لهذه الأسباب.. "الدعم السريع" تنقل معاركها إلى "محلية مليط" شمال دارفور

profile
  • clock 25 أبريل 2024, 2:17:17 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نقلت قوات الدعم السريع معاركها بشكل مفاجئ من وسط السودان وشرقه، إلى غرب البلاد، وتحديداً في ولاية شمال دارفور، وهي الولاية الوحيدة التي لم تسيطر عليها بعد في إقليم دارفور، منذ بداية الحرب، الأمر الذي يدفع إلى تساؤلات عن أسباب ذلك.

بدأت قوات الدعم السريع في 1 أبريل 2024، هجومها على محلية مليط في السودان، وهي منطقة حدودية مع ليبيا، لتعلن في 14 من الشهر ذاته، السيطرة عليها بالكامل.

عن أسباب تحويل قوات الدعم السريع معاركها إلى محلية مليط، أوضحت مصادر عسكرية أنها:

1- تعد أهم طرق تهريب الوقود من ليبيا.

2- سهولة الحصول على الإمدادات العسكرية القادمة من الخارج، والمقاتلين الأجانب، لا سيما من ليبيا والتشاد.

4- تمكن السيطرة عليها من محاصرة مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

5- بسبب مواقف حركات مسلحة من الانحياز إلى الجيش السوداني.

الأهمية الاستراتيجية لمحلية مليط

أشارت المصادر إلى أن قوات الدعم السريع تحتاج إلى الوقود والإمدادات العسكرية لتتوفر لديها القدرة على الاستمرار في الحرب مع الجيش السوداني، "وهو ما توفره محلية مليط".

تقع محلية مليط في السودان، شمال مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تمثل مدخلاً وبوابةً مهمة لسكانها في منطقة الزُرق ومنطقة كرب التوم.

مساحة مليط كبيرة جداً، إذ تصل امتداداتها حتى حدود الكفرة والعوينات في ليبيا، إلا أن الكثافة السكانية فيها تتركز في محلية مليط، بالقرب من الفاشر وسط الولاية، في حين أن بقية المساحات فيها صحراوية.

كذلك فإنه بالسيطرة على محلية مليط في السودان، باتت بذلك قوات الدعم السريع تفرض حصاراً كاملاً على الفاشر، مع قطع الطريق أمام كافة المواد الغذائية والصحية والوقود عنها، وعن الحركات المسلحة فيها، إذ تعد مدينة الفاشر مركزاً لوجود الحركات المسلحة، وللنازحين داخلياً في إقليم دارفور بفعل المعارك.

من جهته، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، معاوية عوض الله، لـ"عربي بوست"، أن سيطرة الدعم السريع على مليط تأتي بهدف إيجاد منفذ لتهريب الوقود وإدخال السلاح من ليبيا.

وقال إن "الدعم السريع يحاول بذلك أن يكسب أرضية وحاضنة قبلية كبيرة جداً، بعد مضايقته في العاصمة الخرطوم وفي أمدرمان تحديداً، ما أثر على سير العمليات على الأرض لصالح الجيش السوداني".

أوضح كذلك أن السيطرة على محلية مليط في السودان، تأتي "محاولة للبحث عن أرضية لتسهيل مهمة التشوين (شحن ونقل السلاح والذخائر والمعدات العسكرية عن طريق سيارات الشحن والكروزرات) والإمداد بالسلاح والبشر، لأنه يعتمد على القبلية الحدودية المتاخمة لدارفور تحديداً لتسهيل المهمة هناك".

وقال إن "قوات الدعم السريع في أضعف حالاتها الآن، لذلك تحاول كسب أرضية للتشوين والحصول على الدعم اللوجستي، في وقت ينشغل فيه الجيش بحصارهم، وسط البلاد، لذلك لا يريد أن تنقطع الإمدادات عنه هناك، القادمة من ناحية تشاد وليبيا، ما دفعه لتوفير الدعم بآلية أسرع من قبل بالسيطرة على مليط".

أشار كذلك إلى أن "إطالة عمليات قوات الدعم السريع، ما يعني إطالة أمد الحرب أكثر، إنما بسبب حصولها على دعم إقليمي من خلال السلاح والوقود والمقاتلين الأجانب".

من جانبه، اتفق أستاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية، الرشيد محمد إبراهيم، مع ما ذهب إليه عوض الله، مؤكداً أن "قوات الدعم السريع تريد تأمين خط إمداد لها، لذلك تحركت نحو مليط".

وقال إن "قوات الدعم السريع، تتعامل مع خطة بديلة بعد فشلها في السيطرة على حكم السودان، باللجوء إلى إقليم دارفور بالحرب، إلا أن احتلالها لهذا الإقليم سيكلفها كثيراً، إذ إن لها مشاكل مع القبائل هناك، لا سيما في منطقة مليط وكتم".

لذلك، رأى أن "أخطر ما في عمليات قوات الدعم السريع في نسختها الثانية، أنها أعادت إلى الأذهان الأسباب الأساسية في الحرب التي حدثت في إقليم دارفور، في عام 2002- 2012، وذلك بتقسيم سكانها على أُسس إثنية، إلى قبائل ذات أصول عربية، وقبائل ذات أصول أفريقية، وهو ما سيتسبب بمشاكل كبيرة هناك بسببها".

عن الهدف الاستراتيجي المذكور من السيطرة على محلية مليط في السودان، أوضح الرشيد أن "قوات الدعم السريع تعتمد في ذلك على مرتزفة من خارج الحدود يقومون بعمليات السلب والنهب، ويصعب ضبطهم ومحاسبتهم، ما يتسبب في كره الناس لها، الأمر الذي سيقلب الأمور عليها في دارفور في نهاية المطاف".

