6 أعوام على انتفاضة القدس.. قراءة في الآثار والنتائج وكيفية استثمار الإنجازات

profile
  • clock 9 أكتوبر 2021, 2:42:31 م
  • eye 7093
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تمر في هذه الأيام الذكرى السادسة لاندلاع انتفاضة القدس، ففي الأول من أكتوبر عام 2015م نفّذت المقاومة عملية إطلاق نار على سيارة للمستوطنين قرب مستوطنة “إيتمار” في نابلس المحتلة، لتبدأ بعدها سلسلة من عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار في عموم مدن الضفة المحتلة والقدس.


أوقعت الانتفاضة العشرات من “الإسرائيليين” ما بين قتيل وجريح، وأحدثت حالة من الخوف والإرباك للأوساط السياسية والأمنية “الإسرائيلية”، وذلك بالرغم من التقديرات الأمنية “الإسرائيلية” التي كانت تزعم أن الضفة الغربية هادئة ولن تكون بيئة حاضنة للمقاومة، إلى أن جاء شهر أكتوبر الذي قلب كل الموازين، وأثّرت انتفاضة القدس على “أمن إسرائيل”، إلى جانب تأثيرات أخرى على الجيل الفلسطيني الشاب الذي واجه العدو بجرأة غير مسبوقة.

أما عن أثر انتفاضة القدس على “الأمن الإسرائيلي” فيكفي أن نتحدث عن فقدان الأمن الشخصي للمستوطنين، حيث بات المستوطن لا يستطيع التجول في الشوارع ولا يقوم بأي نشاطات لأن تحركاته في الشوارع مثلاً قد تجعله هدفاً لعمليات الطعن أو الدهس أو إطلاق النار.

هذه الانتفاضة جعلت العدو بأجهزته الأمنية وقوته العسكرية يقف عاجزاً أمام الجرأة الفلسطينية التي لطالما حاول تبديدها ونسفها، هذه الجرأة شكّلت دافعاً ما زال موجوداً حتى اليوم لتنفيذ عمليات فردية ضد الأهداف “الإسرائيلية” ما يعني أن “إسرائيل” لا زالت تواجه تحديات أمنية في الضفة الغربية المحتلة والقدس، وهذا يدلل على استمرارية المقاومة واستمرارية التحديات أمام الأمن “الإسرائيلي” حتى لو تم إحباط العمليات التي يتحدث عنها العدو، إلا أنها أوجدت حالة من الخوف لدى مجتمع المستوطنين “الإسرائيليين”.

أما الأثر الأهم ربما والذي أثّر على الأمن “الإسرائيلي” مباشرة، هو أن أحداث الانتفاضة لم تقتصر على الضفة المحتلة فقط، بل تجاوزت إلى الداخل المحتل، حيث مدينة الناصرة و “تل أبيب” وبئر السبع حيث أن سلسلة عمليات ضربت عمق هذه المدن المحتلة، ناهيك عن دخول غزة بمقاومتها على خط المواجهة وهو ما أربك منظومة الأمن “الإسرائيلية”.


أثر انتفاضة القدس على الأجيال الفلسطينية

بقدر ما كانت انتفاضة القدس 2015م قد أثّرت على الأمن “الإسرائيلي” يمكننا القول أنه قد أثّرت إيجاباً على الأجيال الفلسطينية، حيث تمثّلت الآثار على الأجيال الفلسطينية في الآتي:

1. سقوط نظريات السلام الاقتصادي وتغييب الأجيال الفلسطينية عن قضاياها الوطنية، وفي مقدمتها قضية الأرض والحفاظ عليها أمام الاستيطان والتغول.

2. ازدياد الوعي الأمني لدى الأجيال الفلسطينية، حيث نجح الفلسطينيون في معرفة الثغرات الأمنية لدى العدو ومهاجمتها، مثلاً: مهاجمة الحواجز العسكرية، وتكسير كاميرات المراقبة لمنع رصد منفذي العمليات، وتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي في مخاطبة العالم وتحشيد الرأي العام العالمي للتضامن مع فلسطين ومقاومتها.

