- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
لماذا يتزايد الحضور الاستخباراتي والعسكري للطائرات المسيرة؟
لماذا يتزايد الحضور الاستخباراتي والعسكري للطائرات المسيرة؟
- 23 يناير 2023, 1:47:04 م
- 398
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شهدت السنوات الأخيرة تزايداً مضطرداً في استخدام الطائرات بدون طيار لأداء مهام مختلفة استخباراتية وقتالية، بخلاف الاستخدامات المدنية الأخرى. وفيما لعبت الدرونز دوراً محورياً في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، أرجعت العديد من التقارير تفوق الأخيرة إلى المسيرات التركية. كما استخدمت بعض الدول الكبرى الطائرات المسيرة في ساحات صراعية مختلفة، فضلاً عن توظيفها من قبل الجماعات الإرهابية. فإن الحرب الروسية الأوكرانية أعادت تأكيد أهمية المسيرات في الحروب، وتزايد الاعتماد عليها مستقبلاً، خاصة أن تلك الحرب ربما تكون المحطة الأولى التي تستخدم فيها دولتان متقاتلتان الطائرات المسيرة عسكرياً كلتاهما ضد الأخرى، وليس ضد طرف لا يستخدمها أو لا يمتلكها.
توظيف متزايد
يتزايد الاعتماد على الطائرات بدون طيار لأداء عدد من المهام في المجال العسكري والاستخباراتي؛ وذلك على النحو التالي:
1– استخدام مكثف للدرونز في المهام الاستخباراتية والاستطلاعية: فضلاً عن اعتبارها من أول الأدوار التي لعبتها الطائرات بدون طيار منذ تصميمها وإطلاقها، فإن المهام الاستخباراتية والاستطلاعية لا تزال تحتل مكانة متقدمة جداً في قائمة المهام والعمليات الهامة التي يمكن أن تقوم بها الطائرات بدون طيار. ولا يعد جمع المعلومات الاستخباراتية واستطلاع المواقع والأوضاع العسكرية والاستراتيجية من الاستخدامات الأكثر أهميةً للطائرات بدون طيار، أو أهمها في بعض الأدبيات العسكرية فقط، بل إنه توظيف تقليدي يعبر عن امتداد للتوظيف الأول للطائرات التقليدية قبل نحو 100 عام.
فبدلاً من إرسال مجموعة من القوات الاستطلاعية أو طائرات تقليدية يسهل رصدها للقيام بمهام الاستطلاع وجمع المعلومات عن مواقع العدو وتحركاته، يمكن توظيف الطائرات بدون طيار في هذا الأمر؛ ما يقلل – ضمن مزايا أخرى – من عنصر المخاطرة بدلاً من المخاطرة بمجموعة من القوات الخاصة والاستطلاعية؛ الأمر الذي تزداد أهميته في الدول والمجموعات العسكرية ذات القوات المحدودة؛ وهو ما يدفعها نحو الاستفادة من القدرات التكنولوجية لتعويض هذا النقص العددي، كما أنه يوفر من توظيف الطائرات التقليدية في هذا العمل. وتشير بعض التقديرات إلى تشغيل أوكرانيا ما يصل إلى 6000 طائرة استطلاع بدون طيار في ساحة المعركة ضد روسيا.
وفضلاً عن أن الطائرات بدون طيار توفر معلومات آنية وسريعة عن مواقع الأهداف والتضاريس وتحركات العدو الميدانية، فإن الطائرات بدون طيار تكتسب ميزة مقارنة بالطائرات الاستطلاعية التقليدية التي تحلق على ارتفاعات كبيرة، تتعلق بالجودة؛ حيث يمكن للدرونز التي لا تضطر إلى التحليق على ارتفاعات كبيرة التقاط لقطات أقرب بجودة تصوير مرتفعة، كما أن الطائرات بدون طيار يمكنها بشكل أسهل القيام بمسح ومراقبة مناطق جغرافية كبيرة جداً؛ الأمر الذي يصعب القيام به عبر الوسائل التقليدية.
2– تجهيز الطائرات بدون طيار للقيام بمهام قتالية: بخلاف المهام الاستطلاعية التقليدية، فإن الطائرات بدون طيار جرى تطويرها للقيام بمهام قتالية، بحيث تكون مجهزة بآليات لإطلاق الصواريخ وإلقاء المتفجرات والقنابل على مواقع العدو والأهداف الاستراتيجية، أو أن تكون الطائرات بدون طيار نفسها أشبه بطائرات انتحارية؛ أي تزويدها بعبوات ناسفة تنفجر عند الاصطدام.
