- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
يلمان زين العابدين هاجر اوغلو يكتب: بولنت اجويد وصدام حسين والقضية التركمانية
يلمان زين العابدين هاجر اوغلو يكتب: بولنت اجويد وصدام حسين والقضية التركمانية
- 25 مارس 2024, 1:54:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الرئيس العراقي صدام حسين يستقبل رئيس الوزراء التركي بولنت أجاويد في مطار بغداد - أرشيفية - الأناضول
رحلتي الصحفية تمتد إلى أكثر من ٢٥ سنة ابتداء من عاصمتي الحبيبة بغداد وهي مركز ثقافتي ومنبع تحصيلي الدراسي وبدايتي للعمل الصحفي ومرورا بعواصم الدول كالقاهرة، عمان، دمشق، أنقره، باكو، لفكوشا وواشنطن حيث مكني الله أن أحاور خلال هذه الرحلة نوابغ السياسة العالمية وأصحاب الفكر ورؤساء الدول والوزراء والدبلوماسيين من العراقيين والعرب والأتراك والأمريكان والانكليز.
إلا أن هذه الرحلة جلبت لي في حقبة من الحقب بعض المتاعب من أصحاب الأذهان المقفله والمرتزقة المأجورين ولكن شغفي لمهنتي وهبني الاستمرارية في العمل الصحفي.
من بين عشرات اللقاءات التلفزيونية التي أجريتها ولا استطيع صياغتها والبوح بها سوى بكلمات معدودة والذي ترك بداخلي أساس عشقي للمجال الصحفي والإعلامي، هو لقائي المتميز والتاريخي مع رئيس الوزراء التركي الأسبق بولنت اجويد في سنة ٢٠٠٤ في داره الواقعة في منطقه اوران بالعاصمة التركية أنقرة.
بولنت اجويد الذي ولد في عام ١٩٢٥ في اسطنبول وتوفي في عام ٢٠٠٦، وتولى منصب رئاسه الوزراء تركيا لفترات مختلفة حتى عام ٢٠٠٢ لم يكن رجل سياسة فقط، بل كان مؤلفا وشاعرا وكاتبا ومترجما.
تخرج من كلية روبرت الأمريكية في اسطنبول في عام ١٩٤٤ حيث درس اللغة الانكليزية وآدابها. وخلال حواري مع بولنت اجويد كان يتحدث بلغه أدبية تركية بكلمات أنيقة وبعبارات سياسيه تتميز بالعمق والفصح وهو كان آخر لقاء صحفي في حياته السياسيه.
بولنت اجويد سياسي بارع لعب دورا مهما في السياسة التركية والعالمية وهو الذي قاد تحرير جزيرة قبرص التركية في سنه ١٩٧٤ ضمن عملية السلام القبرصية عندما كان رئيسا للوزراء. كما انه سياسي اكثر شعبية حيث وصف باجويد الشعبي وذلك لتعاطفه وتضامنه مع العمال والفلاحين.
إن اللقاء الذي أجريته مع سيادته يحمل بين طياته معاني كثيرة، وإنه وثيقة تاريخية تخص الشعب التركماني في العراق. حيث كشف بولنت اجويد عن عدد زياراته إلى العراق ولقائه بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، مشيرا الى انه التقى مع صدام حسين ثلاث مرات ولمدة ثلاث ساعات في كل مرة وكان ذلك قبل واثناء وبعد الهجوم الأمريكي الأول بحرب الخليج الاولى (الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي).
وهنا في أحد لقاءاته مع صدام حسين كشف بولنت اجويد عن الموضوع المثير للجدل، ويخص الشعب التركماني، كيف أن صدام حسين اشتد غضبًا واحتدم عندما دافع وطالب بولنت اجويد بحقوق التركمان في العراق.
وسنورد الآن بعض المقتطفات الحوارية المهمة التي جرت بيني وبين السيد بولنت اجويد رئيس الوزراء التركي الأسبق في أنقرة بتاريخ ٢٠٠٤ حول موضوع دفاعه عن حقوق التركمان عند لقائه بالرئيس العراقي السابق صدام حسين .
