«الدرع والسهم» أو «ثأر الأحرار»: العملية على قطاع غزة والعين على الضفة الغربية

profile
  • clock 14 مايو 2023, 4:38:45 ص
  • eye 389
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ليس أفضل من قراءة العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة إلا العودة للوراء قليلا للوقوف على عملية «كاسر الأمواج» التي أطلقتها دولة الاحتلال بتاريخ 31 آذار/مارس عام 2022 وذلك في عهد حكومة الاحتلال السابقة بقيادة نفتالي بينيت. لقد مر أكثر من عام على العملية التي حدد هدفها في مواجهة سلسلة العمليات البطولية التي نفذها فلسطينيون في مختلف مدن الضفة الغربية والقدس، حيث لا تزال المقاومة في الضفة الغربية تتصاعد يوماً بعد آخر، وتأخذ أشكالاً متعددة ما بين العمليات البطولية الفردية وتشكيل مجموعات المقاومة التي تجابه الاحتلال عند كل اجتياح أو اقتحام.

وعليه تبدو عملية «الدرع والسهم» والتي يقابلها بالتسمية الفلسطينية «ثأر الأحرار» فعلا عسكريا مكملا لعملية «كاسر الأمواج» التي يرى محللون كثر أنها فشلت بالقضاء على حالة المقاومة الفلسطينية الجديدة وبالتالي جاءت العملية في غزة محاولة جديدة لوضع حد لمقاومة الضفة عبر كسر الجهاد الإسلامي وتصفية قادته العسكريين.
فبعد ساعات على إطلاق العملية وكنوع من تبريرها قال رئيس «الشاباك» رونين بار، إن الشهيد طارق عز الدين، القيادي في الجهاد الإسلامي، أدار «خلية» بدأت العمل لإطلاق صواريخ من جنين باتجاه أهداف إسرائيلية، وقد تم اعتقال «الخلية» إلى جانب «خلية» أخرى خططت لهجمات بطائرات بدون طيار انطلاقا من الضفة الغربية.
وقال رونين بار، إن قوات الاحتلال اعتقلت في الأيام الماضية أعضاء «خلية» من جنين، بعدما بدأوا بإنتاج صواريخ لاستخدامها في قصف أهداف إسرائيلية داخل الخط الأخضر، وخلال التحقيق اعترفوا أن طارق عز الدين هو من أشرف على هذه العملية.
وتابع: «لا نريد تحويل العفولة (مدينة في الداخل) وشاكيد (مستوطنة قرب جنين) إلى مناطق تتعرض للصواريخ».
وكشف رونين بار، أن «الشاباك» اعتقل أيضًا نشطاء شكلوا خلية كانت تعمل لاستخدام الطائرات المُسيّرة (بدون طيار) في قصف أهداف داخل الخط الأخضر.
وفي ضوء تلك التصريحات لا يبدو الجهد الإسرائيلي في الضفة إلا مكملا لعملية «الدرع والسهم» حيث اعتقلت قوات الاحتلال 25 ناشطًا محسوبين على حركة الجهاد الإسلامي.
وجاء في بيان الجيش والشاباك الإسرائيليين أن جزءا من المعتقلين تم تجنيدهم من القيادي طارق عز الدين الذي يصنفه الاحتلال قياديا أدار من قطاع غزة عشرات الخلايا المسلحة من أجل تنفيذ عمليات مقاومة.
في هذا المجال يرى، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، علي الجرباوي أن هدف العملية العسكرية التي تدور رحاها الآن ليس على قطاع غزة بذاته إنما يأتي الهدف من أجل إيقاف عمليات المقاومة في الضفة الغربية.
ويضيف أن استهداف القيادات في غزة هو رسالة يريد أن يوصلها الاحتلال، ويريد أن يحقق منها الهدف الأهم هو أن تتوقف العمليات في الضفة الغربية.
ويرى الجرباوي في حديث صحافي أنه وأمام هذا الهدف فإن إمكانية أن تتدحرج العملية مسألة ممكنة، في ظل أن الاحتلال كان «يريد عملية صغيرة ونظيفة وتنتهي بسرعة بحيث لا يتورط فيها إلى ما هو أبعد من ذلك» ويشدد على أن هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف خلف محاولة الاحتلال العمل على تحييد حركة حماس من الدخول في المواجهة.
ويتابع: «لكن الأمور لم تأت على قدر ما أراد نتنياهو، فالصواريخ وصلت إلى مدينة تل أبيب، وهو ما يقود إلى تعطيل إسرائيل كما أنه يعطي الانطباع السلبي عن إمكانية قدرة نتنياهو أمام حكومته والجمهور الإسرائيلي على ردع المقاومة الفلسطينية».
ويشدد على أن حكومة نتنياهو اليمينية لم تحظ بعلامات عالية في استطلاعات الرأي الأخيرة، حول إمكانياتها وقدرتها على العمل على توفير الأمن للمجتمع الإسرائيلي، فالعملية جاءت أساسا لتشعر الإسرائيليين بالأمن، لكن الميدان يقدم نقيض ذلك، حيث تتعرض مدن الداخل الفلسطيني «لضربات موجعة ومباشرة ومستمرة».