وتبرز في هذا السياق عدة أمثلة؛ من بينها الطائرة بدون طيار Switchblade التي تسلمها الولايات المتحدة لأوكرانيا ضمن حزم المساعدات العسكرية، والتي تعتبر – كما يصفها الخبراء العسكريين – “مزيجًا بين الصاروخ والطائرة بدون طيار”، وهي تجمع بين مزايا الاثنين، وتحاول تلاشي عيوبهما؛ فعلى عكس الطائرات القتالية الكبيرة لا تحتاج إلى مطار أو الكثير من تجهيزات البنية التحتية لإطلاقها. وعلى عكس الصواريخ التقليدية أيضاً، فإنها بما تملكه من إمكانات تكنولوجية تستطيع تحديد الهدف والانطلاق نحوه ومهاجمته.
3– تنامي أهمية “الدرونز” في المعارك ذات المسافات البعيدة: تتزايد أهمية الدرونز في المعارك التي تتم عبر مسافات طويلة، في ظل قدرتها على ضرب أهداف بعيدة بعوامل أمان أكبر؛ ففي الحروب التي يتم خوضها عن بعد، أو حتى على مساحات كبيرة، غالباً ما تكون قوات العدو، أو الأهداف الاستراتيجية المطلوب تدميرها أو تعطيلها على بعد أميال ومسافات طويلة. وتوفر “الدرونز” قدرات كبيرة لسد الفجوات الجغرافية واستطلاع ومهاجمة الأهداف البعيدة، أو ضرب أهداف في العمق الحيوي للعدو في مناطق يصعب الوصول إليها في ظل الاعتبارات الميدانية الحالية للمعركة، أو الرغبة في القيام بهجمات خاطفة في العمق دون الانجرار إلى معركة كاملة.
وتعطي الحرب الأوكرانية مثالاً على هذا الدور للطائرات بدون طيار؛ حيث منحت الدرونز كلاً من روسيا وأوكرانيا القدرة على رؤية ومهاجمة الأخرى دون الاقتراب، بما لذلك من مزايا مختلفة من بينها تقليل كلفة الهجوم وخسائره المحتملة؛ فعلى سبيل المثال، استخدمت القوات الأوكرانية طائرات بدون طيار لضرب أهداف بعيدة نسبياً عن ساحة القتال، مثل ضرب أهداف في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، وفي منطقة بيلجورود الروسية الحدودية، كما قامت القوات الروسية بضرب البنية التحتية المدنية الحيوية في العمق الأوكراني بطائرات بدون طيار ذاتية التفجير.
4– مضاعفة القدرات القتالية للدرونز عبر نمط “السرب”: ثمة توقعات بأن يضاعف استخدام الطائرات العسكرية بدون طيار عبر نمط “السرب” من قدراتها ويحد من القدرة على مواجهتها. مع توقعات أن تؤسس أسراب الدرونز لحقبة جديدة من الحروب الذكية؛ بحيث تكون آلاف الطائرات بدون طيار الروبوتية صغيرة الحجم غير مرئية بشكل كامل عند انتشارها وإطلاقها بشكل فردي؛ لتجنب لفت الأنظار، وللاختفاء عن رصد الرادار، قبل أن تتمكن من التجمع والاندماج في سرب كامل كأسراب الطيور والحشرات، وتهاجم أهدافها بشكل جماعي وذكي في اللحظات الأخيرة.
كما أن عملية الهجوم الجماعي عبر سرب ترفع احتمالات استكمال الهجوم ونجاحه؛ نظراً إلى أن الهجوم عبر مجموعات كبيرة يعزز القدرة على امتصاص الخسائر دون توقف أو تراجع، وكذلك القدرة على تجنب الدفاعات الجوية نظراً لكثافة الهجوم وتعدد مصادره التي تشكل أهدافاً للدفاعات الجوية؛ حيث يكون مطلوباً في تلك الحالة مهاجمة واعتراض آلاف المسيرات في وقت واحد.
