- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مخاوف مثارة: لماذا يتصاعد التشكيك في قدرة "بايدن" على خوض السباق الرئاسي؟
مخاوف مثارة: لماذا يتصاعد التشكيك في قدرة "بايدن" على خوض السباق الرئاسي؟
- 6 مايو 2023, 4:02:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن رسمياً، في 25 أبريل 2023، ترشحه للفوز بفترة رئاسية ثانية في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي لعام 2024، أُثير جدل بين قطاع كبير من الديمقراطيين، حول قدرته على خوض السباق الانتخابي القادم؛ حيث سيكون عمره مع بداية فترته الرئاسية الثانية 82 عاماً، ليكون أكبر مرشح للانتخابات الرئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وتتصاعد تلك المخاوف إذا كان مرشح الحزب الجمهوري في تلك الانتخابات أصغر سناً مثل حاكم ولاية فلوريدا “رون ديسانتيس”، الذي يبلغ من العمر نحو 44 عاماً، وليس الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يقل عمره عن بايدن بأربع سنوات.
أسباب عديدة
يرجع قلق الديمقراطيين حول قدرات الرئيس الأمريكي على خوض السباق الانتخابي الرئاسي القادم إلى جملة من الأسباب، يتمثل أبرزها فيما يلي:
1– تقدم عمر الرئيس الأمريكي: يُثير عمر بايدن الذي سيُنهي فترته الرئاسية الثانية وهو في سن 86 عاماً، التساؤلات حول قدراته على إدارة دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة الأمريكية في وقت تواجه فيه العديد من التحديدات الداخلية والخارجية، وكذلك إدارة حملة انتخابية ستكون مختلفة عن سابقتها لعام 2020 التي جاءت في وسط جائحة كوفيد–19P ما دفع بايدن إلى تقليل تواصله المباشر مع الناخبين الأمريكيين؛ حيث كان يدير حملته الانتخابية افتراضياً من منزله بولاية ديلاوير، وتجنَّب الحشود الانتخابية خوفاً من إصابته بفيروس كورونا مع تقدم عمره، وإلغاء بعض المناظرات الانتخابية.
ولكن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 ستتطلب مزيداً من النشاط البدني، وعقد مؤتمرات ولقاءات انتخابية بمعظم الولايات الأمريكية، بجانب إدارة مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة، وهو أمر قد يكون صعباً ومرهقاً مع تقدم عمر بايدن؛ ولذا يُتوقع أن يجعل الحزب الجمهوري من تقدُّم عمر الرئيس الأمريكي أبرز القضايا الانتخابية في الانتخابات الرئاسية القادمة.
2– تفاقم المشكلات الصحية والعقلية لبايدن: رغم خضوع الرئيس الأمريكي لاختبارات صحية أكدت قدرته على أداء مهامه على أكمل وجه، فإنه يُواجه العديد من أمراض الشيخوخة، مثل التهاب العمود الفقري الذي يسهم في جعل مشيته أكثر تصلباً بشكل لافت، وتعثره في المشي وسقوطه عدة مرات أمام الكاميرات، فضلاً عن تزايد حالات تلعثمه ونسيانه بعض أسماء مسؤولي إدارته والتفاصيل خلال خطاباته ومؤتمراته الصحفية، التي تسببت في مواقف محرجة له.
وقد أعادت صورة خلال مؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي في 26 أبريل 2023 مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، تضمنت اسم مراسلة لوس أنجلوس تايمز “كورتني سوبرامينيان” وصورتها، وكيفية نطق اسم عائلتها، إضافة إلى السؤال الذي كان من المرجح أن تسأله؛ تزايد اعتماد جو بايدن على بطاقات الملاحظات، وإعداد الأسئلة مسبقاً خلال خطاباته ومؤتمراته الصحفية. ولم تكن تلك الصورة الأولى؛ فقد سبق أن كشفت الصحافة الأمريكية خلال العامين الماضيين، أكثر من مرة، صوراً للرئيس وهو يعتمد على بطاقات الملاحظات خلال مؤتمراته الصحفية وخطاباته.
