- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
أردوغان يسعى للاستفادة من التجاذب الروسي-الأمريكي بشأن أوكرانيا
أردوغان يسعى للاستفادة من التجاذب الروسي-الأمريكي بشأن أوكرانيا
- 2 فبراير 2022, 5:05:16 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يعمل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، على الاستفادة من موقع بلاده الاستراتيجي ضمن حلف شمال الأطلسي "الناتو" وعلاقته الوثيقة بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، عندما يزور كييف الخميس في محاولة لإبعاد شبح الحرب الذي يلوح فوق أوكرانيا.
ويأمل الرئيس التركي في أن تنجح وساطته بين "بوتين" ونظيره الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، في الحؤول دون شن روسيا هجوما على أوكرانيا، سبق لواشنطن أن حذّرت من أنه قد يبدأ بحلول منتصف فبراير/شباط.
وتحمل محاولات "أردوغان" في هذا المجال، والتي تقابل بحذر في موسكو، رهانات ضخمة، إلا أنها قد تعود عليه أيضا بفوائد مغرية.
ويرى محللون أن نزاعا كبيرا في أوكرانيا قد ينعكس سلبا على الاقتصاد التركي ويهدد فرص "أردوغان" بالفوز في الانتخابات المقبلة المقررة بحلول منتصف العام 2023.
كما يخشى أن يدفع نزاع في أوكرانيا بتركيا إلى مواجهة خيار صعب: الوقوف في صف "بوتين" الذي يمسك بأوراق اقتصادية وعسكرية عدة على صلة بأنقرة، أو الوقوف في صف الحلفاء الغربيين التقليديين الذين بدأ صبرهم ينفد حيال الرئيس التركي.
وأثار حصول كييف على مسيّرات تركية، قلق الكرملين والانفصاليين المدعومين من موسكو في شرق أوكرانيا.
إلا أن المحللين يرون أن تمكن تركيا من الحؤول دون اجتياح روسي لأراضي أوكرانيا قادر على أن يسلط الضوء على أهميتها في المنظومة الدفاعية الغربية، ويبعث ببعض الدفء في العلاقة بين "أردوغان" ونظيره الأمريكي "جو بايدن".
وترى الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "أصلي آيندطاشياش" أن "هذه فرصة لتركيا لترفع من موقعها وتخرج من الركن (الذي وضعت فيه) مجازيا، ضمن حلف شمال الأطلسي".
وتضيف: "ستستغل أنقرة هذه الفرصة من أجل تحسين العلاقات مع واشنطن"، موضحة أن "أردوغان طوّر علاقة شخصية فريدة مع بوتين، تنافسية وتوافقية في الوقت عينه، ما يسمح لهما بدعم أطراف متباينة في ليبيا، القوقاز، وسوريا".
رجل حقيقي
وشكّلت علاقة "أردوغان" بـ"بوتين" وتطوّرها، إحدى العلامات المحدّدة للدبلوماسية على امتداد جنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط.
وساءت هذه العلاقة بشكل حاد بعد إسقاط تركيا طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية في العام 2015.
إلا أنها تحسنت جذريا بعدما أضحى "بوتين" أول رئيس دولة يجري اتصالا بأردوغان ليلة تعرّضه لمحاولة انقلاب فاشلة في 2016.
انتظر عدد من القادة الغربيين في حينه أياما قبل إعلان مساندتهم لـ"أردوغان"، في خطوة يرى محللون أنها ساهمت في دفع تركيا للاقتراب من روسيا خلال الأعوام التالية.
ونجح هذا الرابط المستجد بين الرئيسين المخضرمين، في تجاوز اختبارات عدة.
وعلى رغم أنهما يدعمان أطرافا مختلفين في ليبيا وسوريا، إلا أن ذلك لم يحل دون استحواذ تركيا في العام 2019، على نظام الدفاع الجوي الروسي "Yس-400" الذي لا يزال إلى اليوم في قلب التجاذب بين أنقرة والأطراف الغربيين.