ويشير خبراء الأسلحة إلى أنه في أسراب المسيرات تعمل كل طائرة وتقوم بأداء مهامها بشكل مستقل، وتشارك المعلومات والبيانات التي تجمعها مع بقية السرب. ويتمكن السرب من تنفيذ هجوم جماعي مدمر يصعب على الدفاعات الجوية المضادة إيقافه، فضلاً عن عنصر المفاجأة المرتبط بحجم الهجوم عند تجمع الدرونز، وهو ما يعني أن نمط الأسراب يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ كي تستطيع المسيرات التصرف والعمل الفردي بشكل مستقل، والمشاركة والعمل الجماعي مع السرب وفق التطورات الميدانية، ولكي يتمكن سرب المسيرات من الرد على التهديدات ومواجهتها دون تدخل بشري، سواء عبر تغيير المسار أو السرعة أو الارتفاع أو المناورة أو الرد والاشتباك.
مزايا متنوعة
تقدم المسيرات عدداً من المزايا تدفع الدول والجيوش إلى الاعتماد عليها وتزايد توظيفها عسكرياً واستخبارياً، منها:
1– تقليل المدى الزمني بين الاستطلاع والقتال: لا تتوقف القدرات الاستطلاعية للطائرات بدون طيار على مسألة التطور أو الجودة أو السرعة؛ إنما ثمة عامل لاحق يتعلق بالارتباط بين مرحلة الاستطلاع وما تليها من مراحل قتالية؛ حيث ساعد قيام الطائرات بدون طيار بمهام استخباراتية واستطلاعية على تقليل الفجوة الزمنية بين العمليات الاستطلاعية والاستخباراتية وبين العمليات القتالية نفسها التي تتم اعتماداً على بيانات العمليات الاستطلاعية؛ فبينما تشير تقديرات سابقة إلى قضاء المراقبين نحو 20 أو 30 دقيقة في عملية تحديد الهدف بدقة، فإن الطائرات بدون طيار قد مكَّنت القوات القتالية من تنفيذ العملية القتالية ومهاجمة الهدف بالأسلحة والصواريخ في غضون ثلاث إلى خمس دقائق فقط من اكتشاف الطائرة بدون طيار للهدف.
2– مراوغة قوات العدو عبر تجهيل هوية الدرونز: ثمة جانب تكتيكي تتميز به الطائرات بدون طيار يتعلق بقدرتها على المراوغة وإخفاء الهوية بالشكل الذي يضع القوات المُستهدَفة في حيرة من أمرها عند مواجهة طائرة بدون طيار، وهو ما يحدث على مستويين: الأول يتعلق بهوية الجهة صاحبة المسيرات، خاصةً مع كثافة الاستخدام؛ فعلى سبيل المثال، فإن انتشار استخدام درونز “Mavics” من قبل أطراف الحرب الأوكرانية، دفع الجنود الأوكرانيين إلى القول بأنهم غالباً لا يعرفون إذا ما كانت الطائرة بدون طيار التي يرصدونها حليفة وصديقة أم عدواً. وفي حالات التحليق المستمر لفترة طويلة فإن هذا قد يكون إشارة مريبة تستدعي استهداف الطائرة وإسقاطها رغم عدم التأكد من هويتها.
أما المستوى الثاني فيتعلق بهوية الطائرة بدون طيار ذاتها وطبيعة استخدامها، وليس فقط هوية الجهة المالكة لها؛ حيث يمكن للأطراف المتحاربة المراوغة باستخدام الطائرات التجارية لتحقيق أهداف عسكرية واستخباراتية؛ فيمكن استخدام الطائرات التجارية الطويلة المدى بدون طيار لتوفير معلومات حول الأهداف الموجودة خلف خط المواجهة. وفي هذه الحالة يصعب تحديد هوية الطائرة وطبيعة المهمة التي تقوم بها وإذا ما كانت طائرات تجارية أو طائرات نقل حقاً أم طائرات تستخدم لأغراض عسكرية واستخبارية. ويدفع ذلك كله باتجاه تزايد التفكير في آليات تحديد هوية المسيرات عن بعد باعتبارها ضرورة استراتيجية وعسكرية.
3– دمج تقنيات ذكية في الطائرات بدون طيار لتطوير قدراتها: تشهد الطائرات بدون طيار تطويراً في مختلف قدراتها عبر دمج تقنيات ذكية فيها أو الاستفادة منها أو تطوير أسلحة أخرى لتحويلها إلى درونز مقاتلة؛ فعلى سبيل المثال، استخدمت القوات الأوكرانية طابعات ثلاثية الأبعاد لإضافة زعانف ذيل للقنابل اليدوية المضادة للدبابات من الحقبة السوفييتية؛ بحيث تستطيع تلك القنابل البسيطة والرخيصة عند إسقاطها من طائرة تجارية بدون طيار أن تحدث تأثيراً أكبر وتخترق وتصيب الدبابات والمركبات الروسية.