وعلى الرغم من أن اعتماد الرئيس وأبرز أعضاء إدارته، مثل وزير الخارجية ووزير الدفاع، على بطاقات الملاحظات خلال الاجتماعات، أمر شائع لتجنب الوقوع في مواقف محرجة، فإن تزايد اعتماد جو بايدن عليها، مع تقدم عمره، دفع العديد من الديمقراطيين، ناهيك عن خصومهم من الجمهوريين، إلى التعبير عن مخاوفهم العميقة من الحالة الصحية والعقلية للرئيس الأمريكي.
3– انخفاض شعبية “بايدن” في استطلاعات الرأي العام: رغم عديد من الإنجازات التي حققها “جو بايدن” خلال أول عامين لها في البيت الأبيض، على غرار تمرير تشريعات بموافقة الحزبين/ مثل حزمة إغاثة كوفيد–19 بقيمة 1.9 تريليون دولار، وبرنامج بقيمة تريليون دولار لإعادة بناء الطرق والمطارات والبنية التحتية الأخرى المتهالكة في الولايات المتحدة الأمريكية، واستثمارات مكافحة تغير المناخ، وخفض تكاليف الأدوية الموصوفة لكبار السن، وعلاج قدامى المحاربين، فإن نسبة عدم الرضا عن الأداء الوظيفي للرئيس الأمريكي مرتفعة بين الناخبين الأمريكيين.
فقد أظهرت نتائج استطلاع رأي لمؤسسة جالوب صدرت بعد يومين من إعلان بايدن ترشحه لفترة رئاسية ثانية، أنه يبدأ حملته الانتخابية وشعبيته منخفضة لأدنى نقطة لها في رئاسته؛ حيث وصلت إلى 37%. وتنخفض شعبيته بين المستقلين؛ حيث وصلت إلى 31%، وهي منخفضة بتسع نقاط عن نتائج استطلاع في فبراير الفائت. وستعتمد فرص بايدن في الفوز بولاية ثانية بشكل كبير على قدراته على الفوز بأصوات المستقلين.
4– تراجع حماسة الناخبين الديمقراطيين لإعادة انتخاب “بايدن”: سيؤثر تقدُّم عمر الرئيس على حماسة الناخبين الديمقراطيين المنقسمين حول ترشحه لفترة رئاسية ثانية للذهاب إلى صناديق الاقتراع لإعادته مرة أخرى إلى البيت الأبيض؛ حيث يريد أغلب الناخبين الديمقراطيين مرشحاً ديمقراطياً صغيراً في السن يعبر عن جيلهم وأفكارهم، ويرون أنه مع تقدم عمر بايدن فإنه ليس الشخص المناسب لإدارة البلاد.
وستتراجع حماسة الديمقراطيين بصورة متزايدة إذا كان مرشح الحزب الجمهوري المنافس لبايدن في الانتخابات أصغر سناً. وقد أوضح العالم السياسي بجامعة جورجيا “تشارلز بولوك” أن الناخبين الديمقراطيين، وخاصةً الناخبين الأصغر سناً، مستعدون للانتقال إلى جيل جديد ومثير من السياسيين الحاليين الذين يهيمنون على الحزب راهناً. ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها صحيفة يو إس إيه توداي، وجامعة سوفولك، فإن نصف الأمريكيين يرون أن العمر المثالي للرئيس يتراوح بين 51 و65 عاماً، بينما قال ربعهم إنهم يفضلون ألا يزيد عمره عن 50 عاماً.
5– تخوف الديمقراطيون من الضغط الجمهوري: يتخوف الديمقراطيون من أن يؤدي ترشح “بايدن” للانتخابات الرئاسية إلى منح فرصة للجمهوريين من أجل مضاعفة الضغوط على “بايدن” والحزب الديمقراطي، وقد يكون هذا هو ما ظهر من تعليق الحزب الجمهوري على ترشيح بايدن؛ إذ سارع الحزب الجمهوري إلى التعليق على إعلان ترشح بايدن ووصفه بأنه “منفصل عن الواقع”. وذكرت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أن “بايدن منفصل عن الواقع لدرجة أنه بعدما تسبَّب في أزمة تلو الأخرى، يرى نفسه جديراً بأربع سنوات إضافية”. ويلاحظ في هذا الصدد، أن الجمهوريين يحاولون إقناع الرأي العام بأن استمرار “بايدن” في الحكم سيؤدي إلى تفاقم المشكلات والتحديات الداخلية.