وحول ما يمكن أن يفعل نتنياهو في ظل تلك المعطيات، يرى جرباوي أن خياراته قليلة، ولعل أبرزها تكثيف العملية، لكن ذلك يحمل في طياته إمكانيات أن تتدحرج بحيث تشارك فيها حركة حماس، وهو أمر يحول المواجهة الحالية إلى أكثر قوة فيما تصبح الصواريخ ذات كثافة أكبر، أما الخيار الثاني فيتمثل في توقف العملية من دون أن تحقق أهدافها.
فالموضوع صعب لنتنياهو، حسب الجرباوي الذي يعتقد أن نتنياهو سيبحث عن طريقة لوقف العملية في أقرب وقت ممكن، فالتصعيد مسألة ليست سهلة في ظل «العامل المرتبط بالوضع الدولي الذي لن يكون متساهلا إزاء استهداف المزيد من الفلسطينيين وتحديدا الأطفال والنساء».
ويعود جرباوي إلى مقاربته الأولى حيث يشدد على مسألة ارتباط حالة المقاومة بالضفة الغربية بما تمارسه إسرائيل على أرض الواقع، فالاحتلال ما زال يقوم بعمليات مكثفة في مدن الضفة وقراها حيث المداهمات والاعتقالات مستمرة واستهداف النشطاء من كافة الفصائل وتحديدا من حركة الجهاد الإسلامي.
ويرى أن ما يقلق إسرائيل هو تلك الظاهرة الجديدة في شمال الضفة الغربية، حيث يوجد اتهام من إسرائيل ان الجهاد وغيرها ينشطون في شمال الضفة، حيث كانت الحكومة الإسرائيلية قلقة إزاء خياراتها التي كان من ضمنها اقتحام مدن شمال الضفة، وهو أمر كان سيترتب عليه عملية عسكرية صعبة لوجستيا، وهو ما دفعهم للعمل على توجيه رسالة للقيادات التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في غزة.
وختم مشيرا إلى أن هناك ضغوطا داخل الحكومة اليمينية المتطرفة وهي التي دفعت بالعمل العسكري بهذا الاتجاه، غير أن المهم هو أن ندرك أن هناك عمليات مسلحة مستمرة بالضفة الغربية، وفي ذروة العملية في غزة يجب ان نتوقع أن هذا قد يؤثر على الضفة الغربية وتحديدا في جنين ونابلس، فإذا ما توسعت العملية واستمر الضغط والتصعيد على غزة فإنها قد تمتد إلى شمال الضفة أيضا.
يشدد الدكتور أمجد أبو العز، رئيس قسم الدراسات الاجتماعية في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأمريكية، على مسألة إن ما يجري في غزة هو حدث لا يمكن فصله عما يجري في الضفة الغربية.
ويقول إن العملية تأتي في ظل أن كثيرا من العمليات العسكرية في الضفة الغربية يوجه الاحتلال أصابع الاتهام فيها للجهاد الإسلامي الذي ينشط في جنين ونابلس.
ويرى أبو العز في العملية الحالية بإنها جزء من سياسة نتنياهو في محاولة قطع العلاقات بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتحديدا في كل ما يتعلق بالعمل العسكري، والدليل أن هناك مطالب بالتهدئة في مقابل وقف العمليات العسكرية في الضفة.
أما الملف الثاني الذي يقف خلف عملية «الدرع والسهم» والحديث لأبو العز، فيرتبط بالانتخابات الإسرائيلية وتراجع شعبية نتنياهو ورغبته في الحفاظ على تحالف حكومته، وهو ما يجعل من وقف العمليات والحديث عن الهدنة بالمسألة التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار حالة الوضع السياسي في تل أبيب ووضع الحكومة الهش، وهو أمر قد يؤدي إلى أن يخرج نتنياهو من الحياة السياسية.
يكمل أبو العز حديثه إلى الملف الثالث وهو متعلق بكل ما يرتبط بالإقليمي، حيث فيه مجموعة من اللاعبين الإقليميين وأبرزهم مصر، وبالتالي الجهاد الذي يقود المواجهة في غزة يتعاطى مع معايير دولية ويقدر دور جمهورية مصر المحوري والهام، أما العامل الرابع فيرتبط بحركة حماس التي تعتبر لاعبا أساسيا وإن ظهر حتى اللحظة بشكل غير مباشر، فهي أي الحركة تتحدث عن المقاومة «ولا تشير بشكل مباشر لتدخلها بالصراع خوفا من الانجرار فيه بشكل مباشر، وهو أمر قد يحدث في حال ارتكبت إسرائيل عمليات عسكرية صعبة تقود لسقوط ضحايا فلسطينيين، وبالتالي فإن كل الأطراف ستدفع للدخول في الحرب وتوسيع نشاطها».
ويختم أبو العز، تماما كما في حديث جرباوي بالعودة إلى الضفة الغربية، حيث يقول إن ممارسات الاحتلال ومصادراته وسلوكيات مستوطنيه كلها تشير إلى استمرار المقاومة، وهي مسألة «مفروغ منها» ويطرح سؤالا: «هل ستزيد وتيرة استهداف الجهاد في قطاع غزة، وبالتالي تعزيز عملية فصلها عن الضفة الغربية عبر استهداف مقدراتها العسكرية والمالية وبالتالي التأثير على العمليات بالضفة؟ قد يحدث ذلك، لكن من المهم هنا التأكيد على أن الجهاد الإسلامي ليس اللاعب الوحيد في عمليات المقاومة في الضفة الغربية، فهناك العمليات المنفردة، ومجموعات مسلحة أخرى تساهم في الحالة النضالية.

التعليقات (0)