ويشير ذلك إلى قدرة عمليات الدمج الذكية على إحداث تأثيرات مضاعفة، وأن دمج التقنيات التكنولوجية التجارية والعسكرية المنخفضة التكلفة، وتطوير قدرات الدرونز التجارية عبر رؤية ابتكارية معينة، يمكن أن ينتج قدرات أكبر قادرة بتكلفة منخفضة على تدمير مركبات ودبابات غالية الثمن؛ حيث يمكن بتلك الطريقة تدمير المركبات الروسية التي تكلف مئات الآلاف أو ملايين الدولارات عبر دمج تقني فقط يجمع بين قنبلة يدوية تبلغ تكلفتها 100 دولار وطائرة بدون طيار تبلغ قيمتها نحو 1000 دولار.
وثمَّة مثال آخر على توظيف التقنيات الذكية في تمكين الطائرات بدون طيار من القيام بأدائها يتعلق بملاءمة وزن القنابل لقدرات الطائرة؛ حيث يمكن استخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد لجعل القنابل التي تحملها الطائرات بدون طيار أقرب إلى الوزن الذي تستطيع الطائرات تحمله بشكل لا يؤثر على سرعتها وكفاءتها، عبر صنع غلاف خفيف الوزن يمكنه حمل المتفجرات اللازمة، كما يمكن أن تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات المدمجة في الطائرات بدون طيار على أداء وظائف مختلفة، من البحث والإنقاذ إلى رسم الخرائط الثلاثية الأبعاد، والتمكن من إرسال البيانات المعالجة ومشاركتها بشكل آني.
4– انخفاض تكلفة المسيرات عن غيرها: يرتبط جانب مهم من تفسير الاعتماد المتزايد على الطائرات بدون طيار إلى جانب عوامل القدرة والتطور، بعامل التكلفة، سواء تكلفة المسيرات نفسها بالمقارنة بالأسلحة الأخرى الممكن استخدامها لتحقيق ذات الأهداف، أو التكلفة مقارنة بالتكلفة التي يتكبدها العدو في محاولة إحباط الهجمات، وهو ما يرتبط بعمليات الدمج التقني؛ حيث تستطيع عبر دمج قنبلة يدوية تكلفتها نحو 200 دولار في مسيرة تكلفتها نحو 3000 دولار تدمير دبابة تكلفتها 3 ملايين دولار. كذلك الأمر فيما يتعلق بنمط الأسراب؛ إذ تشير تقديرات إلى أن سرب طائرات بدون طيار يتكون من عدة آلاف من الطائرات بدون طيار، قد يكلف الدولة ما هو أقل من تكلفة حيازة مقاتلة واحدة من طراز F–35 أو صاروخ باليستي، وفق بعض التقديرات.
وعلى سبيل المثال، يرتبط جانب من اعتماد روسيا على الطائرات بدون طيار “شاهد” الإيرانية بما يسمى بـ”منحنى فرض التكلفة”، في ظل انخفاض تكلفة المسيرات الإيرانية؛ فبينما تكلف الطائرة الواحدة من طراز “شاهد” نحو 20 ألف دولار، فإن صواريخ جو – جو أو الصواريخ الاعتراضية الأرضية تكلف ما بين 400 ألف دولار و1.2 مليون دولار لكل منها.
وذلك بالإضافة إلى عامل التكلفة الذي يتعلق بتكلفة استخدام السلاح نفسه والمفاضلة بينه وبين غيره من البدائل على مستويي التكلفة والإمكانيات؛ فهذا العامل أيضاً بمقدوره تفسير لجوء موسكو إلى مسيرات “شاهد” الإيرانية؛ فبالمقارنة بالأسلحة الأخرى التي تستخدمها موسكو في الحرب الأوكرانية، فإن صواريخ كروز كاليبر الروسية تكلف كل منها موسكو مليون دولار؛ لذلك اعتمدت القوات الروسية على مسيرات ذاتية التفجير في عمليات ضرب البنية التحتية المدنية الحيوية في العمق الأوكراني كبديل منخفض التكلفة للصواريخ العالية الدقة.
