- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
“مراسلون بلا حدود”: السنوات العشر الأخيرة الأسوأ على حرية الصحافة في مصر
“مراسلون بلا حدود”: السنوات العشر الأخيرة الأسوأ على حرية الصحافة في مصر
- 2 يوليو 2023, 8:56:04 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
القاهرة- “القدس العربي”: قالت منظمة “مراسلون بلا حدود”، في تقرير أصدرته بمناسبة مرور 10 سنوات على أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، إن مصر باتت واحدة من أكثر الدول قمعاً للصحافيين في العالم، وذلك في استعراض لحصيلة القمع المستمر منذ عام 2013 الذي أعاد صياغة المشهد الإعلامي في البلاد.
وأوضحت المنظمة: في تمام التاسعة ليلاً من يوم 3 يوليو/تموز 2013، ظهر المشير عبد الفتاح السيسي على الشاشات مرتديا قبعة عسكرية، وهو يعلن تعليق العمل بالدستور وإزاحة محمد مرسي من كرسي الرئاسة، بينما كانت قوات الأمن التابعة له تهاجم في الوقت نفسه مكاتب الجزيرة والجزيرة مباشر في القاهرة، حيث أسفرت العملية مساء نفس اليوم عن اعتقال صحافيين من كلتا القناتين، فضلاً عن تعليق نشاط ثلاثة منابر إعلامية بتهمة قربها من الإخوان المسلمين، حزب الرئيس المخلوع، واعتقال مديريها.
وأضافت المنظمة: تلك الأحداث لم تكن سوى عربوناً لما كان السيسي ينوي الإقدام عليه من ملاحقة شرسة ضد الصحافة والصحافيين.
في غضون 10 أعوام، تم احتجاز ما لا يقل عن 170 فاعلاً إعلامياً، كما تعرض عشرات آخرين للاعتقال والاستجواب التعسفي، وتم حجب أكثر من 500 موقع إخباري
وتناول استعراض المنظمة مقتل ما لا يقل عن ستة صحافيين، كان أولهم أحمد سمير عاصم السنوسي، مصور جريدة “الحرية والعدالة”، الذي وافته المنية يوم 8 يوليو/تموز عندما أطلق الجيش النار على متظاهرين في تدخل أودى بحياة 51 شخصاً، حيث كان المصور يغطي مسيرة مؤيدة لمرسي أمام مبنى الحرس الجمهوري بالقاهرة.
وتابعت المنظمة: إذا كان حُكم السيسي بدأ بـ”مطاردة الإخوان المسلمين”، فإن عواقب تلك الحملة بلغت مدى أبعد بكثير، حيث استغل النظام معركته “التطهيرية” هذه ليستهدف وسائل الإعلام الأجنبية أيضاً، إذ سرعان ما تعالت الانتقادات ضد مراسلي فرانس 24 ودويتشه فيله والغارديان، لتتحول إلى تُهم رسمية بـتخصيص “تغطية إعلامية منحازة للإخوان المسلمين”.
كما طالت تلك الحملة الشعواء، بحسب المنظمة، صحافيي الجزيرة بمختلف قنواتها، إذ أوضح مراسل القناة السابق في القاهرة، الأسترالي بيتر غريست: “بالنسبة للسلطات، إذا كانت قطر تدعم الإخوان المسلمين وتمول قناة الجزيرة، فإن صحافيي الجزيرة مذنبون بالضرورة”، وهذا هو المنطق الدائري الذي تم الاستناد إليه للزج به في السجن في يناير/كانون الثاني 2014، حيث ظل خلف القضبان لأكثر من عام مع زميليه محمد فهمي ومحمد بدر.
وأضاف بيتر غريست: “كان اعتقال صحافيي الجزيرة أمراً مواتياً للسلطات من الناحية السياسية، لكن هذه الأخيرة أرادت أيضاً أن ترسل إشارة مفادها أن كل الصحافيين باتوا في خطر”.
