ليبيا.. “آلية موحدة” لتلقي المساعدات الدولية تصطدم بخلافات سياسية

profile
  • clock 9 أكتوبر 2023, 8:47:41 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إسطنبول: لم يحظ المؤتمر الدولي الذي دعت إليه الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي لإعادة إعمار مدينة درنة، بأي دعم أممي أو دولي، ما أجبرها على تأجيله قبل يوم واحد من اقتراح المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، تشكيل “آلية وطنية موحدة” لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الفيضانات بـ”فاعلية وكفاءة”.

وعلى عكس مبادرة الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، فإن مقترح باتيلي لقي تأييدا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، في نفس اليوم، الذي أعلن عنه المبعوث الأممي في بيان مؤرخ في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

ويأتي المقترح الأممي المدعوم غربيا كرفض ضمني للمؤتمر الدولي الذي دعت إليه حكومة حماد في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي كان من المزمع عقده في 10 أكتوبر، قبل أن تؤجله إلى غاية الأول والثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

حكومة حماد التي لا تعترف بها الأمم المتحدة، بررت تأجيل المؤتمر لأسباب لوجستية، ومن أجل منح الشركات “الوقت اللازم لتقديم الدراسات والمشروعات التي ستسهم في عملية إعادة الإعمار”.

واكتفت بتوجيه الدعوة للشركات الدولية والمحلية، ما يعكس عدم استجابة الدول المانحة لدعوات المشاركة في هذا المؤتمر، في ظل الانقسام الذي تعيشه البلاد.

وهذا ما لمح له المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، في بيان، جاء فيه أن “عقد مؤتمر لإعادة الإعمار في بنغازي في العاشر من أكتوبر سوف يكون أكثر فاعلية إذا تم إجراؤه بشكل مشترك وشامل”.

رفض أممي

الرفض الأممي للمؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة (شرق) الذي ضربها إعصار دانيال في 10 سبتمبر، تجلى في بيان باتيلي في 2 أكتوبر، الذي أعرب فيه عن قلقه إزاء ظهور “مبادرات أحادية الجانب ومتضاربة” من مختلف الأطراف والمؤسسات الليبية بشأن إعادة الإعمار.

وقال باتيلي “من شأن هذه الجهود الأحادية أن تعطي نتائج عكسية وتعمق الانقسامات القائمة في البلاد وتعرقل جهود إعادة الإعمار، فضلا عن كونها تتعارض مع هبَّة التضامن والدعم والوحدة الوطنية التي أظهرها الشعب الليبي من جميع أنحاء البلاد استجابةً للأزمة”.

باتيلي الذي زار درنة في 16 سبتمبر والتقى بمواطنيها وبعض الجهات المحلية الأخرى، يدرك عدم ثقة المنكوبين بقدرة الحكومة المكلفة من البرلمان بإدارة أموال إعادة الإعمار، في بلاد مصنفة ضمن أكثر عشر دول فسادا في العالم، في مؤشر منظمة الشفافية العالمية.

وأشار إلى أن “الشعب الليبي عبر عن مخاوفه إزاء تقديرات التكلفة التعسفية، ومبادرات إعادة الإعمار أحادية الجانب، التي أعلن عنها دون شفافية، ومن دون تأييد جميع السلطات المعنية وأصحاب الشأن”.

ويقترح باتيلي آلية وطنية موحدة لإعادة إعمار المناطق المتضررة في الشرق الليبي دون تحديد معالمها، إلا أنه أعطى مثالا عن “اللجنة المالية العليا” التي شكلها القادة الليبيون لتوزيع الثروة النفطية بشكل عادل وشفاف على الأقاليم الثلاثة.

إدارة دولية

معارضة الأمم المتحدة لاحتكار الحكومة المكلفة من البرلمان إدارة عملية إعادة الإعمار، لم يكن فقط بناء على احتجاجات سكان درنة، بل أيضا من المجلس الرئاسي.

فعقب يومين من إعلان حكومة حماد عزمها تنظيم مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في 24 سبتمبر، إن “الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين”.

