- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
لماذا لا يستطيع بوتين الاستغناء عن خدمات فاغنر في سوريا؟
لماذا لا يستطيع بوتين الاستغناء عن خدمات فاغنر في سوريا؟
- 7 يوليو 2023, 11:27:20 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يتناول تقرير جيريمي هودج في مجلة "فورين بوليسي" تداعيات تمرد فاغنر على نفوذ روسيا في سوريا.
ووفقا للتقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، عندما بدأ يفغيني بريغوجين تمرده في روستوف في 23 يونيو/حزيران، ألقت الشرطة العسكرية الروسية في سوريا القبض على عدد من كبار قادة مجموعة فاغنر ونقلتهم إلى قاعدة حميميم الجوية على الساحل الغربي للبلاد كإجراء احترازي.
وقاعدة حميميم هي أكبر منشأة روسية خارج حدود الاتحاد السوفيتي السابق قادرة على خدمة وإعادة تزويد الطائرات الثقيلة التي تنقل كميات كبيرة من الأسلحة والأفراد.
ومن حميميم، تغادر رحلات فاغنر إلى ليبيا ومالي والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وحتى فنزويلا عبر طائرات وزارة الدفاع الروسية في طريقها إلى وجهاتها النهائية. وإذا منع الكرملين فاغنر من الوصول إلى هذه المنشأة، فإن إمبراطورية بريغوجين العالمية ستتوقف.
ويذكر التقرير أن قادة فاغنر في حميميم تلقوا إنذارًا لتوقيع عقود جديدة مع وزارة الدفاع أو العودة إلى ديارهم.
نفوذ لا يمكن تعويضه
ورغم ذلك، بعد سنوات من الاستنزاف في صفوف وكلاء روسيا في سوريا، تشكل قوات فاغنر أحد الركائز الأساسية لمصالح موسكو في البلاد، مما يمنح بريغوجين نفوذا كبيرا من المرجح أن يؤخر تفكيك نفوذ مجموعته.
حاليًا، لدى فاغنر ما بين 1000 و 2000 جندي منتشرين في سوريا، وهم يقبعون في مركز شبكة أكبر بكثير تضم أكثر من 10000 متعاقد عسكري محلي خاص يساعدون في حراسة البنية التحتية للنفط والغاز والفوسفات في صحراء البلاد.
ونظرًا لأن روسيا هي واحدة من أكبر مصدري الطاقة والسلع في العالم، فإن الإيرادات المحققة من الموارد الطبيعية في سوريا لا تكاد تذكر بالنسبة للدولة الروسية. ومع ذلك، بالنسبة للنظام السوري، فإنها مصدر مهم للعملة الأجنبية، وتمنح سيطرة موسكو عليها روسيا نفوذا يمكنها استخدامه لضمان عدم نكوص دمشق عن التزاماتها الجيوستراتيجية تجاه الكرملين في أي سيناريو ما بعد الحرب.
وتشمل هذه الالتزامات الحفاظ على حق روسيا في استخدام حميميم كمنصة انطلاق لاستعراض القوة الروسية في أفريقيا، والأهم من ذلك، ضمان رسو السفن ذات القدرات النووية في ميناء طرطوس السوري.
ويشير الكاتب أنه بغض النظر عما يقرره قادة فاغنر، فإن ضمان احتفاظ روسيا بنفوذها على دمشق يسلتزم تأمين ولاء الآلاف من المتعاقدين العسكريين السوريين الخاصين الذين يقودهم بريغوجين.
إيران تترقب
ويشير التقرير إلى أن أي توقف مؤقت أو تخفيض في حوافز هذه القوات بسبب الارتباك في موسكو سيستغل من قبل إيران، والتي يمكن أن تقدم لهؤلاء المقاتلين أسلحة وأجورا أفضل.
وتتزايد الخلافات بين موسكو وطهران في سوريا رغم دعم كل منهما للأسد، حيث اشتبك وكلاء البلدين بعنف للسيطرة على احتياطيات الفوسفات في سوريا واستمروا في القتال على الأصول الاستراتيجية الأخرى.
وبحلول عام 2021، بدأت روسيا في قطع الدعم عن العديد من وكلائها في أجزاء من البلاد لم تعد تعتبرها استراتيجية، وقد حول الكثير منهم ولاءهم لإيران ليحصلوا على بديل للرواتب المفقودة. هذا وقد تسارعت هذه العملية بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
يعني ذلك أنه في الوقت الحالي، يعتبر مرتزقة فاغنر وشبكة مقاوليهم في مواقع النفط والغاز عبر سوريا أحد المكونات الأساسية للنفوذ الروسي. وقد أثبتوا حتى الآن مقاومتهم إلى حد كبير لإغراءات إيران أكثر من غيرهم.
ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة أن مرتزقة فاغنر ربما يتبعون نفس المسار الذي اتبعه العديد من الوكلاء الروس السابقين.
