- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: التسويات الصينية والعوائق الأمريكية.. "لهيب التحديات".
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: التسويات الصينية والعوائق الأمريكية.. "لهيب التحديات".
- 23 مارس 2023, 9:40:54 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان لافتاً بل ومفاجئاً، ما أعلنته الصين لجهة عقد قمة بإطار موسع، تجمع إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سُلط الضوء عليه أمريكياً وغربياً، لا سيما وأن حالة التجاذبات بعناوينها الشرق أوسطية، تُشكل حالة من الهواجس الأمريكية، خاصة في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وانعكاساتها على معادلة التحالفات الإقليمية والدولية، والبحث عن إصطفافات جديدة، تكون عاملاً فاعلاً ومؤثراً، في تحقيق نوع من الإستقرار بشقيه السياسي والاقتصادي.
وربطاً بما سبق، فقد رعت الصين اتفاقاً سعودياً إيرانياً، سيتم بموجبه إستئناف العلاقات بينهما خلال إطار زمني لا يتعدى الشهرين، واللافت في الأمر، أن الصين تمكنت من تحريك المياه الراكدة بين طهران والرياض، اللتان كانتا تقفان على طرفي نقيض، في صراع شرق أوسطي قوامه صراعات بالوكالة. ومن الضروري التنويه، إلى أن العلاقات السعودية الإيرانية، قد قُطعت تماماً، في عام ٢٠١٦، على خلفية اقتحام متظاهرين إيرانيين للسفارة السعودية في طهران، إبان إعدام الرياض لـ رحل الدين الشيعي، نمر النمر، بعد اتهامات طالت الأخير "بـ الإرهاب".
الرئيس الصيني، شي جين بينج، كان قد عرض على قادة الدول الخليجية، في كانون الأول من العام الفائت، عقد اجتماع رفيع المستوى بين إيران والدول الخليجية، وحتى توقيع الاتفاق السعودي الإيراني، لا تزال بكين تعمل على خطتها لتنظيم القمة الأوسع بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي في وقت لاحق من العام الجاري. لكن وعلى الرغم من المناخ الإيجابي الذي ترجمته تصريحات المسؤولين في طهران والرياض، والمتعلقة بالاتفاق على استئناف العلاقات، إلا أن الاتهامات لا تزال تطال طهران لجهة النوايا التوسيعة في المنطقة، والارتكاز على أجندة التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، منها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.
الدول الخليجية بدورها تطالب طهران بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، فيما تتمسك طهران بالسيادة عليها. كل ذلك يضع إيران والدول الخليجية، في أطر الكباش السياسي المُبهم في نتائجه، وبالتالي، وعلى الرغم من الاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وتوسيع مروحة التفاهمات الإيرانية الخليجية، إلا أنه من غير المرجح أن تكون النتائج في مداها البعيد، إيجابية المضمون والأهداف، فـ إعادة افتتاح السفارات بين طهران والرياض، لن تُلغي تاريخاً طويلاً من التوترات الأمنية بين البلدين، ولن تكون بذات الإطار تلك الاتفاقات، سبباً في تبريد عقود التنافس الإقليمي لفرض النفوذ بين طهران والرياض.
في ذات الإطار، ثمة تحليلات تضع الإتفاق السعودي الإيراني في مهب التجاذبات. تلك التحليلات خلصت إلى أن مصير الاتفاق مرهون بـ مباركة "الحرس الثوري الإيراني"، لا سيما أن الأخير اعتمد حالة النفوذ المسلح، سياسةً لتوسعه في المنطقة. نتيجة لذلك، ثمة هواجس حقيقة تنتاب الساسة الخليجين حيال الإتفاق، الأمر الذي يُبقي حالة الترقب لدى البعض، في مستوياتها العليا حيال بلورة رؤية واضحة للاتفاق السعودي الإيراني.
في جانب آخر، لا يمكن إنكار حالة التخبط الإيراني في جوانب عدة، أبرزها الاتفاق النووي وكذا حالة الاقتصاد الإيراني، والذي يُعاني جراء تشديد العقوبات الأمريكية عليه، ووفق مسؤولين أمريكيين وسعوديين، فإن إيران كانت هذه المرة متحمسة لإبرام صفقة في ظل أزمة عملة الريال التي تعصف بالبلاد، ما أدى إلى زعزعة الاقتصاد الذي يعاني بالفعل من العقوبات الأمريكية بسبب برنامجها النووي وبعد شهور من الاحتجاجات ضد "النظام الإيراني".
في المجمل، تأمل الرياض في أن تتمكن الصين، من استخدام تأثيرها السياسي والاقتصادي، للضغط على إيران للتأثير على سلوكها الإقليمي، خاصة أن واشنطن فشلت في ضبط سياسات إيران، على الرغم من سياسة الضغوط القصوى التي مورست أمريكياً ضد إيران، وبذات الإطار، ثمة هواجس خليجية ترتكز على محددات قد تعتمدها الصين من باب التسويات الشرق أوسطية، وذلك لمواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة، وبالتالي قد نشهد تصعيداً أمريكياً صينياً في منطقة أرهقتها حالة التجاذبات والكباش بمستوياته كافة، فـ الولايات المتحدة لا يُمكن أن تسمح للصين، بتوسيع نفوذها في شرق أوسط"أمريكي"، ليكون تقدير ما سبق، «فصل تناقسي جديد بين بكين وواشنطن على رقعة الشرق الأوسط».