3. أصبحت ثقافة العمليات الفردية أكثر ما يؤرق الاحتلال، حيث أن الشاب أو الفتاة تنفّذ عملية لا يتوقعها العدو؛ لأن المنفذ غير مرتبط بتنظيم فلسطيني، وتسير غالباً بدون خطة وبدون أدوات مكلفة قد يتم كشفها وإحباطها.

4. كذلك، أصبحت العمليات الفردية مسلسل دائم لا يمكن وقفه أو تحييده، ووضعت العدو في حالة دفاع وأفقدته القدرة على الهجوم، حتى أنه عندما يفكر باقتحام مدينة أو قرية لاعتقال مقاومين، فإنه يواجه بالحجارة والعبوات الأنبوبية وحتى الاشتباكات المسلحة، ذلك لأن عمليات انتفاضة القدس الفردية وغير الفردية رفعت مستوى الجرأة عند الإنسان الفلسطيني الذي أصبح يتبنى خيار المقاومة الشعبية والمسلحة.


استثمار نتائج الانتفاضة

خلال حديثنا عن آثار ونتائج انتفاضة القدس، تمكنا من استنتاج جملة من الآثار الإيجابية على الجمهور الفلسطيني، ومجموعة من الآثار السلبية على العدو “الإسرائيلي” ويبقى أن نطرح للجمهور كيفية استثمار نتائج انتفاضة القدس.

للإجابة على هذا السؤال حول كيفية استثمار نتائج انتفاضة القدس 2015م أجرينا مقابلة مع الباحث المختص بالشأن العسكري رامي أبو زبيدة، والذي يرى أن نجاح عمليات انتفاضة القدس 2015م جاءت نتيجة لفشل المخابرات “الإسرائيلية” في توقع حدوث هذه العمليات، وبالتالي لم تكن المخابرات ولا الجيش مستعدين لمواجهة هذا الجيل الجديد من العمليات.

وبيّن أبو زبيدة في حديثه الخاص لنا أنه يجب استثمار نتائج انتفاضة القدس من خلال اعتماد أسلوب العمليات الفردية، حيث أنها بعيدة عن أي هياكل تنظيمية يمكن تتبعها من قبل مخابرات العدو وإحباطها، وإن نجاح هذه العمليات يتطلب توفير الحاضنة الشعبية التي تحمي منفذي العمليات وتمنع العدو من الوصول إليهم.

وأشار مختصون أمنيون تحدثوا للمجد الأمني إلى ضرورة رفع الوعي الأمني لدى المواطنين في الضفة الغربية المحتلة، إذ أنّ هذا الوعي يفضي إلى معرفة ثغرات العدو وبالتالي مهاجمته بها، وبيّنوا أن العمليات الفردية المستمرة حتى هذه اللحظة بعد مرور 6 أعوام على اندلاع الانتفاضة، يمكن لها أن تخلخل أركان الأمن “الإسرائيلي” حال استمراريتها، داعين إلى تعزيز مكانة المقاومة في الضفة الغربية.

ختاماً، شكّلت انتفاضة القدس 2015م نقلة نوعية في المقاومة ضد العدو “الإسرائيلي” في الضفة الغربية المحتلة والقدس، وقد ظهرت نتائج هذه الانتفاضة جليةً واضحة في صمود أهلنا في القدس المحتلة ومنع المستوطنين والاحتلال من سرقة البيوت في الشيخ جراح خلال النصف الأول من العام الجاري، وهذا يدلل على تنامي الشجاعة الفلسطينية أمام الغطرسة “الإسرائيلية”، وكذلك تنامي الوعي الأمني والوطني، وكذلك تعززت الوحدة الوطنية التي تجلت هي الأخرى في دخول غزة والداخل المحتل على خط المواجهة في انتفاضة القدس وفي معركة “سيف القدس” عام 2021م.

التعليقات (0)