محمد المنشاوي يكتب: لماذا يرغب ترامب في أن يصبح رئيسا لفترة ثانية؟

profile
  • clock 14 يناير 2022, 6:04:57 م
  • eye 619
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا يمر يوم إلا وتصلنى عدة رسائل إلكترونية من الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، أو أولاده، أو كبار مستشاريه، ولا تختلف هذه الرسائل عن تلك التى كانت تصلنى قبل انتخابات نوفمبر 2020 وسط الحملة الانتخابية الرئاسية.

وتهدف الرسائل الجديدة إلى جمع تبرعات أو عرض منتجات بسيطة كقبعات أو أعلام يمكن من خلالها جمع المزيد من الأموال. ولا تشير أي من هذه الرسائل إلى دونالد ترامب بوصفه رئيسا سابقا، ويتم التوقيع على الرسائل الموجهة من ترامب بعبارة «الرئيس 45 للولايات المتحدة».

ومضمون الرسائل يتمحور حول «إنقاذ أمريكا» أو «تناول عشاء مع الرئيس» أو «لقاء الرئيس فى أول تجمع بولاية أريزونا منتصف الشهر الجارى»، وتخدم كل هذه الرسائل هدف ترامب المعلن في ترشحه لانتخابات 2024 بهدف العودة إلى البيت الأبيض.

ولا ينكر الرئيس السابق ترامب رغبته فى العودة إلى البيت الأبيض، وعزمه على خوض انتخابات عام 2024. وأكد ترامب أن السبب الوحيد الذى قد يحول دون خوضه السباق الرئاسى هو «مكالمة سيئة من طبيب أو شيء من هذا القبيل، قد يمنعنى من ذلك».

ولا تمنع القوانين الأمريكية رئيسا سابقا لفترة واحدة من خوض السباق الرئاسى مرة أخرى، وحدث ذلك مع الرئيس السابق جروفر كليفلاند فى نهايات القرن 19.

فقد فاز كليفلاند بانتخابات عام 1884 وحكم حتى بداية عام 1889، وكان الرئيس 22 للولايات المتحدة، ثم هُزم فى الانتخابات التى جرت فى نهاية 1888، وغادر البيت الأبيض، ثم عاد وفاز فى انتخابات عام 1892 لينصب الرئيس 24 للولايات المتحدة.

وصوّت أكثر من 81 مليون شخص لصالح بايدن، مقارنة بأكثر من 74 مليون شخص لترامب. وفاز بايدن بـ306 من أصوات المجمع الانتخابى، مقابل 232 صوتا لترامب، ومع ذلك لم ولن يعترف بهزيمته.

فلم يعترف ترامب أبدا بالهزيمة فى أى شيء فى حياته، سواء كنت تتحدث عن إفلاسه فى التسعينيات أو الأخطاء العديدة التى ارتكبها فى مجال الأعمال التجارية والاستثمارية. وهو يعتقد بصدق أنه كان دائمًا منتصرًا، وهو يتبع النهج نفسه طيلة حياته، ولن يكترث بأى حقائق أو واقع يقول عكس ذلك.

وتتوقف احتمالات عودة ــ وربما فوز ــ ترامب للبيت الأبيض على 3 عوامل:

- أولها رغبة ترامب الشخصية فى المنصب من جديد، وربما الانتقام لهزيمته فى الانتخابات الأخيرة.

- ثانيها العوامل الدافعة لعودة ترامب ترتبط بغياب أي منافسة جادة أو وجود تحديات كبيرة أمامه بين الجمهوريين الطامحين إلى خوض انتخابات عام 2024. ولا توجد أى قيادة جمهورية تقترب شعبيتها من شعبية ترامب، رغم دوره فى اقتحام مبنى الكابيتول، وحظره على وسائل التواصل الاجتماعى.

ولا يملك أى من الجمهوريين والجمهوريات ممن لهم طموحات رئاسية الشجاعة بعد لإعلان رغبتهم خوض الانتخابات، وينتظرون موقف ترامب نفسه من خوض انتخابات 2024. وبالفعل عبر وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، وحاكم ولاية فلوريدا رون دى سانتوس، وسفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلى، ومايك بنس النائب السابق للرئيس ترامب، والسيناتور تيد كروز، عن نيتهم خوض الانتخابات إذا لم يترشح ترامب.

