- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
محمود عبد الهادي يكتب: إستراتيجية أميركا لمنع الصراع ودعم الاستقرار (2) | الدول الهشّة ومؤشراتها
محمود عبد الهادي يكتب: إستراتيجية أميركا لمنع الصراع ودعم الاستقرار (2) | الدول الهشّة ومؤشراتها
- 25 أبريل 2023, 2:55:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشير التقارير الدولية التي ترصد مستويات الهشاشة في العالم، إلى أن الهشاشة تزداد في جميع أنحاء العالم، وأن حجم الأزمات التي تعاني منها الدول الهشّة بات يعرّض تحقيق خطة أهداف التنمية المستدامة 2030 للخطر في منتصف الطريق. حيث تمثل الكيانات الهشّة 1.9 مليار نسمة، أي حوالي 24% من سكان العالم، وهذا الرقم مرشح للوصول إلى 2.2 مليار نسمة بحلول عام 2030، وإلى 3.1 مليارات بحلول عام 2050، أي حوالي ثلث سكان العالم.
البنك الدولي: أصبحت الهشاشة والصراع والعنف الجبهة الجديدة لجهود التنمية، وبحلول عام 2030، سيعيش نصف فقراء العالم على الأقل في بيئات هشة ومتأثرة بالصراعات
الدول الهشّة
تعرّف الإستراتيجية الأميركية لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار، الدول والمناطق الهشّة بأنها تلك التي تتعرض إلى النزاع المسلح أو العنف الواسع النطاق أو غير ذلك من حالات عدم الاستقرار، بما في ذلك عدم القدرة على إدارة التهديدات العابرة للحدود الوطنية، أو غيرها من الصدمات الكبيرة. والهشاشة ناتجة عن الحكم غير الفعّال أو غير الخاضع للمساءلة، بالإضافة إلى ضعف التماسك الاجتماعي، وفساد المؤسسات أو القادة، وعدم احترام حقوق الإنسان.
وبحسب إستراتيجية مجموعة البنك الدولي للتعامل مع أوضاع الهشاشة والعنف للفترة 2020-2025، فقد أصبحت الهشاشة والصراع والعنف الجبهة الجديدة لجهود التنمية، وبحلول عام 2030، سيعيش نصف فقراء العالم على الأقل في بيئات هشة ومتأثرة بالصراعات. ويكون تأثير الهشاشة والصراع والعنف شديدا على الناس والمجتمعات الأكثر ضعفا، ممن تتعرض سبل كسب أرزاقهم وفرصهم الاقتصادية للخطر. وقد تدهورت أوضاع الهشاشة كثيرا في العالم، حيث نشبت صراعات عنيفة أكثر من أي وقت في الثلاثين عاما الماضية؛ حيث وقعت أكبر أزمة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية، وارتفعت مستويات أعمال العنف فيما بين الأفراد وتلك التي ترتكبها العصابات، وأصبحت الصراعات سبب 80% من كل الاحتياجات الإنسانية.
ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن الهشاشة مزيج من التعرض للمخاطر وضعف قدرات الدولة والنظام أو المجتمعات عن التكيف لإدارة هذه المخاطر أو استيعابها أو التخفيف منها. وقد صنفت المنظمة في تقريرها عن الهشاشة لعام 2022، 60 كيانا -ما بين دولة ومنطقة في العالم- باعتبارها كيانات هشّة. من بينها 9 دول عربية، هي: اليمن وسوريا والسودان والعراق وليبيا وموريتانيا وجيبوتي والصومال والأراضي الفلسطينية المحتلة، و21 دولة إسلامية: 15 دولة من أفريقيا (تشاد والكاميرون والنيجر ومالي وأوغندا وموزمبيق وغينيا ونيجيريا وغينيا بيساو وبوركينا فاسو وسيراليون وتوغو وبنين وساحل العاج وغامبيا)، و6 دول من آسيا (أفغانستان وطاجيكستان وتركمانستان وباكستان وإيران وبنغلاديش)، أي ما مجموعه 30 دولة، مما يعني أن نصف الدول التي تعاني من الهشاشة -بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- دول عربية وإسلامية.
أكثر من 500 مليون نسمة في الكيانات الهشّة يعيشون في فقر مدقع، وهذا الرقم يعادل 73% من مجموع سكان العالم الذين يعانون من الفقر المدقع، ومن المتوقع أن تصل نسبتهم عام 2030 إلى 86%.