وربط بين حصار الجيش لقوات الدعم السريع في أمدرمان، وسيطرة الأخيرة على مليط ومحاصرة الفاشر، بأن ما تقوم به في غرب البلاد، سببه الهزيمة في العاصمة، لرفع الروح المعنوية، وتحسين الميزان العسكري في أي مفاوضات قادمة، قد تدعو لها الولايات المتحدة والسعودية في منبر جدة"، على حد تقديره.

انحياز حركات مسلحة لصالح الجيش

على صعيد متصل، أفادت مصادر عسكرية في الفاشر، بأن قوات الدعم السريع رأت في إعلان حركات مسلحة الانحياز لصالح الجيش السوداني، وخروجها عن الحياد، دافعاً للهجوم على مناطقها في ولاية شمال دارفور، وخصوصاً محلية مليط في السودان، لما لها من أهمية متعلقة بحصولها على الإمدادات من دول الجوار.

وقالت إن قوات الدعم السريع كانت قد تجنبت سابقاً دخول هذه المناطق، حتى لا تكسب عداوة الحركات المسلحة فيها، لا سيما أنها كانت تعلن الحياد في الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

وأعلنت "القوة المشتركة" في إقليم دارفور، التي تتكون من حركات مسلحة في شمال ولاية دارفور، في 10 أبريل 2024، خروجها عن الحياد، والقتال إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.

وقالت في بيان لها: "لا حياد بعد الآن، وسنقاتل مع حلفائنا والوطنيين وقواتنا المسلحة ضد الدعم السريع، وأعوانهم من المأجورين".

وكانت حركتا العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، الذي يتولى أيضاً منصب حاكم إقليم دارفور، أول من أعلن الخروج عن "الحياد" من الحركات المسلحة، وذلك في نوفمبر 2023.

ويُعد كل من جبريل ومناوي جزءاً من "القوة المشتركة" للحركات المسلحة، التي جرى تشكيلها في أواخر إبريل 2023، بعد نحو أسبوعين من اندلاع الحرب، وتنشط خاصة في مدينة الفاشر.

تتكون القوة المشتركة من حركات: تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، والتحالف السوداني بقيادة خميس عبد الله أبكر، وتجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وحركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، وهو عضو مجلس السيادة الذي أعفاه قائد الجيش من منصبه، لكنه أعلن رفضه للقرار.

تقدر القوة المشتركة للحركات المسلحة، بنحو 5 آلاف مقاتل، يشكل مقاتلو حركة مناوي غالبية قوامها.

السيطرة على محلية مليط في السودان

تفاجأ سكان محلية مليط في السودان، في 1 أبريل 2024، بانسحاب قوات الحركات المسلحة بشكل مفاجئ من المنطقة، وتمركزها خارجها في منطقة أم مراحيك، الواقعة بين الفاشر ومليط، على إثر هجوم بدأته قوات الدعم السريع.

جعل الأمر قوات الدعم السريع تنتشر في محلية مليط بشكل مكثف، لتضاعف من قواتها فيها، بهدف فرض حصار على مدينة الفاشر، وقطع الطريق أمام أي بضائع أو مؤن تصل إلى الولاية من دولة ليبيا، أو من منطقة الدبة في شمال السودان.

لم تعلق الحركات المسلحة على هذه الأنباء حتى الآن، ولم توضح سبب انسحاب قواتها كذلك باتجاه الفاشر.

وأعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها التامة على محلية مليط في السودان، الأحد 14 أبريل 2024، بعد معارك استمرت لساعات طويلة مع الحركات المسلحة والعناصر التابعة للجيش السوداني، في حين لم يؤكد ذلك الجيش السوداني بشكل رسمي حتى الآن.

منذ سيطرة قوات الدعم السريع على محلية مليط في السودان، زادت الضربات الجوية لطيران الجيش السوداني على مواقعها، لا سيما في الفاشر، والقرى المجاورة لها.

آثار اقتصادية وتجارية في محلية مليط

بسبب سيطرة قوات الدعم السريع على محلية مليط ومحاصرة الفاشر، باتت الأسعار في ولاية شمال دارفور، تشهد ارتفاعاً ملحوظاً وكبيراً، وندرة في الوقود، بحسب ما أكده مواطنون.

مواطنون في أسواق المدينة، أكدوا لـ"عربي بوست"، أن الأسعار تضاعفت خاصة المحروقات، ووصل سعر البنزين في أسواق الفاشر خلال يوم واحد من سيطرة الدعم السريع على مليط إلى 100 ألف جنيه سوداني للصفيحة الواحدة (20 لتراً) أي ما يعادل 100 دولار، في حين أنها كانت تكلف 52 دولاراً قبل سيطرة الدعم السريع.

تسبب الأمر كذلك في توقف حركة سير المواصلات الداخلية، وأثر بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية، وفق ما أكده المواطنون.

يشار إلى أنه منذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حرباً، خلّفت نحو 14 ألف قتيل، ونحو 8.5 مليون نازح ولاجئ، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

لم يفلح أي من أطراف القتال بالحسم العسكري، كما لم تنجح وساطات قادها الاتحاد الأفريقي تارة، وكل من السعودية وأمريكا في إنهاء الحرب، التي دخلت عامها الثاني.

المصادر

عربي بوست

التعليقات (0)