ولا ينافس أى جمهورى آخر ترامب فى حجم شعبيته الطاغية بين أوساط الناخبين الجمهوريين. ورغم محاولات ترامب وفريقه استخدام القضاء لتغيير نتيجة انتخابات عام 2020، وفشل 62 قضية رفعها للتشكيك فى مصداقية الانتخابات وأنه تم تزويرها؛ يؤمن 70% من الناخبين الجمهوريين بأن الانتخابات تم تزويرها لإلحاق الهزيمة بترامب.

- ثالثها وآخر العوامل الدافعة لعودة ترامب يتعلق بالتراجع الواسع فى شعبية الرئيس بايدن، ووصول نسبة الرضا عن سياساته إلى ما دون 40%، وتعد هذه النسبة شديدة السوء لرئيس خلال عامه الأول فى البيت الأبيض.

ولا يمتلك الحزب الديمقراطى أى مرشح من العيار الثقيل، ومع ارتفاع عمر الرئيس بايدن الذى سيتخطى 80 عاما عند حلول الانتخابات القادمة، وعدم جاذبية نائبة الرئيس كامالا هاريس وتواريها عن الأنظار بصورة لافتة؛ سيشهد الديمقراطيون معركة تكسير عظام على بطاقة الحزب للانتخابات القادمة، ويستفيد منها بصورة غير مباشرة دونالد ترامب.

يمثل ترامب شهادة ميلاد جديدة للحزب الجمهورى فى مرحلة انتقالية، وسط تغيرات سكانية دراماتيكية تعرفها الولايات المتحدة. ولم تسفر هزيمة ترامب فى انتخابات 2020 ومن ثم خروجه من البيت الأبيض عن اندثار التيار الفكرى الذى عبر ترامب عنه وامتطاه خلال سنوات حكمه الأربع.

ويدرك ترامب– وهو بارع فى هذا– أهمية إثارة الجدل والحماس فى ظل شعبوية يمينية متصاعدة حول العالم، ونجح كذلك ترامب وبشدة فى تحصين نفسه ضد أى أخطاء أو سقطات؛ يقول ما يقول، ويخطئ ما يخطئ، وذلك كله من دون حساب.


وخلال سنوات رئاسته، أراد ترامب أن يحكم كملك يملك ولا يراجعه أحد، وليس بوصفه رئيسا وموظفا حكوميا محدد الصلاحيات بدستور وتقاليد راسخة. فى بداية تأسيس الولايات المتحدة كان هناك خيار بين رئيس جمهورية وملك، واختار الآباء المؤسسون رئيسا للجمهورية.

ويشغل الرئيس فى الولايات المتحدة منصبا حكوميا رفيعا يحصل عليه بالانتخاب الحر لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وتمنح الوظيفة الرئيس مهمات محددة مقابل مرتب يقدر بـ400 ألف دولار سنويا. ويعرف الرئيس أن سلطات منصبه مقيدة بدستور يقدسه الأمريكيون كما يُقدس أصحاب الديانات السماوية كتبهم المقدسة.

إلا أن الرئيس السابق ترامب رئيس مختلف؛ فهو لم يقرأ الدستور ويبدو أنه لا يفهم طبيعة مواده.

لم يكترث ترامب بتداعيات اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول، ولا بالشرخ الذى أحدثه فى ديمقراطية بلاده الراسخة. وتدعم ترامب أغلبية الجمهوريين، ورغبة ما لا يقل عن 70% منهم فى رؤية ترامب مرشحا لعام 2024.

وخلال أسابيع، سيتم تفعيل تطبيق ضمن شبكة اجتماعية خاصة يطلقها ترامب للتغلب على استمرار حظر حساباته على مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب منذ يناير 2020 بسبب تحريض أنصاره على اقتحام الكابيتول، وسيكون ذلك إحدى أهم الخطوات التى يتخذها ترامب لتأكيد هيمنته على الفضاء الجمهورى انتظارا لانتخابات 2024.


* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشأن الأمريكي من واشنطن

المصدر | الشروق

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "180 تحقيقات"

التعليقات (0)