدان في مختلف أنحاء العالم لحملها على توضيح مواقفها من الجريمة المستمرة في غزة.
كما ستكون إدانة إسرائيل "بمثابة اختبار مهم لما إذا كانت الدول، وتحديدًا حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، تؤمن بدعم القوانين والاتفاقيات الدولية أو ما إذا كانت تقبل الولايات المتحدة باعتبارها السيد الأعلى الذي يفرض مجموعتها الخاصة من القواعد المطبقة بشكل غير متساو" بحسب سكاهيل.