وإذا فقدت روسيا ولاء المرتزقة السوريين الذين يحرسون البنية التحتية للطاقة في البلاد، فلن تتمكن موسكو بعد الآن من ضمان قدرتها على إجبار الأسد على السماح للكرملين باستخدام الأراضي السورية لتهديد الناتو والتوسع في جميع أنحاء أفريقيا.
مواجهات محتدمة
يذكر التقرير أنه بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2018، أطلقت روسيا حملة شرسة لإصلاح الجيش السوري. وتمت ترقية الجنرالات السوريين الذين يتحدثون الروسية وتطهير المئات من كبار الضباط، ومصادرة أسلحة وبطاقات هوية عسكرية من الميليشيات المدعومة من إيران.
أثارت هذه الحملة موجة من العنف ضد القوات الروسية ووكلائها من قبل الجماعات المدعومة من إيران التي رفضت نزع سلاحها وسرعت بدلاً من ذلك من تسللها إلى المؤسسات السورية.
وبحلول عام 2020، استسلمت روسيا للأمر الواقع، وقلصت وزارة الدفاع الروسية جهودها وتحولت إلى شبكتها الخاصة من المتعاقدين العسكريين الخاصين لبناء قوة غير نظامية لإدارة قوتها المحددة الآن بشكل ضيق.
تسارعت وتيرة هذا التحول بسبب مع احتدام المواجهة مع تركيا التي خاض وكلاء موسكو نزاعين منفصلين معها في عام 2020، مما أوجد حاجة ملحة لمجندين جدد. وعليه جندت فاغنر آلاف المرتزقة السوريين من خلال أكثر من 12 شركة أمنية خاصة للقتال في ليبيا ضد الحكومة المعترف بها دولية المدعومة من تركيا إلى جانب أمير الحرب المنشق خليفة حفتر.
خلال الفترة نفسها، شاركت الميليشيات المدعومة من فاغنر في صراع أقصر ضد المقاتلين المدعومين من تركيا في محافظة إدلب السورية، مما أدى إلى مكاسب إقليمية كبيرة لنظام الأسد.
مصالح مهددة
بعد هذه الحملات، سرعان ما اضطرت روسيا إلى التعبئة مرة أخرى، هذه المرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في وسط سوريا.
وفيما شكلت هجمات الدولة الإسلامية تهديدًا مباشرًا لمصالح روسيا الأساسية، دخلت الوحدات الروسية في شراكة مع وكلاء إيران بما في ذلك الميليشيات الشيعية الأفغانية.
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، قصفت هذه القوة المشتركة بدعم من القوة الجوية الروسية تنظيم الدولة الإسلامية، ودفعت العديد من مقاتليها إلى العراق أو الأجزاء التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا.
والآن، يعد الحفاظ على هذه الشبكة من المرتزقة التي تم تكوينها طوال عام 2020 أمرًا أساسيًا لضمان التشغيل السلس لاحتياطيات الطاقة والفوسفات في سوريا، والتي أصبحت منذ ذلك الحين الأولوية الرئيسية لروسيا.
لذلك، يرى التقرير أنه إذا سحبت موسكو البساط بالكامل من تحت قيادة بريغوجين، فسيضطر جميع وكلاء فاغنر إلى اتخاذ قرارات لن تخدم مصالح روسيا.
ومن بين قادة فاجنر الأربعة في سوريا الذين اعتقلوا أواخر الشهر الماضي، يتواجد اثنان في حميميم وواحد في دمشق وواحد في محافظة دير الزور الغنية بالنفط. وفي حالة استمرار اعتقالهم، ربما يجد أتباعهم أنفسهم عرضة لعروض إيرانية مغرية.
من جانبها، قد تكون إيران قريبًا في وضع أفضل لتقديم مثل هذه العروض. فبعد أشهر من المفاوضات الهادئة، استأنفت الولايات المتحدة في أواخر يونيو/ حزيران المحادثات غير المباشرة مع طهران لاستكشاف إعادة إطلاق الاتفاق النووي أو استبداله باتفاق مؤقت.
وكإجراء لحسن النية، وافقت الولايات المتحدة مؤخرًا على إلغاء تجميد وإعفاء 2.7 مليار دولار من ديون العراق للبنوك الإيرانية. وبالمثل، طلبت طهران الإفراج عن 7 مليارات دولار من ديون كوريا الجنوبية المجمدة بسبب العقوبات، وعرضت إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين في المقابل.
ويشير التقرير إلى أن الوجود الروسي ليس مدفوعًا بالسعي وراء الربح، ويعد السماح لبريغوجين بمواصلة جني ثروة متواضعة ثمنا ضئيلا يجب دفعه لضمان بقاء وجود موسكو على البحر المتوسط سليمًا.
ويختم التقرير بالقول إنه إذا فعلت موسكو العكس، فإن الكرملين يخاطر بخلق فجوة سيتدخل وكلاء إيران قريبًا لاستغلالها.