- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مجدي الحداد: عندما تتحدث الأرقام.
مجدي الحداد: عندما تتحدث الأرقام.
- 15 أكتوبر 2022, 3:47:02 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بالأرقام المجردة وليس بالتمنيات و الأمنيات الكاذبة و العاطفة المدلسة ؛ فاقت خسائر مصر المترتبة على حكم السيسي كل الخسائر التي خاضتها مصر مع دولة الكيان مجتمعة ، و منذ حرب 1948 حتى الآن - وذلك مرورا بحرب 1956 فحرب 1967 وحتى حرب 1973 .
لماذا ؟
* لأن مع كل تلك الحروب التي خاضتها مصر قواها لم تخور ، ولم تجد مصري واحد مكسور ، مثلما هو حادث وواقع الآن .
* لأن مع كل تلك الحروب مصر استطاعت أن تحافظ على النيل ، كما سعت إلى زيادة حصتها من المياه بعد توسع مصر في سياسة التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي ، وذلك باعتبار النيل نهر دولي وليس عابر للحدود أيها الخائن .
* ومع كل تلك الحروب مصر لم تتنازل و لم تفرط في حبة تراب رمل واحده من أراضيها - مش جزيرتي استراجيتين و ممر خطير و استراتيجي للمياه وهو ممر تيران .
* ومع كل تلك الحروب مصر لم تتنازل ولم تفرط أيضا في ثرواتها في المتوسط والبحر الأحمر ؛ لا لدولة الكيان ولا لقبرص و اليونان .كما لم توقع صفقات فاسدة مع شركات نفط وغاز تتلاشى فيها تماما كل حقوقها - ومن ثم ثرواتها - فيما تكتشفه من حقول غاز و نفط - وحتى مناجم ذهب لا نعرف عنها شيء - ولا تعرض مثل تلك العقود والصفقات على البرلمان ، ولا يطلع على تفاصيلها أي جهاز رقابي - و كأنها أسرار عسكرية - وخاصة مع شركة " بريتش بتروليم BP " البريطانية ، و شركة " إيني Eni " الإيطالية.
* قيمة الجنيه المصري ظلت ثابتة تقريبا طوال كل تلك الحروب ، ولم يخسر الجنيه من قيمته حتى جزء من 100. بل وظل الوضع هكذا ، و للمفارقة ، و حتى ذهاب السادات للقدس عام 1977 ، و حيث بدأ بعدئذ منحنى التراجع الهابط في كل شيء ، وفي كل شأن !
* و مع كل تلك الحروب كان أفراد الجيش والشرطة والقضاء وحتى السلك الديبلوماسي ، يعاملون كمواطنين عاديين ، و بدون أي فروقات أو تمييز في أي شيء تقريبا ، لدرجة أن العديد من الضباط كانوا يستقبلون من وظائفهم للالتحاق بأعمال مدنية ، و حيث المكاسب ربما أسهل و أكبر ، وحيث لا قيود على الحركة ولا على السفر .
* ومع كل الحروب ، لم ينام مواطن واحد بدون عشاء ، ولا تنام أسر بالكامل في العراء ، أو في المدافن .
* و مع كل تلك الحروب ، لم تعرف مصر شيء اسمه بطالة ، و كان كل شاب يتخرج من الجامعة ، أو حتى ينل تعليم متوسط ، كان يتسلم عمله فور تخرجه ، أو بعد شهر على الأكثر من تخرجه، وذلك إما في القطاع العام أو الحكومي أو حتى القطاع الخاص . بل و أكثر من ذلك أنه كان يفاضل بين أكثر من وظيفة ، وعلى الرغم من محدودية الموارد - و بما لا يقاس الآن بحجمها وقيمتها وكذا تنوعها - و توجيه جل ميزانية الدولة للمجهود الحربي !
* وعلى الرغم من كل تلك الحروب كانت المستشفيات العامة نظيفة ، و لم يكن هناك وقتها ، أو لم يعرف المواطنين وقت ذاك شيء اسمه مستشفى خاص ، أو حتى مدرسة خاصة . و كان مفهوم المدارس الخاصة - وقتها انها تلك المدارس ، التي يلتحق بها الفاشلون ، أو الحاصلون على مجاميع أقل ، و كانت الجامعة الأمريكية ذاتها بالمناسبة ، و في بداية تواجدها في مصر ، و مقرها الرئيسي في بيروت ، لم تكن بعيدة عن هذا التوصيف . و كانت المستشفيات العامة تقدم خدمات ممتازة ، وهذا يشمل العلاج و الأدوية ، وحتى إجراء كافة العمليات الجراحية ، وذلك مقابل أجر رمزي ، أو تذكرة قيمتها 3.5 فرش - والجنيه يساوي 100 قرش - و كانت العيادة الخارجية ، لأي طبيب ، ومهما كان اسمه ، و إذا لم يرغب المواطن في الذهب للمستشفى ، لا يتعدى ثمن الكشف بها 40 قرشا . وو صفة الطبيب للأدوية لا يتعدى ثمنها مبلغ ال 90 قرشا .
إذن فلما مصر تعيش حالة سلام ، ومنذ عام 1977 حتى الآن ، أي حوالي 45 سنة - وفترة الحروب الثلاث من 1956 الى 1973 كانت 17 سنة فقط ! -فيفترض أن تتحسن فيها أحوال البلاد و العباد ، و تكون مصر مثل كوريا أو اليابان ، أو حتى سنغافورة ، مش ترجع للخلف ، و خاصة بعد تحويل أموال المجهود الحربي لمشاريع التنمية الحقيقية مش الفنكوشية الخيانية !
فماذا حدث إذن ؟
حدث أن حُكمت مصر ، و منذ سنوات ، من قبل الخونة والعملاء ، و كان أكثرهم شراسة وتفريطا ، هو الحاكم الحالي .