مصطفى السعيد يكتب لنا.. من وراء تصعيد مشكلة سد النهضة

profile
مصطفى السعيد كاتب صحفي
  • clock 7 أبريل 2021, 5:06:05 ص
  • eye 921
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

من وراء تضخيم أزمة سد النهضة؟

لم تكن أزمة سد النهضة الأثيوبي خطيرة في بدايتها، فمشروع بناء السد كان قديما، والغاية منه توليد الكهرباء وليس الري، فأثيوبيا تسقط عليها أمطار غزيرة للغاية، تبلغ نحو عشرة أضعاف إيراد النيل، ولا يمكن لأثيوبيا تخزين إلا نسبة محدودة من الأمطار التي تهطل على هضاب تصطدم بالسحاب، وإلا غرقت أراضيها وتعرضت لفيضانات وانهيارات أرضية وكوارث ضخمة، لكن خلاف مصر والسودان مع أثيوبيا أخذ يتدحرج ويكبر، فالبحيرة التي تخزن المياه خلف السد تقرر توسيعها عدة مرات وزيادة مخزونها، وهذه كانت مشكلة يمكن تداركها أيضا إذا تم الإتفاق على برنامج زمني مناسب لتخزين المياه، لكن الأخطر جاء مع تصريحات وقرارات مستفزة من الجانب الأثيوبي، أشدها عدم الإعتراف باتفاقية تقاسم المياه المتدفقة إلى النيل الأزرق بادعاء أنها اتفاقية جرت في عهد الإستعمار، وهو كلام غريب وخطير، فمعظم خرائط حدود دول العالم وضعها الإستعمار، ومنها حدود أثيوبيا والسودان وباقي دول أفريقيا، ومعظم القارات، وكذلك وضع الإستعمار القوانين المتعلقة بمياه الأنهار الدولية والمياه الإقليمية في البحار، فهل يمكن إعادة النظر أو إلغاء تلك الإتفاقيات المستقرة؟ بالطبع لا، لأن إلغاءها سيشعل العالم كله بالحروب والصراعات، ثم جاءت تصريحات آخرى تدعي أن المياه التي تسقط على أثيوبيا ملكية خاصة للأثيوبيين، مع أن مصر هبة النيل وأقدم دول القارة والعالم، ولهذا كان لابد من موقف متشدد وسريع من جانب الحكومة المصرية، خصوصا وزارة الخارجية، وأن تتقدم بشكوى عاجلة لمجلس الأمن باعتبارها قضية تمس الأمن والسلم الدوليين، وتعلن أن التعدي على حقها في مياه النيل بمثابة إعلان حرب، وتحذر كل الدول المشاركة في بناء السد، خصوصا الدول العربية التي تدعي صداقتها العميقة بمصر، لكن التراخي بلغ مداه عندما دخلت الخارجية المصرية في مفاوضات دون تحديد سقف زمني ودون تحديد مرجعية للتفاوض، ودون اشتراط وقف أي أعمال تشييد السد قبل الإنتهاء من المفاوضات، وتركت الأمر للنوايا، واكتفت بتصريحات رخوة يسهل تأويلها عن عدم الإضرار بحقوق مصر والسودان، لأن مفاهيم مثل الضرر والحقوق غير محددة ولا تعترف بها أثيوبيا أصلا، وأحد الأمثلة الواضحة دخول الفلسطينيين في مفاوضات لا تنتهي مع إسرائيل، بينما كانت تستغل الوقت في توسيع الإستيطان وتغيير المعالم وفرض أمر واقع، لكن خارجيتنا لا تتعلم، ولم تتصرف بقدر حجم المسئولية والخطر، وأضاعت الكثير من الوقت، وصمتت طويلا على المراوغة الأثيوبية، واستفحلت الأزمة، ولم تعد تتعلق ببرنامج زمني لملء بحيرة السد إلى التشكيك في الحقوق الثابتة والتاريخية لمصر، والتي تهدد وجودها. والمؤكد أن هناك من دفع أثيوبيا لتلك المواقف والتصريحات المتعنتة والمستفزة، لكن تظل مسئولية حكومتنا أكبر، خصوصا وزارة الخارجية التي تراخت طويلا في قضية تمس حياة ووجود مصر.

التعليقات (0)