كما تعامل "بوتين" برويّة مع تزويد تركيا لأذربيجان بطائرات مسيّرة ساهمت في ترجيح كفّة باكو على حساب أرمينيا المدعومة من موسكو، في النزاع حول إقليم ناغورني قره باغ في 2020.
وقال "بوتين" عن "أردوغان" بعد أسابيع من توقف دوي المعارك في قره باغ: "هذا شخص يلتزم بكلمته، رجل حقيقي".
ويرى الأستاذ في جامعة إسطنبول ميديبول "عبد الرحمن باباجان" أن "أردوغان" و"بوتين" لديهما "ما يفتقده غالبية الزعماء في علاقاتهما الثنائية: التدخل في التوقيت الصحيح ولعب أوراقهما على المكشوف".
بيرقدار في الأجواء
وتشكّل أوكرانيا إحدى نقاط الاحتكاك بين الرئيسين.
فـ"أردوغان" عارض قيام روسيا في العام 2014 بضمّ شبه جزيرة القرم على خلفية الحضور التاريخي للتتار فيها، كما ساند طموحات كييف بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ووافق على حصولها على مسيّرات "بيرقدار تي بي 2" التركية القتالية.
ودفع نشر أوكرانيا شريطا مصوّرا لطائرة من هذا النوع تقوم بتدمير هدف عسكري للانفصاليين في شرق أوكرانيا، "ببوتين" إلى إثارة الموضوع مع "أردوغان" في اتصال هاتفي بينهما في ديسمبر/كانون الأول 2021.
واعتبر القائد الانفصالي "دينيس بوشيلين" أن وجود هذه المسيّرات في حوزة أوكرانيا، هو السبب الرئيسي الذي يجب أن يدفع روسيا إلى تسليح الانفصاليين بشكل علني.
وقال "بوشيلين": "بادئ ذي بدء، علينا أن نواجه بيرقدار".
إلا أن المحللين يقللون من شأن هذه المسيّرات في حال اندلاع حرب شاملة.
ويقول "آرون شتاين"، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية: "نعم، في قتال غير متكافئ بين الجيش الأوكراني والقوات (الانفصالية) في دونباس (بشرق أوكرانيا)، يمكن لبعض مسيّرات بيرقدار تي بي 2 أن ترجّح الكفة".
ويضيف "لكن، في حال قامت روسيا بالاجتياح، لكن تكون (هذه المسيّرة) ذات أهمية".
تصعيد قد يقابله تصعيد
وتشكك غالبية المحللين في أن يعارض "أردوغان" نزيره الروسي علنا بشأن أوكرانيا.
ويقول الأستاذ في جامعة أوكسفورد "دميتري بيشيف" إنه "في حال قامت تركيا بالتصعيد، روسيا قادرة على الرد بالمثل: الضغط (على جنود تركيا والمسلحين الموالين لها) في سوريا، عقوبات اقتصادية".
من جهته، يرى المتابع للشؤون التركية "أنطوني سكينر" أنه "نظرا إلى ضعفه حاليا، لا يمكن للاقتصاد التركي تحمّل مقاطعة من السياح الروس".
ويعتبر المحلل في معهد واشنطن للأبحاث "سونر جاغابتاي" أن الهمّ الآني لـ"أردوغان" هو الحفاظ على قوة الاقتصاد التركي بما يكفي لتحسين نسب التأييد له قبل الانتخابات المقبلة.
ويوضح: "كل ما في تركيا يتعلق حاليا بأردوغان، وكل ما يريده أرودغان هو الفوز في انتخابات 2023".
ويرى محللون أن لا مفر من تأثير محتمل للنزاع في أوكرانيا على الاقتصاد التركي.
ويوضح "شتاين": "الخطوات (العسكرية) الروسية ستزيد من ضعف الاقتصاد التركي" عبر خطوات عدة منها "زيادة كلفة النفط"، وهذا الأمر "لن يكون سارّاً".
المصدر | أ ف ب