وهو ما يعني رفضا ضمنيا لاحتكار الحكومة المكلفة من مجلس النواب بعملية إعادة الإعمار في درنة وبقية المدن المتضررة، والاستفادة من المساعدات المالية الدولية بهذا الشأن.

المنفي، لفت إلى أن “عدم وجود إدارة موحدة للأزمة يعيق عمل المساعدات الدولية”، في إشارة إلى المطالب الدولية بضرورة وجود جهة موحدة وموثوقة تضمن إيصال الإعانات إلى المتضررين من الفيضانات.

كما أثار المنفي نقطة أخرى لم يسبق أن تحدثت عنها أي من حكومتي الشرق أو الغرب، والمتمثلة في احتياطات النقد الأجنبي المجمدة والبالغة نحو 67 مليار دولار، والتي شدد على أن “السلطات المنتخبة وفق دستور دائم هي من تملك التصرف في الأموال الليبية المجمدة”.

ما يوحي أن هناك جهة ما غير معروفة ترغب أو تسعى لأخذ موافقة استثنائية من مجلس الأمن الدولي لرفع جزئي أو كلي عن تجميد احتياطي الصرف بحجة الإنفاق على إعادة إعمار درنة.

أما حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فمنذ الأيام الأولى لعملية الإغاثة والإنقاذ طلبت من البنك الدولي الإشراف على عملية إعادة إعمار درنة، لسحب الملف من حكومة حماد، التي تقع المناطق المتضررة من الفيضانات في نطاق سيطرتها.

حكومة موحدة

ما يثير الاهتمام أنه في نفس اليوم الذي أعلن فيه المبعوث الأممي والدول الغربية الخمسة عن ضرورة تشكيلة “آلية وطنية موحدة” لإعادة إعمار درنة، وبعد يوم واحد من إعلان حكومة حماد تأجيل المؤتمر الدولي، قفز مجلس النواب بشكل مفاجئ نحو المصادقة على قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولم يمض سوى يومين قبل أن يوقعهما رئيس المجلس عقيلة صالح.

ثم راسل عقيلة، الأمين العام للأمم المتحدة طالبا منه حشد الدعم الدولي لتشكيل حكومة موحدة، وكان ذلك أشبه بسيناريو يتماهى فيه مجلس النواب مع المطالب الأممية والغربية بتشكيل “آلية وطنية موحدة” لإعادة الإعمار.

وشيئا فشيئا بدأت الحقيقة تنجلي عن سبب مسارعة مجلس النواب لإصدار قوانين الانتخابات، رغم أنها كانت جاهزة قبل أشهر ورفض حينها تمريرها.

إذ أن لجنة “6+6” المشتركة بين مجلسي النواب والدولة استجابت بشكل غير معلن لمطالب عقيلة بتعديل قوانين الانتخابات بما يسمح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح للرئاسة، وهي نقطة الخلاف الجوهرية مع مجلس الدولة.

هذا الأمر دفع المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) إلى الاعتراض على القوانين الانتخابية التي اعتمدها مجلس النواب، وطلب من المفوضية العليا للانتخابات بعدم الاعتداد بها، باعتبارها مخالفة للإعلان الدستوري الـ13.

ورفض مجلس الدولة للطريقة التي تم خلالها إصدار قوانين الانتخابات يعني أنه لن يمضي مع مجلس النواب في تشكيل حكومة جديدة مصغرة، وهو ما يتيح للأخير تحميله مسؤولية عرقلة إجراء الانتخابات وتشكيل “آلية موحدة” لتلقي المساعدات الدولية، وفق المقترح الأممي.

فخطوة مجلس النواب بدل أن تُقرب البلاد من تشكيل حكومة موحدة، ليس فقط لإجراء الانتخابات بل أيضا الإسراع في إعادة الإعمار، فإذا بها تعمق عدم الثقة، وتحرم البلاد من آلية موحدة لتلقي المساعدات الدولية.

(الأناضول)

كلمات دليلية
التعليقات (0)