- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
كاثلين ج. ماكلينيس: لماذا يُعد حلف الناتو مهماً في السياسة الأمريكية؟
كاثلين ج. ماكلينيس: لماذا يُعد حلف الناتو مهماً في السياسة الأمريكية؟
- 1 يوليو 2022, 5:56:20 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشف التدخل الروسي في أوكرانيا، والتدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة للرد على هذا التدخل، مدى أهمية حلف الناتو بالنسبة إلى واشنطن؛ حيث حرصت الأخيرة على توظيفه ضمن خطواتها الرامية إلى حصار الجانب الروسي وتضييق الخناق عليه. ويكشف عن ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 29 يونيو 2022، التي أكد خلالها أن بلاده تعتبر الحلف أداة لتنفيذ سياسة الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، نشر موقع “فورين بوليسي” تقريراً للكاتبة “كاثلين ج. ماكلينيس” الزميلة الأولى في برنامج الأمن الدولي، ومديرة برنامج “المرأة الذكية، مبادرة القوة الذكية” في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، بعنوان “لماذا لا يزال الأمريكيون بحاجة إلى حلف الناتو؟”؛ وذلك في 28 يونيو 2022.
مكاسب عديدة
ويمكن استعراض المؤشرات التي سردها التقرير للتدليل على مدى أهمية حلف الناتو بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وذلك على النحو الآتي:
1– استفادة واشنطن من موقع القيادة الاستراتيجية بالحلف: وفق التقرير، فإنه في الوقت الذي يجتمع فيه أعضاء “حلف الناتو” في مدريد هذا الأسبوع، فإن السؤال المتكرر الذي يطرح نفسه لا محالة: لماذا تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحلف في المقام الأول؟ لماذا يجدر بنيويورك المخاطرة لإنقاذ عواصم بعيدة في شرق أوروبا مفصولة عن الولايات المتحدة بمحيط واسع؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في الطريقة التي عمل بها الحلف تاريخياً، كما هو واضح في الممارسة العملية، من أجل الدعم المتزامن للمصالح الأمريكية والأوروبية على السواء.
وبحسب التقرير، رغم أن الضمانة الأمنية الأمريكية للحلفاء في “الناتو” كانت في قلب الإطار السياسي العسكري للحلف، مع إنفاق واشنطن، نتيجةً لذلك، مبالغ كبيرة للحفاظ على قدراته الدفاعية؛ فقد منحت هذه العلاقات الولايات المتحدة موقع القيادة الاستراتيجية داخل الحلف، ونتيجة لهذا الدور المركزي في العلاقات عبر الأطلسي، تمتع الأمريكيون بازدهار اقتصادي كبير؛ ذلك أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة مُنحت وضعاً متميزاً عندما تطرقت إلى قضايا تشمل الشراكات التجارية والوصول إلى القواعد.
ويرجع ذلك، في جزء كبير منه، إلى الدور الضخم الذي تلعبه الولايات المتحدة في الدفاع عن حلفائها، كما لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على مواردها الكبيرة من المبيعات العسكرية الخارجية وأنشطة التعاون في مجال تكنولوجيا الدفاع دون الأساس الاستراتيجي الذي أسَّسه دورها بوصفها ضامناً رئيسياً لأمن دول الحلف على مدى سبعة عقود.
2– تحقيق الولايات المتحدة عوائد أمنية وعسكرية من الناتو: أشار التقرير إلى أن هذا الدور القيادي للولايات المتحدة على الصعيد العالمي، يسمح لها أيضاً بوضع أجندة الأمن الدولي بطرق سياسية وعملية؛ فعلى سبيل المثال، لم يكن يمكن لواشنطن القيام بالعمليات الاستكشافية وعمليات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا لولا القواعد والمعدات الموجودة مسبقاً التي تمكنت من إرسائها وصيانتها على أراضي الحلفاء في أوروبا، كما لم تكن عمليات التحالف لتحقيق الاستقرار في البلقان أو القيام بمهام مكافحة القرصنة قبالة القرن الأفريقي ممكنة دون اتفاقيات توحيد التشغيل البيني، أو التدريبات المتعددة الجنسيات، أو الأركان العسكرية الدولية التي يمكن للحلفاء من خلالها التخطيط الجماعي لعملياتهم العسكرية ودمجها.
3– حماية العمق الاستراتيجي “الممتد” للولايات المتحدة: لفت التقرير إلى أن الأسباب الأخرى للانخراط الأمريكي الممتد في المسرح الأوروبي، هو حماية العمق الاستراتيجي للولايات المتحدة، الذي لم يعد قاصراً – مع التطورات التكنولوجية العسكرية الهائلة – عند أراضي الأمريكيتين كما كان الحال إبَّان الحربين العالميتَين الأولى والثانية.
إذ لم تعد الولايات المتحدة محمية بالمحيطين الواقعين على شواطئها، خصوصاً مع العصر النووي، وتنامي خطر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي جعلت الوطن الأمريكي عرضةً للخطر. نتيجة لذلك، كان من الحكمة تبني استراتيجية نشر القوات الأمريكية في الخارج؛ من أجل التمكن من مواجهة العدوان المحتمل بعيداً عن الوطن الأمريكي. ولم يؤد ذلك إلى جعل الوطن الأمريكي أقل عرضةً للحرب المباشرة فحسب، بل كان يُنظر أيضاً إلى الوجود الأمامي على أنه فعَّال نسبياً من حيث التكلفة، لا سيما بالنظر إلى التكاليف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الهائلة لأي حرب محتملة في قلب القارة الأمريكية.
4– مرونة “الناتو” في التكيف مع المتغيرات العالمية المختلفة: بجانب ما سبق، يوفر “الناتو” لأعضائه درجة غير عادية ومهمة من المرونة الاستراتيجية؛ حيث أثبت قدرته على التكيف مع المتغيرات الدولية، مع ما صاحب ذلك من إعادة تعريف الدور، حسبما أظهرت تجربته في فترة ما بعد الحرب الباردة، وخلال الفترة منذ أواخر التسعينيات حتى عام 2014؛ حين كان تركيز “الناتو” في الأساس على قضايا الأمن الجماعي وإدارة الأزمات في الخارج القريب لأوروبا والشرق الأوسط، وتم تأطير المصالح الأمنية لأجل تعزيز الاستقرار والازدهار العالميين، حتى من خلال مواجهة الجماعات الإرهابية وتفكيكها خارج حدود “حلف الناتو”. وهذا الدور الذي اضطلع به الحلف لمواجهة عدد لا يحصى من التحديات الأمنية في ظل غياب تهديد ساحق، أتاح من جانب آخر ازدهار التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا.
مرونة مقلقة
وختاماً.. أوضح التقرير أن الترتيب السياسي العسكري لـ”حلف الناتو”، الذي أثبت مرونته على نحو ملحوظ على مدى عقود، وأثبت باستمرار قيمته لأعضائه على جانبي المحيط الأطلسي؛ ربما كان السبب لاعتبار روسيا توسعات الحلف تهديداً لها على حدودها الشرقية، مع رغبة “فلاديمير بوتين” في تقويض دور ونفوذ الحلف في أوروبا، الذي يمثل – مرةً أخرى – حافزاً لدول الحلف عموماً، وللولايات المتحدة على نحو خاص، على التمسك به وتوسيع دوره في مواجهة التحديات.
المصدر:
Kathleen J. McInnis, Why Americans Still Need NATO, Foreign Policy, June 28, 2022, Accessible on: https://foreignpolicy.com/2022/06/28/us–nato–alliance–madrid/