- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
أسامة الغول يكتب: في ذكرى اعتقال أقدم أسير سياسي في العالم
أسامة الغول يكتب: في ذكرى اعتقال أقدم أسير سياسي في العالم
- 6 يناير 2022, 4:04:47 ص
- 767
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الأسير كريم يونس .. ٣٩ عاماً في الاعتقال، ماذا بعد؟!!!!!!
يلقبه الأسرى الفلسطينيون بعميد الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي.. اعتقل بتاريخ السادس من يناير من عام ١٩٨٣ ، وحكم بقضاء ٤٠ عاماً في السجن بعد تخفيف الحكم عليه بالاعدام، وبهذا يكون مضى على اعتقاله ٣٩ عاماً في سجون الاحتلال.. ما يزيد عن ١٤ الف يوم في الاعتقال .. اكثر من ٤٠٠٠ وقوف اجباري للعدد والاحصاء الأمني واكثر من ٩٠٠ زيارة من الاهل منذ اعتقاله.. توفي والده دون ان يسمح له بتشييعه .. وباتت والدته تزوره على كرسي متحرك قهراً ممن تباطؤوا في إطلاق سراحه وخضعوا للشروط الإسرائيلية سلطة وفصائل!!! وأملاً في ان يطلق سراحه قبل قضاء حكمه وقد تبقى له عام في الأسر!! عام فارقة في حسابات الربح والخسارة بالمقياس الوطني .. عام يشكل قواعد معادلة جديدة في الحرب مع العدو.. يقضي بأننا لن نسمح باستمرار اعتقال أسرانا.. وسيكون عسكركم وجندكم قيد الملاحقة والاختطاف حتى تبييض سجوننا ولتكن كل عام لا كل ٤٠ عام!!
تغير كل شيئ حوله ولم يتغير .. ثوابته .. أنفاسه.. همته .. صبره .. رجولته.. حبه لفلسطين .. كل ذلك لم يتغير وكل ما حوله تغير !! كيف نسمح سلطة وفصائلا بقضاء كريم يونس ٤٠ عاماً في الاعتقال؟!!.. كيف ننام ونحيا ونعيش ونرتحل وقد مضى كل هذا الوقت في قبضة الاحتلال؟!!.. كيف نتنكر له ولرفاقه .. شيء لا تستوعبه القيم والأخلاق والوطنية الحقة.. لا شيء يبرر ما جرى ويجري.. ما هي المكاسب التي راعتها الفصائل في عدم القدرة على ابرام صفقة تبادل يكون فيها جميع الأسرى الفلسطينيون من مخلتف مدنهم في فلسطين التاريخية على قدم المساواة ولا يخضعون لمعايير العدو؟ ما الذي منع الفصائل ومن بعدها السلطة من تحرير كريم ورفاقه وهم الذين رفضوا التصنيفات الإسرائيلية للمعتقلين بين ضفة وغزة وارض محتله عام ٤٨ ، وعرب في داخل سجون الاحتلال.!!. كيف خضعنا للشروط الإسرائيلية في تفاوضنا سلما وتبادلاً ؟!!.. ام تريدون ان نروي قصته كما نفعل منذ ٣٩ عاماً..؟!! هل ترغبون ان نقيم له مهرجاناً حافلا بوزراء وصحفيين واعلاميين ونخب؟ هل نطبع له اليافطات الجدارية اضعافاً مضاعفه؟ ام ينتظر وأهله منا درعاً في ذكرى اعتقاله وزيارة لبيت ذويه؟!!! هل تريدون ان نخرج في مسير تضامني بعديد العشرات من المتضامنين ولنقل المئات؟ هل هذا ما ينتظره كريم يونس ورفاقه من الأرض المحتلة عام ٤٨منكم ؟!!!!!.
اليوم في سجون الاحتلال، ما زال ١١١ أسيراً قضوا في الاعتقال أكثر من 20 عاماً، بينهم ١٤ اسيراً قضوا اكثر من ٣٠ عاماً، و ٢٥ أسيرا من الاسرى القدامى أي المعتقلين منذ ما قبل اتفاق واسلوا في ١٩٩٣م، وقد رفض الاحتلال إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة من صفقة احياء المفاوضات اواخر ٢٠١٣، وجميعهم مضى على اعتقالهم ما يزيد عن ربع قرن .
أيا وجع قلب الأمهات .. على فلذات اكبادهن خلف الأسوار.. اعتقل الاحتلال كريم يونس شاباً، ويقترب اليوم من إنهاء أربعة عقود في المعتقلات، وما زال يقاتل سياسات إدارة سجون الاحتلال التي تعتزم قتل روحه وروح رفاقه من الأسرى، الذين رفض الاحتلال الإفراج عنهم ومن ضمنهم كريم وابن عمه ماهر، الذي تشارك معه سنوات السجن والمعاناة، في أي من الصفقات والإفراجات بدعوى انهم سجناء يحملون الجنسية الإسرائيلية، وللأسف رضخ المفاوض الفلسطيني في أوسلو لذلك، ولم تنجح المقاومة في ادراجهم في صفقة "وفاء الاحرار" أيضا!!!.
