- ℃ 11 تركيا
- 1 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب : بين التقذم والتقذيم
مجدي الحداد يكتب : بين التقذم والتقذيم
- 4 أبريل 2021, 7:06:51 م
- 992
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بين التقذم والتقذيم
قمة الحقارة والدناءة والتقذم والقذمية أنت تدعي لنفسك نصرا لم تخض أبدا يوما كفاح معاركه . وفي هذه الحالة ربما تكون تلك الشخصية الخيالية التي استوحاها سيرفانتس لتكون الشخصية الرئيسية في مؤلفه " طواحين الهواء " ، وعلى هزليتها ، أفضل ، بل وأصدق من غيره ألف مرة ؛ على الأقل من زاوية تصور بطل الرواية أن طواحين الهواء هم أعداءه فراح يضربهم بسيفه هو لا بسيف غيره ، وبنفسه هو لا بأنفس غيره .
فهو إذن على الرغم من خوضه معركة وهمية إلا أنه على الأقل لم يدع غيره بخوضها بالإنابة عنه ، ثم يدعي بعدها نصرا ــ أو " جون " ..! ــ لم يحرزه هو أصلا ..!
Boskalisشركة بوسكاليس
أعلنت شركة بوسكاليس الهولندية ، والتي قدمت إستشارات بناءة ومنتجة ومنجزة وناجحة لهيئة قناة السويس ــ والتي يتقاضى رؤسائها الملايين مقابل لا شيء حقيقة نافع أو متج يمكن أن يعتد به ، أو على الأقل يبرر ما يتقاضونه من تلك الرواتب الضخمة ، والتي قد تصب في نهاية المطاف ، وإن لم يكن هناك ما يبرر ضخامتها وتضخمها ، في بند المال الحرام .
وهذه الشركة على ضخامة ونجاعة ما حققته ، فهي قطاع خاص ــ مقابل هيئة قناة طويلة عريضة ؛ بطول القناة من السويس إلى بورسعيد والذي يصل إلى 193 كم ..!
وأتصور أن ما قدمته " بوسكاليس " من إستشارات يتعلق بحسابات دقيقة جدا ، ومعقدة ، وربما استخدم فيها أحدث ما توصل إليه العلم من نظم معلوماتية وأجهزة كمبيوترية ــ جنبا إلى جنب طبعا بالإستعانة بالعامل البشري ــ كتحديد المكان بالضبط الذي يجب فيه الحفر وتعميق مجراه عند مقدمة السفينة ، والمسافة التي يجب أن تكون بين الحفار والسفينة ، وسرعة ومعدل الحفر ، أو شفط الرمال عند المقدمة ، والمؤخرة ، واتجاه وزاوية وقوة ووقت شد السفينة الشاحطة أو سحبها ، كل هذا مع الأخذ في الحسبان العوامل الجوية وسرعة وإتجاه الرياح ، وعوامل المد والجزر مع الحفاظ على توازن السفينة ذاتها ، وكذا الحفاظ على هيكلها قدر المستطاع ، وأيضا الحفاظ على حمولتها ، وحيث يمكن أن تؤدي أية حسابات خاطئة إلى إنشطار السفينة وتبعثر حاوياتها وبضائعها في البحر لا قدر الله ..!
فمن إذن الذي قام هنا بهذا الدور الرئيسي ..؟!
ثم من احتفل ، وعلى ماذا كان الإحتفال ، وصاحب الإنجاز الحقيقي ، لم يدع ، كما لم يحتفل هو نفسه أصلا ؛ لماذا ؟ ، لأن هذا هو مجال وطبيعة عمله فعلام يحتفل ، وهناك نتائج سلبية سوف تطال ــ وقد طالت بالفعل ــ الجميع ..!
ومع ذلك فقد أعلنت الشركة صراحة بأنها نجحت بفضل خبراء الإنقاذ لديها في سجب وجر السفينة ..!