س/ جناب السيد رئيس الوزراء... باعتباركم أحد أبرز السياسيين في تركيا... لقد التقيتم بالرئيس السابق صدام حسين وتباحثتم معه أوضاع التركمان في العراق، ودافعتم عن حقوقهم... هل لنا أن نعود إلى ذلك التاريخ ونعرف تفاصيل ذلك اللقاء؟
ج/ بالطبع، أنا التقيت مع صدام حسين ثلاث مرات ولمدة ثلاث ساعات في كل مرة... وكان ذلك قبل وأثناء وبعد الهجوم الأمريكي الأول (حرب الخليج الأولى)، وكان برفقتي أحد أصدقائي... وقد اتفقنا على الإفصاح عن تفاصيل محادثاتنا إلى الرأي العام... وقد تحدث لي صدام عن الأضرار التي لحقت بالعراق وبكافة المجالات عقب الهجوم الأمريكي الأول... خصوصا وأن العراق كان قد خرج للتو من حرب طويلة مع إيران... كما تحدث لي عن المقاومة التي أبداها العراقيون إزاء الهجوم الأمريكي وتداعياته على البلاد... وخارج هذه اللقاءات كانت لي زيارات خاصة مع زوجتي إلى بعض دور أشقائنا التركمان... وزرنا إحدى مستشفيات الأطفال والتقينا مع الأطفال المرضى وأمهاتهم واباؤهم... ورأيت عن قرب ما يعانيه الشعب العراقي قاطبة من ظروف صعبة وحصار اقتصادي قاسي وغيرها من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتوارثة.
كما لاحظت كيف أن العراقيين تمكنـوا وخلال فترة قصيـرة من تحقيـق تقـدم تكنولوجي مهم رغم الظروف الصعبة والتي أشرنا إليها كانت تحيط بهم من كل جانب... وأيقنت في حينها ان الشعب العراقي عامةً والتركمان خاصةً قادرون على بناء وطنهم وممارسة الديمقراطية إذا سنحت لهم الفرصة المناسبة لذلك.
وفي أحد لقاءاتي مع صدام حسين السابقة... أوضحت له أن التركمان لم يكونوا في أي وقت من الأوقات مشكلة للنظام العراقي أو للحكومات العراقية... ولم يلحقوا الضرر بأي كان، لا ضد السلطة ولا ضد أي مكّون اجتماعي آخر... وأوضحت له أنه من الأجدر منحهم حقوقهم المشروعة كاملة... أو التعامل معهم بطريقة أكثر مرونة... وأوضحت له كيف أن لو أعطت حقوق التركمان... ستحسن هذه الخطوة من صورة النظام في الخارج وأنهم أي (التركمان) سيتمكنون من إقناع بعض جهات المعارضة في الخارج بالعدول عن موقفها وتغير خطابها.
وعلى حين غرة (وقف) صدام من مجلسه وبطريقة مضطربة... ووقفت أنا وصديقي الصحفي كذلك... ثم تركنا صدام وخرج من القاعة دون أن يتفوه بكلمة واحدة.
فوقفنا أنا والصحفي في ذهول... ثم بعد ذلك دخلوا مجموعة من المرافقين والمسؤولين وسألونا عن أسباب مغادرة صدام للمكان بهذه السرعة... وأجبناهم بالنفي... ومن ثم غادروا هم أيضا المكان ... وبعد ذلك عادوا (المرافقين) مرة أخرى وأخبرونا أن صدام ذهب ليصلي وسيعود بعد قليل.
وإنني كنت مصراً أن أقول كل كلامي وآرائي لصدام من باب النصيحة السياسية والأخلاقية وأنا أؤمن أّن هذه النصائح كانت ستصب في مصلحة الشعب العراقي أولاً والنظام نفسه ثانياً... إلاّ أنه يبدو كأن النظام غير مهيأ لتقبل مثل هذه النصائح... لقد كنت أطمح أن ينال الشعب العراقي حقوقه كاملةً لأنه شعب متحضر وأصيل وكنت أعتقد أن هذه النصائح ستصب في مصلحة العراق وتركيا معاً.