- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
هل الحكومة العراقية الجديدة قابلة للاستمرار؟
هل الحكومة العراقية الجديدة قابلة للاستمرار؟
- 15 نوفمبر 2022, 7:58:19 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يمثل تشكيل حكومة جديدة في العراق أمرا إيجابيا بعد شهور من التوتر والعنف، لكن هل يستطيع رئيس الحكومة "محمد شياع السوداني" أن يحافظ على بقاء الحكومة؟ هذا هو السؤال بين المسؤولين الأمريكيين والنخب العراقية اليوم.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، انتهى أخيرًا الجمود السياسي المستمر منذ عام في العراق بانتخاب "عبداللطيف رشيد" رئيسًا وتعيين "السوداني" رئيسا للوزراء.
ويُنظر إلى "السوداني" على نطاق واسع على أنه حسن النية ولم يتورط في أنشطة فاسدة، وما يميزه أنه عاش بالفعل في العراق خلال عهد "صدام" على عكس أبرز اللاعبين السياسيين العراقيين الذين كانوا مغتربين في إيران أو سوريا أو الأردن أو أوروبا أو في أي مكان آخر، وعادوا إلى العراق على أنهم مدعومون من الولايات المتحدة أو إيران، أو كما يراه الكثير من العراقيين على هذا النحو.
ولكن توجد مخاوف في واشنطن وبين بعض النخب السياسية الشيعية والكردية والسنية من أنه سيثبت أنه أضعف من أن يقاوم ميول "الإطار التنسيقي" المتحالف مع إيران والذي أوصله إلى السلطة في المقام الأول.
وهذا هو الشغل الشاغل لواشنطن التي تأمل أن يسير "السوداني" على خطى "مصطفى الكاظمي" ويحاول تقويض قوات الحشد الشعبي. لكن "الإطار التنسيقي" الداعم لـ"السوداني" عبارة عن تكتل من أحزاب شيعية تضم أيضًا ممثلين سياسيين لقوات الحشد الشعبي.
وقد تزايد قلق واشنطن بالفعل مع قرارات الحكومة الجديدة بإعفاء المسؤولين الذين عينهم "الكاظمي" عندما شغل منصب رئيس الوزراء المؤقت خلال المواجهة الطويلة بين "الصدر" والإطار التنسيقي.
ومع ذلك، سارعت الحكومة الجديدة لتبرير عمليات الفصل هذه (شملت مدير المخابرات الموالي للولايات المتحدة) باعتبارها ضرورية للامتثال لحكم المحكمة العليا الذي قال إن التعيينات كانت مؤقتة، وبالتالي يجب أن تنتهي بتشكيل حكومة جديدة.
وتعمل بعض وحدات الحشد الشعبي بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني. وقد حظيت الحكومة العراقية الجديدة بثناء من المسؤولين الإيرانيين والحرس الثوري الإيراني.
ويمكن رؤية تأثير قوات الحشد الشعبي في بعض المناصب الوزارية. على سبيل المثال، عمل وزير التعليم العالي "نعيم العبودي" كمتحدث باسم "عصائب أهل الحق" وهي وحدة تابعة لقوات الحشد الشعبي صنفتها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية أجنبية.
والأولوية الأهم بالنسبة لواشنطن هي استمرار المهمة العسكرية الأمريكية "لتقديم المشورة والمساعدة والتمكين لقوات الأمن العراقية" من أجل احتواء التهديد المتبقي لتنظيم "الدولة" والقضاء عليه.
كانت هذه الأولوية واضحة في محادثة جرت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بين وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" ورئيس الوزراء "السوداني". وأشارت المحادثة إلى “التزام متبادل باتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق والتأكيد على مصلحة الطرفين المشتركة في الحفاظ على أمن العراق واستقراره وسيادته”
وتتحدث اتفاقية 2008 بشكل رسمي عن طبيعة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية الشاملة مع العراق. وتكمن قوتها في تجنبها التفاصيل بعد فشل محاولات التوصل إلى اتفاق أوضح بشأن وضع القوات خلال إدارة "أوباما". ويمنح غموض الاتفاقية واشنطن المرونة في تعديل أعداد القوات واستخدامها كما تراه مناسبًا، كما يسمح للسياسيين العراقيين بحفظ ماء الوجه.
وبينما يتحمس كثير من النواب العراقيين في انتقاداتهم للولايات المتحدة في الخطابات العامة، يعبر هؤلاء خلف الأبواب المغلقة عن رغبتهم في بقاء القوات الأمريكية بقدر معين.
بمعنى آخر، يبدو أن هناك قبولًا للوجود العسكري الأمريكي ولكن بشكل غير مرئي للعامة.
لذلك، فمن غير المرجح أن تمارس إدارة "السوداني" أو حتى داعموها من قوات الحشد الشعبي ضغوطًا كبيرة لتغيير الوضع الراهن. ومن الناحية الرسمية، فإن كل ما طلبه "السوداني" من الولايات المتحدة حتى الآن هو "مزيد من الشفافية"، والتي من المفترض أن توفرها واشنطن.
لكن السؤال الآخر هو إلى متى ستستمر إدارة "السوداني" وما هي المبادرات التي ستقدمها للتيار الصدري الذي يجد نفسه خارج الحكومة بعد انسحاب نوابها من البرلمان في الصيف الماضي.
وقد يكون المخرج الوحيد لهذا المأزق هو إجراء انتخابات مبكرة، ما يمنح الصدريين طريقًا للعودة إلى الحكومة. لكن كما توحي تجربة العام الماضي، فإن الإقبال على جولة أخرى من الانتخابات سيكون محدودا.
ويمتلك "السوداني" نفسه قاعدة انتخابية محدودة للغاية، فقد فاز حزبه بثلاثة مقاعد فقط في البرلمان الجديد، أحدها له. ولا يمكنه حتى أن يشغل هذا المقعد بعد أن أصبح رئيسا للوزراء.
في غضون ذلك، يرغب "السوداني" في تحجيم الفساد وقد يفكر في تقليص وترشيد وظائف القطاع العام، لكنه سيواجه مقاومة شديدة لأن داعميه السياسيين يعتمدون على هذه الوظائف الحكومية لتغذية شبكات المحسوبية الخاصة بهم. وبالفعل، تتمتع قوات الحشد الشعبي بالنفوذ البرلماني الكافي لتعطيل هذه المحاولات.
وتتمثل إحدى مبادرات "السوداني" المثيرة للاهتمام في تعزيز العلاقات مع الدول العربية المجاورة لإعادة رسم صورة عن العراق كلاعب مستقل ضمن محيطه الإقليمي. وقد أحرز العراق تقدما في هذا المجال تحت قيادة "الكاظمي". ويبقى أن نرى ما إذا كان "السوداني" سينجح في ظل اعتماده على الدعم السياسي للإطار التنسيقي الموالي لإيران.