- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مُذكّرات كوشنر (1): ترامب قتلَ سُليماني خلال مُشاهدته إعلاناً انتخابيّاً
مُذكّرات كوشنر (1): ترامب قتلَ سُليماني خلال مُشاهدته إعلاناً انتخابيّاً
- 31 أغسطس 2022, 12:05:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كانَ كبير مُستشاري الرّئيس الأميركيّ السّابق وصهره جاريد كوشنر من أكثر الشّخصيّات تأثيراً داخل أروقة البيت الأبيض خلال ولاية دونالد ترامب بين 2016 و2020. لعِبَ كوشنر دوراً كبيراً في إعادة الزّخم للعلاقات العربيّة – الأميركيّة، بعد توتّرها في عهد الدّيمقراطيّ باراك أوباما على إثر توقيع الاتفاق النّوويّ مع إيران في 2015.
وكان له الدّور الأبرز في تطبيع علاقات إسرائيل مع دُول عربيّة عديدة، أبرزها دولة الإمارات ومملكة البحريْن والمملكة المغربيّة والسّودان، نظراً إلى انتمائه لطائفة اليهود الأرثوذكس.
قرّرَ كوشنر أخيراً توثيق هذه الفترة من حياته في كتابٍ تحت عنوان "Breaking History: A White House Memoir" كشف فيه عن لحظات حاسمة وخفايا قرارات اتُّخِذَت في البيت الأبيض.
ننشرُ سلسلة حلقاتٍ من كتاب كبير مُستشاري ترامب. تتحدّث الحلقة الأولى عن الدّقائق التي سبقَت اغتيال القائد السّابق لفيلق القُدس في الحرس الثّوريّ الإيرانيّ قاسم سُليماني في كانون الثّاني 2020.
يكشفُ كوشنر أنّ الرّئيس السّابق دونالد ترامب أعطى الأمر باغتيال قاسم سليماني في العراق من دون أن يُخبر أحداً من فريقه الانتخابيّ، الذي كان كوشنر أحد أهمّ أعضائه.
يقول كوشنر في مذكّراته: "في 3 كانون الثاني من عام 2020 وبينما كان يجلس الرئيس مع فريق حملته الانتخابية في مُنتَجع Mar-a-Lago في ولاية فلوريدا السّاحليّة، دخل مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين إلى الغرفة وقال لترامب: "سيّدي الرئيس، لقد حان الوقت"، وقف ترامب وسارَ مع مُستشار الأمن القوميّ إلى خارج الغرفة، وقبل أن يخرج التفت وتوجّه إلينا بالقول: "انتظروا هنا يا رفاق... سأعود".
في تلكَ الأثناء، كانَ فريق ترامب الانتخابيّ يُراجع إعلاناً يُخطّطُ لإذاعته خلال بثّ مباريات كرة القدم الأميركيّة ليُشاهدَه 80% من الناخبين في البلاد.
بعد خروج ترامب، قال كوشنر لزملائه: "لن يعودَ الرّئيس قبل مضيّ وقت". وكشَفَ أنّ السّيناتور الجمهوريّ البارز ليندسي غراهام أخبره قبل ليلة من ذلك اليوم أنّ الرّئيس ترامب ينوي القيام بخطوة "ستُغَيّر اللّعبَة"، لكنّ كوشنر قال إنّه لم يكُن يعرف عمّا كان يتحدّث غراهام.
يُتابع صهر ترامب: "في وقت أقصر مِمّا كُنتُ أتوقّع عاد الرّئيس إلى الغرفة وطلب إكمال العمل على الإعلان الانتخابيّ، من دون أن يتحدّث إلينا عن سبب خروجه مع أوبراين بشكلٍ مفاجئ من الغرفة".
في تلكَ الأثناء رأى كوشنر نائب كبير موظّفي البيت الأبيض دان سكافينو يتصفّح منصّة "تويتر"، وأشار إلى أنّ سكافينو يعلم أيّ الصحافيين ينبغي أن يتابع لرصدِ الأخبار العاجلة، وقال كوشنر إنّ سكافينو كان يخبر ترامب بأخبار عن أحداث حول العالم قبل أن يُبلّغه ذلك مسؤولو الاستخبارات.
تويتر أقوى من الاستخبارات الأميركية
في تلك اللحظات رصَدَ سكافينو صوراً عن انفجارٍ قُربَ مطار بغداد، فقال له ترامب: "دان... تابع الأمر عن كثب وأخبرني إذا حدثَ شيءٌ مثيرٌ للاهتمام".
