- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
محمد كامل خضري يكتب : فللينى شكرا
محمد كامل خضري يكتب : فللينى شكرا
- 9 أغسطس 2021, 7:57:53 م
- 899
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من ذكريات الطفولة الجميلة أن المدرسة كانت أسبوعيا تفتش على أظافرنا وتجبرنا على تقصير شعر الرأس ليس لأسباب إنضباطية فقط ولكن أيضا لأسباب صحية...وكانت موضة حلق الرأس"زلبطة" لا تلقى قبولا لدى تلاميذ المدارس لأن صاحب الرأس الأقرع مثار سخرية وأضحوكة لزملائه...وإن كانت منتشرة بين الكبار من لابسى العمم فقلما تجد مواطن حاسر الرأس إلا إذا كان موظف حكومى من شباب الجيل الجديد "الروش" اللى مربى "قصة" لأن الموظفين القدامى فى المعظم كانوا يلبسون الطرابيش...
وكانت أمى رحمها الله قبل حفلة الإستحمام الأسبوعية إستعدادا للمدرسة تمسكنا واحد واحد وتكفى وجوهنا على حجرها فى وضع إنبطاحى لافرار منه وتبدأ فى تقسيم الرأس إلى مربعات وهمية كتقسيمة مذيع الراديو زمان لملعب الكورة تسهيلا على المستمعين ...على يمين أمى المربعات 1و3و5و7 وعلى شمالها المربعات 2و4و6و8 ...وتبدأ فى الجرد والتفلية من المربع واحد...وأسمع كل شوية تيك ...تاك ..حسب نوع الصيدة...قملة...سبانة...
السبان أو (الصئبان)هم فقس بيض القمل ...تضع القملة بيضها على الشعرة كعناقيد من العنب الأرضى الذى يزرع متسلقا على عيدان ...وتبدأ حملة التفلية...وأشتكى ضيق النفس مع طول الرقدة وتشتكى لعابى الذى رطب وركها من كتر مانفسى إتكتم ففتحت خشمى كى أسمح لمزيد من الهواء بالدخول وتكثر "الهطالة"مع خروج الزفير ...طيب أستريح شوية ...طيب أشم نفسى...طيب شوية هوا...أبدا ...
كانت أمى تعتبرنا الناقل الرسمى للقمل فى البيت حيث أن المدارس وتلاميذ الفصل هم سبب العدوى ...
حفلات التفلية الأسبوعية التى تقودها أمى ليست هى الوحيدة ..يمكن أن تكون هناك حفلة إستثنائية وسط الأسبوع حسب الموقف من الهرش فى الرأس أو البدن...حاجة كدة زى التفتيش المفاجئ..وغالبا ماتسفر عن إعدام بعض قملات وشوية من السبان...ولكن الموضوع لايتعدى دقائق ولكمة على الضهر من أمى إعلان بإنتهاء الحملة ...وتختلف عن الحملة الأسبوعية بأنها مفاجأة فى توقيتها أقصر فى مدتها ولاتنتهى بإستحمام أو تغيير الهدوم ...
عدم وجود البنات فى أسرتنا خفف من أعداد القمل والسبان لأن القمل كان أكثر عشقا لشعر البنات الكثيف من الصبيان...ومين يكره البنات !...ومع إنتشار الفلايات والأمشاط خفت أعداد القمل والسبان فى الرؤوس ولكن لم تختفى نهائيا...ومن علامات الشياكة والأناقة فى ذلك الزمن أن يكون معك مشط فى جيبك وكل شوية تخرجه وتعيد لشعر رأسك أناقته وتتأكد أن الذى يداعبك فى رأسك قد خرج فى المشط...كان المشط فى الجيب مع القلم حاجة كده من قبيل الروشنة...
وجاء يوم لاينسى أغلقت فيه الفصول وبداخلها التلاميذ وممنوع الخروج للحمام وأخرجونا فصلا فصلا فى طوابير منضبطة حتى لايتسرب أحدنا ونحن حيرى كأنما نساق إلى مصير مجهول و أمرونا أن يفتح كل واحد عبه...وأدخلونا واحدا واحدا إلى غرفة تدخل من الباب وتقفذ من الشباك...الغرفة عبارة عن شبورة من العفار والرائحة النفاذة وشكاير مرصوصة بجوار الحيط مكتوب عليها بالإنجليزى كأننا فى فرن عيش فينو والدقيق الأسترالي !
فتحت عبى ودخلت على واحدة لابسة بالطو لا هو بالأبيض ولا بالكاكى ومعها رشاش صفيح ورفعت يداى إلى أعلى ودفعة تعفير تحت باطى اليمين ودفعة تعفير تحت باطى الشمال ودفعة تعفير على شعر رأسى ...إنه ال.د.د.ت ...أشهر مبيد للحشرات ...عند إختراعه إنخفض عدد المصابين بالملاريا من 100مليون إلى نصف مليون بسبب إبادته للناموس ويرقاته...ما علينا...خرجت وأنا أكح...كما كح من كان قبلى ...إنقطع عنى القمل لفترة طالت مع تكرار الحملات ومع شرائى لمشط...
دارت الأيام وكنت يوما فى بدء حياتى العملية أعطى فلاحا حقنة فى عضلة فخذه...فرفع الجلابية وفك الحبال عن سرواله فأنزلق حتى تحت الركبة فوجدت ثلاث قملات مذهولات من المفاجأة...السرنجة بدوائها فى يد والقطنة بالمطهر فى يد وأنا ضارب لخمة...تماسكت ونزلت برفق وحرص حتى رفعت سرواله وإنقضيت فغطيت القملات الجميلات أصدقاء الطفولة اللاتى أعرفهن ويعرفننى...ويادوب أظهرت من العضلة مايكفينى لغرس سن السرنجة...وأنا ممسك بالسروال حتى إستلمه صاحبه...شفيتم...
حكيت لطبيب زميلى الواقعة...قال ده حاجة بسيطة من اللى إحنا بنشوفه كل يوم مع إخوانا فى بعض العشوائيات القروية عند الكشف الباطنى عليهم !
الطريف أن زوجته عند وصوله من العيادة تدخله للحمام مباشرة ويغير هدومه وبعدين تسلم عليه !
ومن نافلة القول أن مكتشف ال د.د.ت أخد جايزة نوبل وبعد التأكد من سميته العالية وخطورته تم حظره نهائيا ...ومع إنتشار الشامبوهات المضادة للقمل وبيوت خالية من الأرضيات الترابية...إختفى القمل أو كاد ...
عزيزى وصديقى القارئ ليس كل هرش تحس به بعد قراءة مقالتى هذه يعنى أن هناك قمل يسكنك ممكن تكون شوية حساسية !