- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مأمون الشناوى يكتب : أنت ظالمني.. و أنا راضي!!
مأمون الشناوى يكتب : أنت ظالمني.. و أنا راضي!!
- 8 يوليو 2021, 8:26:55 م
- 854
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حدثت أزمة حادة في بيت شاعرنا الرقيق { أحمد رامي } بعد أن غنت له كوكب الشرق السيدة { أم كلثوم } أغنية [ جددت حبك ليه ] من عبقريات رياض السنباطي ، حيث تأكدت السيدة حرمه من حبه الجارف لأم كلثوم ، لكنها مالبثت أن تفهمت الأمر واستوعبته علي مضض حرصاً منها علي استمرارية الحياة والشكل الاجتماعي !!.
والذي شغلني وأرقني ، وطيّر النوم من عَيّني ؛ جُملة قالها رامي في نهاية الأغنية ، حين تشدو أم كلثوم وتقول : ( إنت ظالمني وأنا راضي ! ) ، وقد لحنها السنباطي كما لو كانت تعبر عن حقيقة الصورة ، ( إنته ظاااالمنيييي ) ، ثم يهبط بالايقاع كثيراً ليظهر مدي الخضوع والخنوع ( وانا رااااضي ) !!.
وتساءلت بيني وبين نفسي ؛ لماذا يرضي الحبيب بظلم حبيبه ، لقد فطر الله الإنسان علي رفض الظلم ومقاومته ، فلماذ يستثني الحبيب من ذلك ، وما الذي يدعو شاعرنا الأمير { عبد الله الفيّصل } أن يقول أيضاً : ( هذا فؤادي فامتلك أمره / واظلمه إن أحببت أو فاعدلِ ! ) ، أو عمنا { كامل الشناوي } يقول : ( قد كنتِ لي قيّداً حرصت العمر ألا أكسره / فكسرتِه ! ) ، لقد كان سعيداً بهذا القيد والأسر والاعتقال في زنزانة حبها ، أية سعادة تلك ياناس !!.
ولكن كيف يظلم الحبيب حبيبه ، يظلم الحبيب حبيبه بالهجر ، والتجافي ، والخصام ، والإهمال ، والقسوة ، والبُعد ، والتجني ، وتصديق الوشاة ، بيّد أن أسوأ أشكال ظلم الحبيب أن يفارقه إلى غيّره ، ويدعه يلاطم أمواج حبه في بحر الحياة وحيداً ، يجتر أحزانه ويبكي ذكرياته !!.
وهذا والد { جميل بن مَعمر } يقول له كلاماً آلمه وأوجعه بعد أن تركته { بُثيّنة } وتزوجت من غيره : ( يابُنيّ ، حتي متي أنت أعمي في ضلالك ، لاتكف عن التعلق بذات بعلٍ يخلو بها ، ويعاشرها ، ثم تقوم إليّك فتخدعك ، وتُريك الصفاء والمَوّدة ، إن هذا لذلٌ وضيّم ، ما أعرف أخيّبَ سَهماً ولا أضيّع عُمراً منك ! ) ، لكن { جميل } يرد علي أبيه بما يشعر به رغماً عنه ، وهو يعلم أن والده علي صواب فيقول : ( واللهِ يا أبتي ، لو قدرت أن أمحو ذكراها من قلبي ، أو أزيل شخصها من عيني ، لفعلت ، ولكن لاسبيل إلى ذلك ، وإنما هو ابتلاء يُسعدني ، وظلم لا أسعي لمحوّه ، ولاطاقة لقلبي برده ، ولا أبتغي غير حُبها ) !!.
ورغم ان الزمان تغير ، وتبدلت المشاعر كما تبدل كل شئ ، وتحول الحب الرهيف إلى خناقة ، فسمعنا [ مش هتنازل عنك أبداً ! ] وكأنه شقة تمليك في التجمع الخامس ، أو [ قم أقف وانت بتكلمني ! ] مثلما يشخط البيه المأمور في حرامي غسيل ، ثم تحولت الخناقة إلى ردح شعبي ؛ فسمعنا [ لو ماكنش أبوك رباك أربيك أنا ! ] ، رغم كل هذا التطور المتهوّر والمتدني والمتدهور ، إلا أنني بصراحة أنتسب إلى الجيل الذي يستغذب ظلم الحبيب ، فهو شعور لذيذ يُخدر الروح وينثر في جوانحها شذا من النشوة ، ويؤجج في النفس نار الاشتياق ، أنا من الجيل الذي مازال يردد مع رامي والسنباطي وأم كلثوم ، مُتباهيّاً فخوراً ( انت ظالمني وانا راضي ) ؛ فإنه الحب ياسادتي !!.