مؤشرات الهشاشة
تصدر مؤسسة صندوق السلام (Fund for Peace) الأميركية -وهي مؤسسة غير ربحية تأسست عام 1975، ومقرها واشنطن- تقريرا سنويا عن حالة هشاشة الكيانات السياسية في العالم منذ عام 2006، وقد حددت 12 مؤشرا لقياس درجة الهشاشة، موزعة على النحو التالي:
أولا: مؤشرات التماسك
الوضع الأمني
كالتفجيرات والهجمات والوفيات المرتبطة بالمعارك، أو حركات التمرد، أو التمرد، أو الانقلابات، أو الإرهاب، بالإضافة إلى الجريمة المنظمة وجرائم القتل، ومستوى ثقة المواطنين المتصورة في الأمن الداخلي. وقد يمتد الجهاز الأمني إلى ما وراء القوات العسكرية أو قوات الشرطة التقليدية ليشمل المليشيات الخاصة التي ترعاها الدولة أو تدعمها الدولة، والتي ترهب المعارضين السياسيين، وكذلك العميقة التي تخدم مصالح زعيم أو زمرة سياسية معينة.
النخب الفئوية
ويقصد بها النخب الموزّعة على أسس عرقية أو طبقية أو عشائرية أو عرقية أو دينية، والتي تؤثر على استخدام الخطاب السياسي القومي من قبل النخب الحاكمة، في كثير من الأحيان من حيث القومية، وكراهية الأجانب، والتوحيد المجتمعي ودعوات التطهير العرقي أو الدفاع عن العقيدة.
التظلّم الجماعي
ويرصد هذا المؤشر الشكاوى الجماعية للمجموعات المختلفة، والتي تدل على الانقسامات بينها، ولا سيما تلك القائمة على الخصائص الاجتماعية أو السياسية، ودورها في الوصول إلى الخدمات أو الموارد، والاندماج في العملية السياسية.
ثانيا: المؤشرات الاقتصادية
التدهور الاقتصادي
كالتدهور في دخل الفرد، أو الناتج القومي الإجمالي، أو زيادة معدلات البطالة، أو التضخم، أو هبوط مستوى الإنتاجية، أو الدَّين، أو زيادة مستويات الفقر، أو فشل الأعمال. وكذلك الانخفاض المفاجئ في السلع الأساسية، أو الإيرادات التجارية، أو الاستثمار الأجنبي، وأي انهيار أو انخفاض في قيمة العملة الوطنية. كما يأخذ المؤشر في الاعتبار التجارة غير المشروعة، كالاتجار بالمخدرات والبشر، وهروب رأس المال، أو الفساد والمعاملات غير المشروعة كغسيل الأموال والاختلاس.
التنمية الاقتصادية غير المتكافئة
مثل عدم المساواة الهيكلية التي تستند إلى التمييز بين المجموعات السكانية على أساس العرق أو الدين أو اللون، أو على أساس التعليم أو الوضع الاقتصادي أو المنطقة، بالإضافة إلى عدم المساواة التي يمكن أن تعزز التوترات المجتمعية أو الخطاب القومي.
هجرة الأدمغة
ويأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار الأثر الاقتصادي للنزوح البشري (لأسباب اقتصادية أو سياسية)، والعواقب التي قد تنتج عن ذلك على تنمية الدولة.
ثالثا: المؤشرات السياسية
شرعية الدولة
حيث يقيس هذا المؤشر مدى تمثيل الحكومة وانفتاحها وعلاقتها بالمواطنين، ومستوى ثقة السكان في مؤسسات الدولة وعملياتها، والآثار المترتبة على غياب هذه الثقة، والتي تتجلى من خلال المظاهرات العامة الجماهيرية، أو العصيان المدني المستمر، أو صعود حركات التمرد المسلحة. كما يأخذ هذا المؤشر في الاعتبار نزاهة الانتخابات، وطبيعة التحولات السياسية، ودرجة تمثيل الحكومة للسكان الذين تحكمهم، ومستويات الفساد والربح والتهميش والاضطهاد أو استبعاد جماعات المعارضة.
الخدمات العامة للدولة
مثل وجود وظائف الدولة الأساسية التي تخدم الناس، كتوفير الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي والبنية التحتية للنقل والكهرباء والطاقة والإنترنت والاتصال، ومدى قدرة الدولة على حماية مواطنيها من الإرهاب والعنف، وخدمة الدولة للنخب الحاكمة بشكل ضيق، كالأجهزة الأمنية والموظفين الرئاسيين والدبلوماسيين.