اهتمام بالنائبة
على الرغم من أن الناخبين في العادة يكون محركهم للتصويت في الانتخابات الرئاسية، هو المرشح لمنصب الرئيس بصورة أساسية، وليس لمنصب نائب الرئيس، لكن لتقدم عمر جو بايدن، ولتوقع أنه قد لا يستطيع استكمال فترته الرئاسية الثانية في حال فوزه في الانتخابات؛ حيث إن فرص تعرضه لأزمات صحية، أو وفاته ليست بالضئيلة؛ لذلك فإن الناخبين في تلك الانتخابات، وعلى غير العادة في التاريخ الأمريكي، سيركزون على المرشح لمنصب نائب الرئيس.
ولتزايد تركيز الناخبين على نائبة الرئيس في تلك الانتخابات، أشار تقرير لشبكة “إن بي سي” الإخبارية في 28 أبريل 2023 إلى أنه كجزء من استراتيجية إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، وضع مستشاروه في الأشهر الأخيرة خطة لتعزيز عمل كمالا هاريس بشكل أفضل، وإبرازها للأمريكيين لكسب المزيد من التقدير لدورها في الإدارة الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن هاريس لم تعزز شعبيتها بين الأمريكيين خلال أول عامين لها في البيت الأبيض. وهذا يرجع إلى أسباب متعددة؛ منها تعاملها مع قضايا معقدة ومتشابكة أكبر من قدراتها، والتعامل معها بمزيج من التحيز الجنسي والعنصرية كأول امرأة ملونة تعمل نائبةً للرئيس، وشكوك الناخبين حول قدراتها على العمل رئيسةً، وهي الشكوك التي كانت كبيرة بما يكفي لتركها المنافسة للفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية لعام 2020 مبكراً، ولا تزال تلك المخاوف لدى قطاع كبير من الناخبين الأمريكيين.
فقد وصلت نسبة عدم الموافقة عليها في متوسط استطلاعات موقع FiveThirtyEight نحو 54.4% في 26 أبريل 2023، في مقابل موافقة 42.6، وهما نسبتان قريبتان من نسب عدم رضا الأمريكيين عن الأداء الوظيفي للرئيس الأمريكي، التي وصلت إلى 35% وفقاً لمتوسط استطلاعات الموقع ذاته في 2 مايو الجاري، بينما يوافق 42.3% على الأداء الوظيفي لبايدن.
دعم ديمقراطي
خلاصة القول: رغم سهولة مسار ترشيح الحزب الديمقراطي للرئيس جو بايدن في صيف العام القادم ليكون مرشحه في الاستحقاق الانتخابي لعام 2024 في ظل غياب منافسين ديمقراطيين رئيسيين، فإن ترشحه يُثير العديد من التساؤلات حول قدرته على خوض السباق الرئاسي القادم، التي ستتزايد إذا كان منافسه الجمهوري أصغر سناً، وليس الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يتميز بتقدم عمره أيضاً.
ومع رغبة الديمقراطيين في رؤية مرشح أكثر شباباً، وقلقهم بشأن تقدم عمر بايدن، وحالته الصحية والعقلية، فإنهم سيقفون وراءه بقوة في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ فقد أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة أسوشيتد برس ومركز نورك لأبحاث الشؤون العامة في 21 أبريل 2023 أنه رغم إحجام العديد من الديمقراطيين عن رؤية بايدن يترشح لفترة رئاسية ثانية، فإن 78% منهم يوافقون على الوظيفة التي يقوم بها رئيساً، ويقول 81% منهم إنهم سيدعمونه للفوز بفترة رئاسية ثانية.