بعد 5 دقائق نادى سكافينو الحاضرين وقال: "عليكم أن تروا هذا... نَشر صحافيٌّ إيرانيّ صورة يدٍ متضررةٍ بشدّة ويغطّيهَا الرّمَاد ويزيّنها خاتمٌ يحملُ حجراً أحمر كبيراً، وأرفَقَ الصورةَ بصورةٍ أخرى للجنرال قاسم سليماني يُمَسِّد لحيته ويظهر الخاتم نفسه في يده".
بعدما غادرت السّيارة التي تُقلّ سُليماني والمهندس مطار بغداد، كانت طائرة أميركيّة بدون طيّار تُطلق صاروخاً من طراز Hellfire نحوَ الهدف، مؤدّيةً إلى مقتلهما على الفور
يكشف كوشنر أنّ ترامب تابع اجتماعه بشكلٍ طبيعيّ وبأعصاب باردة، وكأنّ شيئاً لم يحصل، وذلك بعد انتشار الخبر على منصّات التواصل الاجتماعيّ ووكالات الأنباء. "وبرودة الأعصاب والتركيز على أمرٍ واحد من السّمات التي أعشقها بالرّئيس ترامب"، يقول كوشنر.
يكمِل كوشنر سرد لحظات اغتيال سُليماني: "سرعان ما أدرك العالم أنّ ترامب أعطى الأمر بقتل الإرهابيّ الأوّل في العالم، فإذا كانَ آية الله خامنئي هو رأس إيران، فإنّ سُليماني كان قبضتها".
في الفترة التي سبَقت اغتيال سُليماني، راح الإيرانيّون يصعّدون عسكريّاً ضدّ مصالح أميركا وحلفائها في المنطقة. في 20 حزيران 2019، أسقطَت إيران طائرة استطلاع أميركيّة في الأجواء الدّوليّة لمضيق هرمز. يكشف كوشنر أنّ ترامب قرّر الرّد بشكلٍ فوريّ، وأمر بتوجيه ضربةٍ عسكريّة لم يكشف عن تفاصيلها، وأُلغيَت قبل دقائق من تنفيذها.
تجاوزات سليماني العراقية
في 27 كانون الأوّل من العام نفسه، أي قبل أيّام قليلة من اغتيال سُليماني، أطلقت ميليشيات شيعيّة عراقيّة موالية لإيران صواريخ على قاعدة أميركيّة - عراقيّة مُشتركة، متسبّبةً بمقتل مُتعاقد أميركيّ وإصابة 4 جنود.
بعد هذه الضّربة، اتّخذَ ترامب القرار بقتل سُليماني. كان الرّئيس على يقين أنّ اغتيال قائد فيلق القدس سيُقلّل من قدرات إيران العسكريّة في المنطقة، وسيكون رسالةً قويّةً أنّ من يقتل الأميركيين لن يكون في مأمن.
في الثّاني من كانون الثّاني 2020، أعطى ترامب الأمر، وكان فجر اليوم الثّالث من الشّهر في العراق.
حطّ سُليماني في مطار بغداد الدّوليّ، على بُعد 12 ميلاً من سفارة الولايات المُتحدة، ودخَل سيّارة كانت تنتظره لمُغادرة المطار، حيث كان برفقته راكبٌ "غير مُتوقّع" هو أبو مهدي المُهندس، أحد أخطر العقول الإرهابيّة في العالم ومُدرجٌ على لائحة المطلوبين لأميركا منذ سنين طويلة ومُتّهم بتفجير سفارتَيْ أميركا وفرنسا في الكويت في 1983، وهو مسؤول عن مقتل مئات الجنود الأميركيين في العراق عبر عمليّات نفّذتها ميليشيات "كتائب حزب الله". كان المُهندِس، بحسب كوشنر، يحتمي بمنصبه الرّسميّ، نائب رئيس هيئة الحشد الشّعبيّ، ولهذا السّبب تجنّبت أميركا قتله في أوقات سابقة.
كان المُهندس وقّع وثيقة وفاته من دون أن يدري، حينما قرّر أن يركب في السّيارة نفسها مع سُليماني.
بعدما غادرت السّيارة التي تُقلّ سُليماني والمهندس مطار بغداد، كانت طائرة أميركيّة بدون طيّار تُطلق صاروخاً من طراز Hellfire نحوَ الهدف، مؤدّيةً إلى مقتلهما على الفور.