محمد السطوحي : المساس بالأمن القومى

profile
  • clock 18 يوليو 2021, 11:06:34 م
  • eye 625
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لاخلاف على أن المساس بالأمن القومى المصرى خط أحمر كما ذكر السيد الرئيس فى خطابه الأخير، لكن السؤال: متى يمكن اعتبار تصرف ما مساسًا بالأمن القومى؟ 

فمثلًا إسرائيل ودول الخليج تعتبر السلاح النووى لدى إيران تهديداً لها، لكن الخطر فى هذه الحالة ليس فى امتلاك القنبلة النووية ذاتها ولكن فى البرنامج النووى الذى يعطيها "القدرة" على انتاج تلك القنبلة حتى لو لم تقدم على هذه الخطوة. وإذا راجعنا الاتفاق النووى مع إيران وما قامت وتقوم به إسرائيل من عمليات استخباراتية وهجمات سيبرانية، فهى كلها إجراءات لمنع هذه "الإمكانية" وإجهاض هذه "القدرة"، والسبب أن الانتظار حتى تمتلك إيران القنبلة النووية بالفعل يعنى ضياع الخيارات المتاحة عمليًا لمنع التهديد بعد أن صار حقيقةً واقعة. 

ومن هنا نتساءل: ماذا يعنى المساس بالأمن القومى المصرى فى قضية السد؟ 

على مدى تاريخ مصر وحتى وقت قريب كانت فكرة السد فى ذاتها مرفوضة باعتبارها تهديداً غير مقبول، وهناك تصريحات مسجلة للرئيس مبارك والمشير أبو غزالة تؤكد ذلك بوضوح. 

لكن تعريف التهديد لدينا تراجع بصورة كبيرة مؤخرا حيث اعترفنا فى اتفاق الخرطوم بحق إثيوبيا فى السد وسمحنا بعودة التمويل الدولى له بعد أن كان توقف. لكن التهديد الأخطر هو حجم السد وقدرته التخزينية الهائلة (٧٤ مليار متر مكعب) والتى تعطى إثيوبيا "القدرة" على الهيمنة المائية، و "إمكانية" منع جزء كبير من حصة مصر السنوية من المياه التى ترفض أن تعترف بها. 

إذن "المساس" بالأمن القومى المصرى قد حدث منذ سنوات، و "الخط الأحمر" الذى كان ثابتا على مدى تاريخ مصر، قد تم تجاوزه بالفعل، لكن التعريف الجديد له كما أوضحه السيد وزير الخارجية أكثر من مرة هو "وقوع الضرر" وعندها يمكن أن تتحرك مصر باستخدام أدواتها المتاحة للدفاع عن نفسها. لكن هذا التعريف الفضفاض، يشبه ان تقبل إسرائيل بأن التهديد هو فقط بعد إنتاج إيران للسلاح النووى أو حتى استخدامها له، وهو ما لا يمكن تصوره. ويمكن القول إن تهديد السد يفوق بمراحل تهديد القنبلة النووية. فالسلاح النووى هو أساسًا للردع وليس الاستخدام، وإيران لايمكنها تهديد إسرائيل به لأنه قد يعنى فناءها حرفيًا بما تملكه إسرائيل من أسلحة نووية متطورة، أما السد الإثيوبى فلم يتم إنشاؤه للردع أو التهديد ولكن للسيطرة الفعلية والهيمنة المائية، وعندما سمحت مصر لإثيوبيا بالملء الثانى فهى كأن توافق إسرائيل لإيران على تخصيب اليورانيوم بالدرجة التى تسمح بإنتاج القنبلة. 

السد يكتسب حصانته مع الملء الحالى والخط الأحمر تم تجاوزه لمسافات بعيدة، والتهديد المحتمل صار واقعًا لايمكن الهروب منه بدعوات عدم القلق. 

لايمكن لشعب أن "يعيش حياته" تحت المقصلة!

التعليقات (0)