- ℃ 11 تركيا
- 23 ديسمبر 2024
مفاوضات الرئاسة اللبنانية.. جعجعة "جعجع" تهمش أكبر كتلة سياسية مسيحية
مفاوضات الرئاسة اللبنانية.. جعجعة "جعجع" تهمش أكبر كتلة سياسية مسيحية
- 8 أغسطس 2023, 1:39:54 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الباحث بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، مايكل يونج، الضوء على أزمة انتخاب رئيس جديد للبنان، ودور زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، فيها، مشيرا إلى أن الشيخ نبيل قاووق، المسؤول في حزب الله، أعلن الأحد، استمرار مأزق عدم الاتفاق على حل وبقاء البلاد بدون رئيس منتخب.
وذكر يونج، في تحليل نشره موقع المركز وترجمه "الخليج الجديد"، أن قاووق ذكر أن "بصيص الأمل الوحيد في البلاد هو الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر" بقيادة جبران باسيل.
وتساءل الباحث: "كيف سُمح لحزب الله بتقديم التيار الوطني الحر على أنه المفاوض المسيحي الرئيسي الذي يجب على الحزب التحدث معه حول رئاسة لبنان على الرغم من حصول القوات اللبنانية على عدد أكبر من الأصوات في انتخابات عام 2022 ولها كتلة أكبر في البرلمان؟"، مشيرا إلى أن "القوات اللبنانية" لم يعد له وجه تأثير حقيقي في السياسة اللبنانية، بسبب إصرار زعيمه على سياسة عقيمة، تقوم على الجعجعة، لا الانخراط في تفاوض مثمر.
وأضاف: "عندما يتعلق الأمر بتقديم بديل لهيكل الحكم الفاشل الموجود اليوم في لبنان، فماذا يقترح الحزب؟ لقد مرت سنوات منذ أن شارك "القوات اللبنانية" في الحكومة، ناهيك عن فرض نفسه كلاعب محوري في شؤون البلاد".
وتابع: "منذ عام 2019، يبدو أن الحزب قد تراجع إلى شكل من أشكال العزلة المتكلسة. ففي يوليو/تموز، قال جعجع إنه لن يشارك في مناقشات مع حزب الله، مبررًا ذلك على أساس أنه لا فائدة من إضاعة وقت إضافي في حوار لن يؤدي إلى أي نتيجة".
عزلة سياسية
ويشير يونج، في هذا الصدد، إلى أن جعجع يهدر قيادته لأكبر كتلة مسيحية في البرلمان بعزلته السياسية، والأسوأ من ذلك، أن علاقاته مع معظم الكتل السياسية الرئيسية سيئة، فهو لا يتحاور إلى حزب الله، واصطدم مع المجتمع السني، وخاصة أتباع سعد الحريري.
وفي المقابل، كان باسيل أكثر ذكاءً، حسبما يرى يونج، مشيرا إلى أن حوار الزعيم المسيحي مع حزب الله يهدف إلى تحقيق عدة أمور، على رأسها ضمان بقائه على صلة بمفاوضات اختيار الرئيس اللبناني، في وقت كان فيه عدد غير قليل من الأشخاص قد شطبوا اسمه بعد مغادرة ميشال عون لمنصبه.
وسمح سلوك باسيل لحزب الله بتصنيف التيار الوطني الحر على أنه "الحزب المسيحي الأبرز"، ومن خلال مواكبة هذا "الوهم"، حسب توصيف "يونج"، يعيد باسيل تعويم سفينة غارقة للتيار الوطني الحر ويقوض "القوات اللبنانية"، وهو ما لم يفعل جعجع شيئًا لمواجهته.
وهنا يشير يونج إلى أن واقعية باسيل هي ما تجعل منه رقما في سياسة لبنان، فهو يتحدث مع أقوى حزب في لبنان (حزب الله)، وهي ضرورة لمن يريد أن يلعب دورًا، كما يحاول إعادة إحياء تفاعلاته مع الكتل السياسية الأخرى.
وفي أوائل أغسطس/آب الجاري، افتتح باسيل مركزًا للشباب في الشوف، وهي منطقة التأثير الرئيسية للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وألقى كلمة تصالحية، وذكر أنه "لا يوجد سبب يدعو [التيار الوطني الحر] إلى معاداة أي لبناني بسبب انتمائه أو تفكيره، لأننا نقبل الجميع. يمكن أن نتشاجر مع البعض بسبب سلوكهم أو أفعالهم، ولكن ليس بسبب طائفتهم أو حزبهم أو تفكيرهم".
جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من تهنئة باسيل لتيمور جنبلاط بانتخابه رئيسا للحزب التقدمي الاشتراكي، كما هنأ وليد جنبلاط بهذه المناسبة، وأعرب عن "كل التمنيات بانتقال هادئ لقيادة الحزب، والأمل في التعاون لما فيه خير الوطن".