الإحتفال والإحتفاء بالموتى
ويكاد يتكرر نفس المشهد السابق والبائس بحذافيره تقريبا في هذا الإحتفال أو الإحتفالية الجنائزية ــ كما تكرر من قبل في إفتتاح قناة السويس الجديدة ، والتي دعي إليها بعض رؤساء الدول فرانسوا أولاند ، والذين أتوا طبعا على نفقة من وجه لهم الدعوة ، والتي كان القصد منها ؛ " إن المصريين يفرحوا ، وبس "
حقيقة أنا لم أشاهد الموكب الجنائزي ، ولم أسع إلى ذلك ، فقمة الإفلاس أن تحتفل بتاريخ ميت وأنت عاجز على أن تساير حتى حاضرك البائس .
ــ قمة الإفلاس أن تحتفل بإنجازات موتى ، أو الموتى أنفسهم ، بينما إنجازاتك الحقيقية أو الحاضرة صفر ..!
ــ قمة الإفلاس أن تنفق الملايين ، أو حتى المليارات في يوم ، أو ليلة إحتفالية واحدة بينما نصف شعبك يأكل من الزبالة ، والنصف الأخر بعضه مشرد ينام على الأرصفه ، والبعض الأخر منهم من هدم بيته لأنه لم يتصالح ، والأخر داره مهدد بالإزالة لأنه لا يملك رسوم التصالح ، والبعض الأخر مهدد أيضا بقوانين الشهر العقاري ، و99.9 % من شعبك لم يحصل على التطعيم ضد وباء كورونا بعد ..!
وفوق كل هذا وذاك قد صار شعبك يعاني بالفعل من مشاكل أو حتى تهديدات وجودية وبسببك أنت الذي وقعت على إتفاقية المبادىء ..!
ــ قمة الإفلاس أن تصرف من أموال ودم هذا الشعب البائس بكل سفه ، ولا يحسابك كما لا يراقبك أحد ، كما أنفقت ما يربو على ال 34 مليار جنيه من قبل على قناتك الجديدة ــ والتي لم تسعف ، ولم تفلح حتى في أن تكون قناة بديلة عندما أعاقت سفينة الملاحة بالقناة ..!
أعتقد إذن أن فرحة المصريين بهذا الموكب الجنائزي يماثل تماما فرحتهم بقناة السويس الجديدة ..!
هذا ومن سنة إحترام حرمة الموتى أن يسارع بدفنهم ــ ولذا فقد قيل ؛ أن إكرام الميت دفنه . وهذا المبدأ متعارف عليه في كل الملل والنحل سواء كانت سماوية أو أرضية .
وعندما أرد الله سبحانه وتعال أن يعذب فرعون في الحياة الدنيا ، وأيضا في الأخرة ، فقال له : " فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية " [ يونس : 92 ] .. أي تكون عبرة وعظة لمن سيأتي من بعدك ــ سواء كان في جبروته وتجبره وظلمه للعباد ؛ حاكما أو محكوما . لذا فيعد مشهد المومييات ــ والتي هي جثث أو جثامين بالفعل ــ غير المدفونة نوع من العذاب لأصحابها وليس به أية إعزاز أو تقدير .
واستعراض جثث الفراعنة وإن كان يختلف كثيرا ، إن لم يزد ، عن جريمة نبش القبور ، من جهة ، فهو من جهة أخرى يحقق سنة الله في فرعون وملأه الذي حارب سيدنا موسى عليه السلام وقومه من بني إسرائيل ــ والذين كانوا وقتذاك ، وعلى الرغم مما كان فيهم من عصاة ومتجبرين وغلظاء ، أعبد أهل الأرض وأكثرهم خشية من الله ، والله ورسوله أعلم .
ثم مينفعش نعمل حاجة كويسة ونباهي بنا أنفسنا والعالم ، وحتى أجدادنا بإننا سائرون على الدرب ، بدلا من أن ندفن رؤوسنا وأنفسنا في ماضي ميت لا يفيد اللهم إلا كونه فقط حلقة من حلقات التاريخ في الزمن البائد ..؟!