ما هي توجهات الأمريكيين بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا؟

profile
  • clock 2 مارس 2022, 2:20:30 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تباينت الآراء داخل الولايات المتحدة حول طريقة تعامل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع ملف الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصةً وأنها تُعد من كُبرى الأزمات العالمية التي واجهتها إدارة الرئيس الأمريكي منذ توليه الرئاسة. 

وقد كشفت نتائج عدد من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الفترة الأخيرة، أجرتها مؤسسات “جالوب” Gallup، و”واشنطن بوست”، وAP-Norc بجامعة شيكاغو؛ عن 10 ملامح رئيسية تشكل مجمل توجهات الرأي العام الأمريكي من الحرب الروسية على أوكرانيا، تمثلت في: تزايد الاهتمام الشعبي الأمريكي بالتوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، ووجود حالة من القلق الكبير لدى الأمريكيين بشأن زيادة النفوذ الروسي حول العالم، إلى جانب تنامي الشعور الأمريكي المتزايد بالعداء والكراهية تجاه روسيا وسياساتها العالمية، مع اتجاهٍ غالبٍ لدى الأمريكيين بضرورة وجود دور أمريكي محدود أو ثانوي لحل الأزمة الأكرانية، مع حالة من التأييد الواسع لدى الأمريكيين فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية مشددة على روسيا، كما أظهرت استطلاعات الرأي نوعاً من الاتفاق الجمهوري الديمقراطي بشأن الأزمة الأوكرانية، لكنها كشفت -على جانب آخر- حالة من انخفاض الثقة بين الأمريكيين في الجيش والمؤسسات الاستخبارية الأمريكية، بالإضافة إلى تنامي شعور سلبي لدى الأمريكيين بضعف القيادة الأمريكية للعالم تحت حكم الرئيس “بايدن”، وأخيراً انقسام الرأي العام الأمريكي حول قدرة حلف الناتو على احتواء الأزمة الأوكرانية.
عشرة ملامح
وللإجابة عن هذه التساؤلات فقد تم تسليط الضوء على عدد من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال هذه الفترة لقياس نبض الشارع الأمريكي تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية، وعلى رأسها استطلاع مؤسسة “جالوب” Gallup، ومؤسسة “واشنطن بوست”، وAP-Norc بجامعة شيكاغو. ويُمكن صياغة نتائج تلك الاستطلاعات المعبرة عن رؤية الرأي العام الأمريكي للحرب الروسية على أوكرانيا، في 10 ملامح رئيسية، يُمكن بيانها في النقاط التالية:
1- اهتمام شعبي بالتوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا: في استطلاع للرأي أجراه مركز “AP-Norc” بجامعة شيكاغو، والذي تمَّ خلال الفترة (18-21) فبراير 2022 على عينة ممثلة لكافة الولايات الأمريكية؛ أفاد نحو (46%) من المواطنين بأنهم يتابعون باهتمام كبير -سماعاً أو قراءة- التعزيزات العسكرية على الحدود الأوكرانية، كما أن هناك نحو(29%)من الأمريكيين بالعينة يولون اهتماماً محدوداً بهذه الأزمة.
2- قلق شعبي كبير بشأن زيادة النفوذ الروسي حول العالم: أفاد نحو (53%) من المبحوثين الأمريكيين في استطلاع رأي “AP-Norc” بأن هناك قلقاً كبيراً يساورهم بشأن النفوذ الروسي كأحد المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكي، وقد تزايدت وتيرة القلق مع حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، حيث أصبح الأمريكيون أكثر قلقاً مما كانوا عليه في العام السابق؛ حيث ارتفعت النسبة من (45%) من المواطنين قلقين بشأن النفوذ الروسي إلى (53%)، بزيادة (8%) عن استطلاع أغسطس 2021.
وفي استطلاع أجرته مؤسسة “جالوب” أفاد نحو (59%) من المواطنين في العينة بأن القوة العسكرية الروسية تشكل التهديد الأوسع على المصالح الحيوية الأمريكية، وهي أعلى نسبة منذ أن طرح السؤال لأول مرة في استطلاع عام 2014. كما يرى نحو (72%) من الجمهورين أن القوة العسكرية الروسية تمثل تهديداً خطيراً، في حين تقل هذه النسبة بين الديمقراطيين (64%)، وقد ظهرت وجهات النظر حول القوة العسكرية الروسية على قائمة التهديدات الخطيرة اعتباراً من عام 2021 عندما اعتبرها (44%) من الجمهوريين و(53%) من الديمقراطيين على هذا النحو.
3- شعور أمريكي متزايد بالعداء والكراهية تجاه روسيا: ففي استطلاع أجرته “واشنطن بوست” و”أي بي سي نيوز” يرى نحو (80%) من الأمريكيين روسيا بصورة سلبية وأنها ليست صديقة للولايات المتحدة، كما يرى حوالي (41%) منهم أنها “عدو” للولايات المتحدة. وهي نتيجة مشابهة لاستطلاع عام 1987 (الحرب الباردة) عندما رأى (39%) من الأمريكيين روسيا على أنها عدو.
4- اتجاه بضرورة وجود دور أمريكي محدود لحل الأزمة: في استطلاع ” AP-Norc” -سالف الذكر- يرى أكثر من نصف المواطنين بالعينة (52%) أن بلادهم يجب أن يكون لها دور محدود أو ثانوي في حل الأزمة الروسية الأوكرانية، في حين يرى (26%) منهم أنه يجب أن يكون لها دور رئيسي في حل هذا الأزمة، وهناك (20%) يرون أنه لا يجب أن يكون لها دور في حل هذه الأزمة.