5– تجنب الإشكاليات المرتبطة بالعامل البشري والضغوط السياسية: ثمة عدد من الإشكاليات المرتبطة بالعامل البشري تعمل الطائرات بدون طيار على تجنبها، ومنها ما يتعلق بالتكلفة السياسية، وردود الفعل الشعبية لفقدان أو مقتل عناصر بشرية في الحرب نتيجة تدمير وإسقاط الطائرات. وحتى على الجانب الاستطلاعي، تمكن المسيرات الجيوش من جمع المعلومات دون تعريض حياة العناصر البشرية للخطر.
كما أن المسيرات قد توفر كفاءة قتالية تزيد عن الكفاءة البشرية بفعل العوامل التكنولوجية والذكاء الاصطناعي ودمج التقنيات الذكية فيها، فضلاً عن عامل التحمل ووقت الرحلة؛ فبينما تستطيع الطائرات بدون طيار الطيران لنحو 20–25 ساعة، وتصل في بعض الأنواع إلى 60–70 ساعة إذا ما تم تزويدها بالوقود أثناء الطيران؛ فإن الدرونز تعمل بكامل كفاءتها خلال تلك الساعات، في حين لا يستطيع الطيارون البشريون تحمل ساعات طويلة من العمل والطيران، خاصةً إذا ما تضمنت عمليات مناورة وقتال؛ وذلك بالإضافة إلى تجنب الضغوط السياسية التي قد تنشأ بسبب عدم الرغبة في التورط في حروب واسعة، أو إرسال مقاتلين إلى ساحات المعركة، فتكون المسيرات وسيلة لتجنب تلك الضغوط وعدم إرسال مقاتلين إلى ساحات معارك بعيدة وعدم التورط عسكرياً بشكل كامل.
تحديات دفاعية
ختاماً، فإنه مقابل التطور والاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار في العمليات الاستخباراتية والعسكرية، فإن ذلك يستدعي تطوراً مضاداً في آليات الدفاع والاعتراض، بالشكل الذي قد يفرض تحديات على عمل المسيرات في المستقبل، ومنها امتلاك قدرات كهرومغناطيسية أو أنظمة إلكترونية لتعطيل قدرة المسيرات على التنقل باستخدام GPS، ولاكتشاف وتعطيل الاتصالات بين الطائرات التجارية بدون طيار ومشغليها والتشويش عليها، وتعطيل قدرتها على إرسال المعلومات، أو حتى تحطيمها. وفي حين أن معظم المسيرات تستغل صغر حجمها وبطء حركتها وانخفاض ارتفاعها لعدم اكتشافها وإسقاطها من قبل أنظمة الدفاع الجوي؛ فإن العديد من الدول تعمل على تطوير أنظمة دفاعية خاصة للمسيرات.
كما تشير بعض التقارير إلى أن الدرونز ليست فعَّالة بدرجة كبيرة ضد أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة الحديثة التي تتميز بالرادارات الأرضية والمحمولة جواً وأنظمة الاشتباك، وأنها لا تشكل تحدياً كبيراً للرادارات الحديثة، فضلاً عن أن أنظمة الدفاع الجوي لا تزال قادرة على اكتشاف الطائرات بدون طيار التي تحلق على ارتفاع منخفض من خلال نشر الرادار فوق الجبال أو الصواري العالية، أو حتى عبر الاعتماد على دوريات جوية، كما يذكر الجيش الأوكراني أنه من خلال تحسين تكتيكاته المضادة للطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، ارتفعت معدلات اعتراضه للدرونز بشكل مطرد، وأنه اعترض ما بين 65% و85% من الدرونز الروسية.
وقد دفعت الحرب الأوكرانية الكونجرس الأمريكي إلى توجيه وزارة الدفاع لتطوير نظام وقوة مضادة للطائرات بدون طيار، وخصص لذلك ما يقرب من 750 مليون دولار، مع تجربة استخدام انفجارات جوية كبيرة أو نبضات كهرومغناطيسية لمواجهة أسراب الطائرات بدون طيار الكثيفة، مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرة على استهداف وتدمير الطائرات بدون طيار، حتى تلك التي تهاجم ضمن أسراب؛ بحيث يتم مهاجمة كل مسيرة تلو الأخرى بشكل سريع، كما سجَّلت روسيا براءة اختراع لطائرة جديدة مضادة للطائرات بدون طيار، تعمل على رش شظايا معدنية بشكل يواجه أسراب المسيرات ويحمي الدبابات البطيئة الحركة والأهداف الثابتة.