ولفتت المنظمة إلى أن الاعتقالات في صفوف الصحافيين، باتت ممارسة منهجية خلال سنوات حُكم السيسي، بعدما كانت ظاهرة شائعة في عهد حسني مبارك، إذ باتت موجات الاعتقالات مصاحبة لكل حدث عام تُثار فيه شكوك حول شرعية المشير في تولي رئاسة الجمهورية أو كل مسيرة أو مظاهرة أو وقفة احتجاجية تندد بفساد حكومة السيسي.
وتابعت: وفي خضم ذلك، لم يعد هناك من مكان آمن يمكن فيه ممارسة أي شكل من أشكال التجمع أو العمل الجمعوي: ففي 1 مايو/ أيار 2016، اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحافيين لأول مرة منذ إنشائها في عام 1941، حيث اعتقلت صحافيَين اثنين على خلفية تغطيتهما لمظاهرات مناهضة للسيسي قبل شهر من ذلك التاريخ.
ووواصلت المنظمة، في استعراضها لأوضاع الصحافة في مصر: في الوقت ذاته، أصبحت بعض المواضيع محرمة تماماً، كما اتَّضح من خلال قضية مؤسس مدونة “أكسجين مصر”، محمد إبراهيم، الذي أعيد إلى السجن عام 2019 بسبب استمراره في تغطية الاحتجاجات المناهضة للفساد، وقضايا أخرى، بعد أشهر فقط من إطلاق سراحه.
وزادت: بات من المستحيل انتقاد الجيش أو حتى مجرد التعليق على العمليات العسكرية، إذ حُكم في هذا السياق بالسجن 10 أعوام على إسماعيل الإسكندراني، الصحافي والباحث المتخصص في شؤون سيناء بتهمة “إفشاء أسرار الدولة” و”الانتماء إلى جماعة محظورة”.
السنوات التي قضاها عبد الفتاح السيسي في السلطة حتى الآن أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أنها أسوأ سنوات شهدتها حرية الصحافة في مصر
وبحسب المنظمة، لم يكتف نظام السيسي بحبس الصحافيين وإساءة معاملتهم، بل كثَّف آلته القمعية تدريجياً من خلال تشديد الإطار التشريعي بما يتيح له خنق الصحافة، حيث سن قانون الجرائم الإلكترونية عام 2018، ليُصبح أداة تشرِّع فرض الرقابة على المواقع الإلكترونية.
ولفتت المنظمة إلى ما يواجه موقع مدى مصر، وأحد آخر القلاع الإعلامية المستقلة في البلاد، عدة دعاوى قضائية، كما تم حجبه في مصر بينما طال الاحتجاز رئيسة تحريره، لينا عطا الله، التي زُج بها خلف القضبان ثلاث مرات خلال العقد الأخير.
فرضت السلطات المصرية قبضتها على المنظومة الإعلامية، وسيطرت تدريجياً على عدد من المنابر الإعلامية، فمنذ مطلع عام 2019، باتت جميع المؤسسات الإعلامية تقريبا خاضعة لسلطة الحكومة، إذ باتت تسيطر عليها الدولة مباشرة أو تعمل تحت أوامر أجهزة المخابرات أو أضحت مملوكة لرجال أعمال وأثرياء مقربين من النظام، بحسب ما ذكرته المنظمة.
تراجعت مصر خلال هذه الفترة بما لا يقل عن ثمانية مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة
وختمت المنظمة: لم تكن حرية الصحافة تحظى بالاحترام الواجب إبَّان حكم حسني مبارك، ولا خلال ولاية محمد مرسي القصيرة، لكن السنوات التي قضاها عبد الفتاح السيسي في السلطة حتى الآن أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أنها “أسوأ سنوات شهدتها حرية الصحافة في مصر”.
وتراجعت مصر خلال هذه الفترة بما لا يقل عن ثمانية مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث باتت تقبع في المرتبة 166 (من أصل 180 بلداً) في جدول ترتيب عام 2023.