5- تأييد واسع لفرض عقوبات اقتصادية على روسيا: وفقاً لاستطلاع “واشنطن بوست” و”أي بي سي” خلال الفترة (20-24 فبراير 2022)، يؤيد ثلثا الأمريكيين (67%) فرض الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب أعمالها العسكرية في أوكرانيا، في حين أن هناك نحو (20%) يعارضون هذه الإجراءات.
6- اتفاق جمهوري ديمقراطي بشأن الأزمة الأوكرانية: يتفق كل من الجمهوريين في طبيعة الدور الذي يجب أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الأزمة الأوكرانية، حيث يرى أكثر من نصف الديمقراطيين والجمهوريين ضرورة وجود دور ثانوي للولايات المتحدة في حل الأزمة الأوكرانية الروسية بنسب متقاربة تبلغ نحو (52%)، و(54%) على التوالي، كما يتفقان في العقوبات الاقتصادية على روسيا، حيث يرى غالبية الديمقراطيين والجمهوريين فرض عقوبات اقتصادية على روسيا بنسب (62%، 79%) على التوالي. كما أن هناك اتفاقاً بشأن عدائية روسيا، حيث يرى (47%) من الديمقراطيين، و(40%) من الجمهوريين أنها “عدو“.
7- انخفاض الثقة في الجيش والاستخبارات الأمريكية: حيث انخفضت الثقة في قادة الجيش الأمريكي من نحو (53%) في استطلاع سبتمبر 2020 إلى نحو (42%) في استطلاع فبراير 2022، كما أنه لا تزال الثقة منخفضة في أجهزة الدولة الاستخباراتية بنسبة (23%) فقط كما هو الحال في سبتمبر 2020.
8- شكوك حول قدرة بايدن على التعامل مع أزمة أوكرانيا: وفقاً لاستطلاع “واشنطن بوست” فهناك (47%) لا يوافقون على تعامل بايدن مع الأزمة، فهناك ثلاثة أرباع الجمهوريين (75%) و(54%) من المستقلين لا يوافقون على تعامل بايدن مع الوضع بين روسيا وأوكرانيا، ووفقاً لاستطلاع “واشنطن بوست” ورداً على سؤال حول ما إذا كان بايدن “يمكن الوثوق به في أزمة”، أفاد نحو (52%) بأنه لا يمكن الوثوق به، كما يرى نحو (64%) من المواطنين باستطلاع مركز هارفارد للدراسات السياسية الأمريكية في 23-24 فبراير 2022 بأن جو بايدن “متساهل للغاية” مع روسيا.
9- ضعف القيادة الأمريكية للعالم تحت حكم بايدن: فوفقاً لاستطلاع “واشنطن بوست” فإن ما يقرب من نصف المواطنين بالعينة يرون أن القيادة الأمريكية في العالم أصبحت أضعف تحت حكم بايدن (48%)، ووفقاً لمسح أجراه مركز هارفارد للدراسات السياسية الأمريكية فإن هناك نحو (62%) من المواطنين بالعينة قالوا إن ترامب كان سيردع بوتين عن القيام بعمل عسكري في أوكرانيا إذا كان لا يزال رئيساً، كما يعتقد نحو (59%) من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أن بوتين تحرك نحو أوكرانيا لأنه رأى ضعفاً في الرئيس الحالي جو بايدن.
10- انقسام حول قدرة الناتو على احتواء الأزمة الأوكرانية: فوفقاً لاستطلاع مؤسسة “جالوب” انقسم الأمريكيون حول مدى نجاح اتفاقية الدفاع المشترك في أداء وظيفتها، حيث أفاد نحو (48%) بأنها تسير بعمل جيد، بينما قال (45%) إنها تقوم بعمل سيئ. وبشكل عام، تدعم أغلبية واضحة من الأمريكيين تحالف الناتو، فهناك (65%) يؤيدون الإبقاء أو زيادة الالتزام الأمريكي بحلف الناتو، مقارنة بنحو (33%) يؤيدون خفض الالتزام أو الانسحاب تماماً، ويختلف الديمقراطيون والجمهوريون حول آرائهم حول التحالف. ففي الوقت الذي يرى فيه (70%) من الديمقراطيين أن الناتو يقوم بعمل جيد في محاولة حل المشاكل، أفاد نحو (27%) فقط من الجمهوريين بالشيء نفسه.
أزمات “بايدن”
وختاماً، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل، بحسب اتجاهات الرأي العام الأمريكي، عبئاً إضافياً على إدارة الرئيس جو بايدن، ينضم إلى قائمة القضايا الأخرى التي تعاني منها الإدارة الأمريكية الحالية، كموجات دلتا وأوميكرون من فيروس كورونا، والانسحاب الكارثي من أفغانستان والأزمات الاقتصادية المتصاعدة؛ وهو ما قد يؤثر سلباً على نسبة تأييد جو بايدن وحزبه في الداخل الأمريكي خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي العام الجاري؛ حيث بلغت نسبة تأييد “بايدن” نحو 38% فقط، وهي من بين أدنى المعدلات المسجلة خلال فترة ولايته الأولى، الأمر الذي دفع بنحو (56%) من الأمريكيين باستطلاع NPR-Marist إلى الاعتقاد بإن السنة الأولى للرئيس “بايدن” في المنصب كانت “فاشلة”، وقد تكون هذه الأزمة عاملاً مهماً في ترجيح كفة الجمهوريين بالانتخابات القادمة؛ خاصة وأن هذه الأزمة رفعت من أسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، في قدرته على ردع الجانب الروسي في مثل هذه الأزمات.

المصدر: “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”

التعليقات (0)