كتلة السنة
وبينما كان باسيل يمر بوقت عصيب مع اللبنانيين السنة، حتى قبل رحيل والد زوجته عن الرئاسة العام الماضي، بدأ في إصلاح العلاقات معهم، وكان هذا طبيعيًا في هذا الوقت، الذي ترجح فيه أن حزب الله لن يدعم رئاسته، ولذا أراد توسيع نفوذه الطائفي.
وفي نيسان/أيلول 2022، زار باسيل مفتي الجمهورية اللبنانية، عبد اللطيف دريان، مع وفد من التيار الوطني الحر، ودافع عن اتفاق الطائف، الذي أعطى صلاحيات دستورية كبيرة لرئيس الوزراء السني، على حساب الرئيس الماروني، ولذلك كانت تصريحات باسيل محاولة لطمأنة السنة بأن الموارنة لا يسعون إلى إلغاء الاتفاق.
أما جعجع، فلايزال على علاقة سيئة مع معظم القوى السياسية السنية الرئيسية، ولا يزال أتباع الحريري يلومونه على الطريقة التي انقلب بها السعوديون على رئيس الوزراء السابق، ويتذكرون رفضه، في مناسبتين، ترشيح الحريري كرئيس للوزراء، ما حرمه من الشرعية المسيحية، وأدى إلى شل جهود الحريري الصعبة لتشكيل الحكومة.
كما لم يكن تاريخ جعجع مع أولئك الذين ينحدرون من خلفية قومية عربية أو مؤيدة للفلسطينيين جيدًا أبدًا، بحسب يونج، مشيرا إلى أن زعيم "القوات اللبنانية"، يسعى، منذ انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى الابتعاد عن الطبقة السياسية الفاسدة لتجنب تشويه سمعته، وطريقته في القيام بذلك هي إبقاء حزبه خارج الحكومة.
لكن جعجع لم يقم، مع ذلك، بالتوجه إلى القوى السياسية الجديدة، التي انبثقت عن الانتفاضة، وكانت تعاملاته مع ما يسمى "كتلة التغيير"، للبرلمانيين الذين خرجوا من المجتمع المدني، متوترة.
ويعلق يونج على ذلك بقوله: "يبدو أن جعجع لا يستطيع أن يفهم تمامًا سبب رفضهم اتباع قيادته، وغاب عنه نقطة واضحة تمامًا وهي أن كتلة التغيير، على الرغم من كل زلاتها، تصر على البقاء مستقلة عن القيادة السياسية التقليدية".
مسؤولية الحكم
ويرى يونج أن الخطر الذي يواجه حزب القوات اللبنانية هو أنه "برفضه تحمل أي مسؤولية عن الحكم، فإنها سيصبح غير ذي صلة بالتأثير السياسي إلى حد كبير، وهذا عار في تاريخ الحزب الذي كان يعين أشخاصًا يتمتعون بالمصداقية كوزراء في الحكومة".
ويضيف: "أراهن على أنه ما لم تتغير استراتيجية جعجع، سيخسر حزب القوات اللبنانية الانتخابات في عام 2026".
ويرى يونج ضرورة أن يتصرف جعجع كزعيم لأكبر حزب مسيحي وألا يسمح لحزب الله بالتغلب عليه من خلال تصوير باسيل على أنه المرشح المسيحي الأوفر حظا للرئاسة اللبنانية، وهذا يعني أن على جعجع أن يتحدث إلى حزب الله، بل ويفرض نفسه.
ويوضح الباحث بمركز كانيجي الشرق الأوسط: "ليس من المنطقي رفض التواصل مع قوة فاعلة في البلاد، ولا إعطاء حزب الله الحرية لنزع الشرعية عن القوات اللبنانية".
ويقر يونج بأن جعجع محق في أن حزب الله لديه أجندة لن يتنازل عنها كثيرًا على الأرجح، ومع ذلك، فقد نجح هو وباسيل في تهميش اختيار حزب الله لسليمان فرنجية رئيسا لبعض الوقت، وذلك عندما دعما معا، جهاد أزعور، كمرشح، ما أجبر حزب الله على التراجع والبحث عن حل.
ومع ذلك، كان ينبغي أن يكون جعجع، زعيم أكبر كتلة نيابية مسيحية، هو المستفيد الأبرز من هذا النجاح، عبر الانخراط مع حزب الله في وضع حل للجمود، وليس باسيل، حسبما يرى يونج، واصفا ما جرى بأن "باسيل استخدم جعجع لكسب النفوذ في مفاوضاته مع حزب الله، وليس العكس".
ويخلص الباحث بمركز كانيجي الشرق الأوسط إلى أن حزب القوات اللبنانية "قد يكون أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني، لكنه في الحقيقة ليس ضروريا للسياسة الداخلية لأنه اختار البقاء خارج المفاوضات".