لم يبق لوالدة كريم من حلم في الحياة، سوى أن تراه حراً وتعود الأفراح لقلبها، الذي تعب وأنهك من طول الانتظار، تغني له وتدعو كل صباح، وهي التي لم تنقطع منذ اعتقاله، عن زيارته رغم أوضاعها الصحية الصعبة التي تعاني منها.
تختصر حكاية الأسير كريم يونس ورفاقه "إخفاق" المفاوض الفلسطيني في إنهاء هذا الملف، الذي يمس المجتمع الفلسطيني في أعمق وأهم قضاياه، ومحاولات عشرات خلايا المقاومة التي أخفقت في تحريرهم عبر خطف الجنود والمبادلة بهم لتتم الصفقات دون ادراجهم فيها لاعتبارات إسرائيلية تصنفهم من مواطنيها في الأرض المحتلة عام ١٩٤٨ وتخرجهم من مسارات التفاوض، رغم تقديرنا الكبير لصفقة وفاء الاحرار التي عقد عليها الاسرى عظيم الامل وحررت اكثر من الف اسير فلسطيني وكسرت كثيرا من الشروط الإسرائيلية حينها، بانتظار الصفقة القادمة لتحرير ما تبقى منهم.
يعتبر كريم يونس رمزا لنضال الحركة الأسيرة في السجون والذي رفض أي ابتزاز أو مساومة أو أي عملية تمييز وفصل بين الأسرى من الداخل أو بقية الأسرى في الضفة وغزة والقدس، مؤكدا أنهم مناضلون فلسطينيون ناضلوا وضحوا من أجل فلسطين وحريتها.
من أبرز مواقفه خلال محاولة إسرائيل فرض الضغوطات السياسية والابتزاز على المفاوض الفلسطيني في فترة تعليق الإفراج عن الدفعة الرابعة ومطالبة إسرائيل من القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وبشرعية المستوطنات وغيرها من المواقف المرفوضة فلسطينيا، قال كريم يونس إنه مستعد لقضاء مائة عام أخرى في السجون، ويرفض استخدامه كوسيلة ضغط سياسي على القيادة الفلسطينية على حساب الحقوق الأساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني".
ما زال كريم يفخر بهويته الفلسطينية ولم تنل منه سنوات الاعتقال ولم تؤثر على معنوياته ومبادئه محطات المعاناة بعدما شطب الاحتلال اسمه من كل عمليات التبادل ووافق المفاوضون على ذلك كيلا تتعطل الصفقات!!!
ما زالت ام كريم يونس .. تُمني نفسها بموعد قريب يجمعها مع ابنها ولو سنة واحدة.. تخشى عدم لقائه في فرحة حريته الأولى وقد تبقى له عام .. تقول والدته : "أنا لا أخاف عليه .. كلما تقدمت السنوات اصبح حراً اكثر ..لكني أخاف ان لا ألقاه في لحظة حريته الأولى خارج السجن"، فلم يكن يونس يؤمن بموعد الافراج عنه، لأنه كان يؤمن بأن حريته قبل ذلك، ولم يتوقع احد ان يستمر عقوداً من الزمن في الاعتقال.
يبلغكم كريم يونس ويقول :" نحن ناضلنا وضحينا من اجل حرية فلسطين وكرامة شعبنا البطل ولا نتطلع الى خلاصنا الشخصي بقدر ما نتطلع الى خلاص شعبنا من نير الاحتلال"، فمتى تنتهي اطول قصة اعتقال في التاريخ؟ وهل تستطيع الصفقة القادمة ان تخرج يونس قبل موعد تحرره؟ وهل سيتحرر رفاقه الاسرى من "الأرض المحتلة عام ٤٨" في الصفقة القادمة التي يفترض ان تكسر الى الابد التصنيفات الإسرائيلية لمناضلينا؟!!.اما السؤال الأهم والابرز فهو، هل ستسمح قوى المقاومة بتكرار تجربة كريم ورفاقه ليقضوا اكثر من ٤٠ عاما في الاعتقال حتى يتم تحريرهم؟!! ام هل ستكسر المقاومة الخطوط الحمراء للعمل في خارج الأرض المحتلة، وتزيد غلتها من الاسرى الإسرائيليين عبر اختطافهم ومبادلتهم؟!! أسئلة معلقة برهن الفعل لا الإجابة..