- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: سيناريوهات حافة الهاوية وإمكانية الإنفجار الإقليمي.
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: سيناريوهات حافة الهاوية وإمكانية الإنفجار الإقليمي.
- 20 أكتوبر 2023, 8:40:44 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فواعل وتأثيرات جمّة أعقبت العملية التي شنتها "حماس" داخل الأراضي المُحتلة، إذ لا تزال تفاعلات عملية "طوفان الأقصى" تتسارع إقليمياً ودولياً مُفجرةً بركاناً شعبياً بغايات سياسية، ولا تزال في غمرة ذلك حالة الاشتباك العسكري وبوجهها الحالي والتي تًضيف حطباً على نار التطورات بما ينذر باتساع رقعة المواجهة بين اسرائيل وأنصار محور المقاومة في سورية ولبنان وربما العراق، ليبدو الأمر وكأنه بركاناً قد انفجر ولفظ حممه. كل ذلك وسط حالة من الترقب لاتساع فوهة البركان عسكرياً مع بقاء السيناريوهات واحتمالات الجغرافية السياسية، جاثمة على رأس حالة الترقب.
اسرائيلياً ثمة رهان جريء يجري الاعداد له. فـ الموقف الاسرائيلي بات مؤطراً في تهيئة المجتمع الإسرائيلي لعمل عسكري بري في غزة، حيث أعلنت حكومة الطوارئ في القدس، أن الجيش الإسرائيلي سوف يدخل القطاع من الشمال طالبة من المدنيين الانتقال إلى جنوب القطاع، ومع استمرار الفصائل باستهداف مستوطنات غلاف غزة وما رافق ذلك من تعاظم في الخسائر، يتعالي الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، من أجل اجتياح قطاع غزة وتفكيك حماس وانهاءها، لكن المؤسسة العسكرية الاسرائيلية تُدرك بأن اقتحام القطاع وفق عملية عسكرية والاشتباك المباشر مع الفصائل الفلسطينية سيسبب خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الاسرائيلية، وهذا بدوره سيكون عامل ضغط إضافي على الحكومة الاسرائيلية، لتأخير العمل البري ضد غزة، أو إلغاءه.
العامل الأبرز في الموقف الاسرائيلي لجهة اقتحام قطاع غزة، جاء مُحدداً بالعامل الأمريكي. فـ العملية العسكرية البرية تُجاه غزة ستحتاج حُكماً لضوء أخضر أمريكي وقد ينجح نتنياهو في أخذ هذا الضوء، لكن هل سيحظى بالدعم الكامل من قبل واشنطن حتى نهاية العملية؟، أم أن هناك سقفاً أمريكياً لا يمكن لنتنياهو تجاوزه في القطاع خشية انفلات التطورات وتمددها اقليمياً؟، وهل ثمة احتمالية يتم من خلالها إجبار نتنياهو على وقف إطلاق النار قُبيل إتمام الحملة وانهاء حماس؟، كل تلك التساؤلات تضع نتنياهو أمام واقع يؤكد بأن الاجتياح البري لن يكون الخيار الوحيد، ويمكن أن يكون الرد "شيئاً آخر".
في المقابل فإن حماس لا يغفل عنها بأن الجيش الاسرائيلي قد يلجأ لاجتياح بري للقطاع، وبناءً على ذلك فان الخطوط والعناوين العريضة في خطة حماس، تُحددها أولاً أولويات العمل على استدراج الجيش الاسرائيلي إلى داخل جغرافية القطاع، ومشاغلته بعمليات خلف خطوطه لتأخير تقدمه، وهذا ما تراهن عليه "حماس" لجهة استثمار إطالة العلمية البرية بما يُشكل عامل ضغط على الحكومة الاسرائيلية والمجتمع الاسرائيلي على السواء، وفي جانب أخر، فإن إطالة العملية واشغال القوات الاسرائيلية وتعزيز خسائرها سيفتح النقاش إقليمياً ودولياً بضرورة التوصل إلى إتفاق دولي لفرض وقف إطلاق النار ما يعني تعطيل الهجوم الاسرائيلي دون تحقيق النتائج المعلنة اسرائيلياً.
السيناريو السابق لا شك بأنه في الذهنية العسكرية الاسرائيلية، وهذا يعني في حال تحققه انتصار حماس ومعها إيران، من هنا فإن إسرائيل ستحاول في المقابل استخدام قوتها النارية بطاقتها القصوى لانهاء حماس والجهاد الاسلامي مع اتخاذ ضمانات أمريكية باستهداف أي قوة جانبية تحاول الدخول على خط القتال سواء من سوريا أو لبنان وحتى العراق واليمن.
لا شك بأن على طاولة دول المحور خطط وسيناريوهات كثيرة للمواجهة مع اسرائيل لكن بعضها يبقى في إطار البروباغندا الإعلامية والتي لا يمكن أن تُحقق واقعاً. ومن المؤكد أن عملية "طوفان الاقصى" كانت إحدى هذه الخطط القابلة للتطبيق والاستثمار، والتي تهدف إلى إشعال المواجهة بين حماس واسرائيل، حتى تقرر الأخيرة الدخول برياً الى قطاع غزة بما يؤسس لذريعة الهجمات المتعددة من لبنان وسوريا والعراق للإطباق على إسرائيل، لكن ضمن ذلك ثمة هدف إيراني غير معلن، يتمثل في تأمين ايران وعدم تهديدها من قبل إسرائيل، أو أقله إبقاء إيران لوقت طويل بمنأى عن العمليات العسكرية الإسرائيلية بعد إرهاقها في غزة.
نقطة التوزان في كل ما سبق تبقى متمثلة بالعامل الامريكي. في المبدأ فإن الولايات المتحدة لا تريد حرباً في الشرق الأوسط، خاصة أن الرأي العام الداخلي في واشنطن غاضب على الحروب، وقد ينقلب عليها في الانتخابات الرئاسية المُقبلة. وعليه فإن البيت الأبيض لا يريد إرسال قوات أميركية إلى المنطقة، لا لمشاركة إسرائيل في معركة غزة، ولا لمشاركتها في حرب مع "حزب الله"، لأن هكذا انخراطات ستقود إلى حرب مع المحور، لكن التطورات الحالية في الأراضي المحتلة، أجبرت الولايات المتحدة على إعادة تموضعها فـ تضامنت مع إسرائيل، ومدتها بالعتاد والذخيرة، ونشرت حاملتي طائرات في المنطقة، وهددت بالتدخل إذا استهدف "المحور" إسرائيل، أي أن واشنطن وضعت قدماً داخل حلبة الصراع، وأبقت القدمالأخرى خارجها.
سيناريوهات حافة الهاوية لا تُحصى، وإمكانية الإنفجار الإقليمي حاضرة في كل وقت، والمعادلات الحديدية التي تؤطر حدود الردع وقواعد الاشتباك قد تنصهر، والواقع يؤكد بأن المواجهة الشاملة بين ايران ووكلائها واسرائيل تحول دونها عوامل كثيرة، والأهم أن طهران وتل أبيب ستحاولان تفادي أي مواجهة مباشرة والاكفتاء بحروب الوكالة، فـ إسرائيل تدرك بأن إيران غير قادرة على تحقيق حلمها بالقاء الإسرائيليين في البحر، وفي المقابل فان إيران تدرك بأن إسرائيل غير قادرة على إسقاط نطامها، لـ يبقى الجميع ضمن ذلك حطباً في نار التسويات.