- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مقبرة جماعية لجنود مصريين في اللطرون.. سر عمره خمسة وخمسون عامًا
مقبرة جماعية لجنود مصريين في اللطرون.. سر عمره خمسة وخمسون عامًا
- 16 يوليو 2022, 7:59:06 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تقرير ليالي عيد
تحت حديقة استيطانية تحمل اسم "إسرائيل المصغّرة Mini Israel" في منطقة اللطرون غرب مدينة القدس، أخفى جنود الاحتلال الإسرائيلي جثث نحو ثمانين جندياً مصرياً ودفنوهم في حفرة من دون شواهد قبور، في سر ظل صامدًا خمسةً وخمسين عامًا، كشف النقاب عنه قائد عسكري إسرائيلي شارك في إحدى معارك اللطرون.
كانت البداية، عندما كشف مراسل موقع "واي نت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، يوسي ميلمان، عن مقتل 20 جنديا مصريا حرقا خلال حرب عام 1967 ودفنهم في مقبرة جماعية لا تحمل أي علامات.
وفقا لحديث مراسل موقع "واي نت" العبري، فإن القائد العسكري الإسرائيلي المشارك في تلك العملية، زين بلوخ، الذي يبلغ من العمر اليوم 90 عاما، أبلغه بالحادثة، حيث كان قائدا لفرقة "نحشون" التي شاركت بتلك الحرب.
وفي أعقاب ذلك، نشرت صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس" روايات شهود تشير إلى "وجود مقبرة غير مميزة قرب اللطرون"، حيث دارت معارك بين الجيش الإسرائيلي والجنود المصريين قبل عقود.
وأضافت الصحيفتان أنه بعد 55 عاماً من الرقابة الشديدة، فإن ما لا يقل عن 20 جندياً مصرياً قد أحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية خلال حرب 1967 التي تعرف بحرب "الأيام الستة".
وتقع قرية اللطرون المُهجّرة على الطريق الواصل بين مدينتي القدس ويافا، وتبعد نحو 25 كيلومترًا غرب القدس، وعقب حرب عام 1948، تم الاتفاق بين إسرائيل والأردن على جعلها منطقة محرمة، وخلال تلك الحرب هجّر الاحتلال سكان قرى اللطرون الثلاث المشهورة؛ عمواس ويالو والمجدل، وزرع مناطق حرجية أطلق عليها اسم "متنزه كندا"، وفي سنوات الثمانينات أقام مستوطنة سياحية صغيرة تحوي مجسمات ومبانٍ مصغرة الحجم.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإنه في حزيران 1967، اندلعت معركة دامية في منطقة اللطرون وفي الحقول المجاورة لـ "كيبوتس نحشون"، وجد المصريون أنفسهم محاصرين في "المنطقة الحرام" في "وادي أيالون"، وقتل العشرات من الجنود المصريين، ربما يصل عددهم إلى 100، في هذه المنطقة خلال الأيام الستة من الحرب.
وأشارت صحيفة "هآرتس": "قتل ما لا يقل عن 20 جندياً مصرياً في حريق الأحراش، وانتشر الحريق سريعاً في الأحراش الجافة، ولم يكن لديهم فرصة للهروب، وفي اليوم التالي جاء جنود من الجيش الإسرائيلي مجهّزين بجرافة إلى مكان الحادث وحفروا حفرة ودفعوا الجثث المصرية وغطوها بالتربة".
وبينت الصحيفة أن بلوخ، الذي كان قائداً للسرب 122 (نحشون) وآخرين شاهدوا بفظاعة الجنود الإسرائيليين ينهبون الممتلكات الشخصية للجنود المصريين ويتركون المقبرة الجماعية بدون علامات.
ويقول المؤرخ والباحث في معهد فانلير د. عادل مناع لـ "وفا": "نحن نتحدث عن مقبرة جماعية لجنود كوماندوز مصريين استشهدوا في السادس من حزيران من العام 1967 في منطقة اللطرون وبالقرب من كيبوتس نحشون، وتم دفنهم بشكل عشوائي في مقبرة جماعية، وزرع المستوطنون في الكيبوتس المنطقة بكرم من أشجار اللوز فوق جثامين الشهداء المصريين، ويوجد اليوم ما يسمى بإسرائيل المصغّرة التي تمثل مجموعة من الأشياء المختلفة في إسرائيل وحولها أشجار وموقف سيارات".
وأضاف "التستر على هذه المقبرة شيء يخجل منه الإسرائيليون وكان يعتبر سراًّ، حتى لا يتم فضحهم بكيفية تصرفهم بالجثث وكيف تم دفنها في قبر جماعي وخاصة أنها تعيد للأذهان قبورًا جماعية لمذابح ارتكبها جنود الاحتلال عام 1948 ضد الفلسطينيين، وهنالك أكثر من صحفي حاولوا في الماضي نشر معلومات حول هذه القضية، إلا أن الرقابة العسكرية كانت ترفض السماح بالحديث عن هذا الموضوع، ولكنه مؤخرا سمحت بالنشر".
وحول الرد المصري على هذا المقبرة الجماعية يقول د. مناع "تم الاتفاق بين رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إجراء بحث معين حول الموضوع، وهنالك من يطالب بإقامة نصب تذكاري لجنود المقبرة الجماعية".
وتابع بأنه يبدو أن الجنود المصريين قضوا حرقًا في المنطقة التي كانت في ذلك الوقت تنبت بها الأشواك والأعشاب وشجيرات، وفي ذلك الوقت استخدم جنود الاحتلال الاسرائيلي مدافع تتسبب بحرائق، وهو ما يرجح فرضية أن 20 إلى 80 جنديا مصريا قضوا حرقًا، ومن أجل أن تتم التغطية على هذا الفعل قاموا بدفنهم بشكل عشوائي.
وحسب القانون الجنائي الدولي، فإن المقابر الجماعية التي لا يكون ثمة بيانات واضحة للأشخاص المدفونين فيها هي بمثابة جريمة إخفاء قسري لهم، التي لا يمر عليها الزمن.
ويعتبر الكشف عن المقابر الجماعية دليلا على جريمة مخالفة للقواعد الدولية ولقوانين الحرب، ارتكبتها حكومات الاحتلال المتعاقبة أو الأشخاص الذين كانوا يشرفون على هذه العملية في تاريخها، الذين قبلوا باستمرار هذه الجريمة وباستمرار الإخفاء القسري لمصير الجنود عن أهاليهم، أو على الأقل عن حكومات بلادهم.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن مقبرة جماعيةٍ لجنودٍ مصريين، ففي عام 2008، وتحديدًا في كانون الثاني، كشفت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية النقاب عن العثور على مقبرة جماعية يعتقد أنها تعود لجنود مصريين شاركوا في حرب 1948 وقتلوا شنقا أو رميا بالرصاص في أم الرشراش (إيلات) على خليج العقبة جنوب فلسطين. وتضم المقبرة إلى جانب رفات الشهداء، بقايا مصاحف وأسلحة بيضاء، وأثار هذا الكشف ردود أفعال كبيرة في مصر.
وحسب مؤسسة الأقصى، كانت قوة مصرية ترابط في أم الرشراش عددها 350 جندياً وضابطاً في نهاية عام 1948 عندما دخلتها قوات إسرائيلية بقيادة اسحق رابين، ويعتقد بأنهم ضحايا تلك المجزرة الجماعية.