- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
محمد قدري حلاوة يقرأ : قصة الثروة في مصر
محمد قدري حلاوة يقرأ : قصة الثروة في مصر
- 3 يوليو 2021, 10:01:42 م
- 813
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من اللحظات السعيدة والجديرة بالإحتفاء أن يعثر عاشق القراءة على كتاب يقع في غرامه ويحلق بين كلماته وسطوره من الغلاف إلى الغلاف.. كتاب " قصة الثروة في مصر".. للأستاذ الكاتب الرائع " د. ياسر ثابت".. يطوف بك راصدا رجال وأساطين أصحاب المال والأعمال في بر المحروسة منذ زمن الإحتلال الفرنسي وحتى ما قبل ثورة يناير ٢٠١١..والكتاب لا يمكن تلخيصه ولا إيجازه وروعته أنه يجبرك على أن تقرأه كاملا وأنت تقفز بين السطور معايشا الوقائع والأحداث بكامل الشغف وشتي الإنفعالات.. مترحما على أحدهم حينا ولاعنا آخر.. مقتنعا فينة وضاربا كفا على كف فينة أخرى ..
يرصد الكاتب بداية مراكمة الثروات في مصر منذ كانت معتمدة على الملكية الزراعية وإنتقالا إلى رجال البيروقراطية المصرية وصولا إلى الثروات الفاحشة المكدسة نتاج أعمال تجارة الأراضي والعقارات والمضاربة في البورصة.. يجول بنا " د ياسر ثابت" في العلاقة الشائكة المتشابكة بين السلطة والثروة.. كمن يسير برشاقة بين حقول الألغام المتفجرة.. مبرزا نجومها وأعلامها.. مارا بقضايا الفساد والنهب التي طالت أصحابها( الغريب أن الغالبية العظمي منهم نجحت في الهروب خارج البلاد والإفلات من قبضة العدالة. أو تسوية مديوناتهم فيما بعد.. والأغرب أن الهروب كان يتم دوما من المنافذ الشرعية ولم يحاسب عليه أحد إلا فيما ندر) .. وخصوصا نجوم عصر الإنفتاح وأعلام لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل.. وأيضا تحول رجال الأعمال للسعي لدخول المجالس النيابية وشغل مناصب الوزراء.. وحرص بعضهم على إمتلاك الوسائل والوسائط الإعلامية.. وصولا إلى حرصهم على عضوية ورئاسة جمعيات المجتمع المدني والإقتصادي والأندية الرياضية أيضا.. ولا يغفل دور المصاهرات العائلية والسياسية..
يتركك الكتاب والكاتب أمام أسئلة شائكة ومفتوحة لكل التأويلات.. من الذي يتحكم في الآخر.. السلطة أم الثروة؟
وما مآلات الإمتزاج والخلط الشديد بينهما؟..وماذا عاد على المجتمع والتقدم الصناعي من ثروات الإستهلاك والمضاربة؟ ومن يدفع ثمن ذلك سوي الطبقات المعدمة وظلال الأشباح الباقية من الطبقة الوسطى؟..
الكاتب بذل جهدا خارقا في تجميع المادة.. والتي إعتمدت في أغلبها على الدوريات والكتب المنشورة والجرلئد اليومية.. وأفتقر الكتاب في كثيرا من الأحيان إلى البيانات الرسمية والأرقام المعتمدة من الدولة.. ولم يكن هذا عن قصور أو تهاون من الكاتب .. لكن في الحقيقة لندرتها أو عدم وجودها وإفتقار المكاشفة والشفافية والإفصاح.. والذي يبدو أن سلطة المال جعلت الحديث عنه وعن أصحابه من المحرمات المسكوت عنها.. ومن الأساطير التي تلوكها الألسن عندما يرون أوجه الإسراف والسفه التي يمارسها أباطرة الثروة والمال في مصر.. في حياتهم وقصورهم ومنتجعاتهم وحفلاتهم..
كتاب لا غنى عنه لكل قارئ.. هو وثيقة سياسية تاريخية إقتصادية مجتمعية أدبية.. طرحت الوقائع والأدلة.. وتركت أسئلة ( وهي بالأحرى) جراحا مفتوحة.. ولاتزال تلح وتنزف حتى اليوم..
( الكتاب يقع في ٤٨٣ صفحة من القطع الكبير.. طبعة مكتبة الأسرة عام ٢٠١٣.. وعذرا لو وجد وجه قصور في عرض الكتاب)..