حقوق الإنسان وسيادة القانون
حيث يراعي هذا المؤشر مدى احترام الدولة لشعبها، ومدى حمايتها لحقوق الإنسان الأساسية واحترام الحريات، وما إذا كان هناك انتهاك واسع النطاق للحقوق القانونية والسياسية والاجتماعية، كالتضييق على الصحافة، وتسييس القضاء، واستخدام الجيش لأغراض سياسية داخلية، وقمع المعارضين السياسيين.
ثانيا: المؤشرات الاجتماعية والمتقاطعة
الضغط السكاني
الضغط المتعلق بالإمدادات الغذائية، والحصول على المياه الصالحة للشرب، وغيرها من الموارد التي تحافظ على الحياة، أو الصحة من انتشار الأمراض والأوبئة. والضغوط الناتجة عن معدلات النمو السكاني المرتفعة أو التوزيعات السكانية غير المتوازنة، أو معدلات النمو السكاني المتباينة بشكل حاد بين المجموعات المجتمعية المتنافسة. كما يأخذ المؤشر في الاعتبار الضغوط الناشئة عن الظواهر المناخية الحادة، كالأعاصير والزلازل والفيضانات والجفاف والمخاطر البيئية.
اللاجئون والنازحون
ويقيس هذا المؤشر الضغط على الدول الناجم عن التهجير القسري لمجتمعات كبيرة نتيجة لأسباب اجتماعية أو سياسية أو بيئية أو غيرها، وكذلك تدفقات اللاجئين إلى الآخرين. كما يقيس المؤشر حالة اللاجئين حسب بلد اللجوء، ومدى قدرة الدولة على استيعاب النازحين واللاجئين، ومواجهة الضغوط التي تسببها التدفقات السكانية على الخدمات العامة، والتحديات الإنسانية والأمنية المستقبلية، وخاصة إذا كانت تلك الدولة لا تملك القدرة على الاستيعاب والموارد الكافية.
التدخل الخارجي
ويقيس المؤشر مدى تأثير التدخل الخارجي في أداء الدولة، ولا سيما الأمن والاقتصاد.
وفيما يلي أبرز بيانات مؤشرات الهشاشة التي تضمنها تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الكيانات الستين التي حددها:
- السكان: تمثل هذه الكيانات 1.9 مليار نسمة، أي حوالي 24% من سكان العالم، وهذا الرقم مرشح للوصول إلى 2.2 مليار نسمة بحلول عام 2030، وإلى 3.1 مليارات بحلول عام 2050، أي حوالي 32% من سكان العالم.
- مستوى الفقر: أكثر من 500 مليون نسمة في هذه الكيانات يعيشون في فقر مدقع، وهذا الرقم يعادل 73% من مجموع سكان العالم الذين يعانون من الفقر المدقع، ومن المتوقع أن تصل نسبتهم عام 2030 إلى 86%.
- النمو الاقتصادي: 33 كيانا من هذه الكيانات تعتبر من ذوات الدخل المتوسط.
- انعدام الأمن الغذائي: يعاني 48 كيانا من هذه الكيانات الهشّة من انعدام الأمن الغذائي، من مجموع 53 كيانا على مستوى العالم.
- المناخ والبيئة: على الرغم من أن الدول الهشّة تتسبب في 4% فقط من انبعاثات الكربون في العالم، فإنها موطن لـ29% من الكوارث الطبيعية التي يشهدها العالم، و46% من الوفيات التي تسببها هذه الكوارث على مستوى العالم، في الفترة 2019-2021.
- الشباب: 26% من الشباب في هذه الكيانات يفتقدون إلى العمل أو التعليم أو التدريب.
- العنف: 80% من وفيات الأزمات والنزاعات على مستوى العالم تتركز في الدول الهشّة عام 2021.
- الحكم: تصنّف 38 كيانا من هذه الكيانات باعتبارها كيانات استبدادية، من بين 59 كيانا استبداديا على مستوى العالم، وبقية الكيانات الهشّة إما أنظمة هجينة أو ديمقراطيات معيبة.
- المرأة: تتعرض امرأة واحدة من بين كل 3 نساء للعنف المادي في الكيانات الهشّة.
- النزوح القسري: 64% من سكان العالم المهجرين و80% من المشردين هم من الكيانات الهشّة.
وأشار تقرير مؤشر الدول الهشّة لعام 2022 الصادر عن مؤسسة "صندوق السلام" (Fund for Peace)؛ إلى أن الدول الأكثر سوءا في هذا العام هي: ميانمار وأفغانستان وبوركينا فاسو وهايتي ولبنان.
(يتبع… خطة بايدن لمواجهة الهشاشة؟)