- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: "فواعل وتأثيرات" الجمود السياسي تُجاه سورية مؤطراً بـ القرار 2254.
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: "فواعل وتأثيرات" الجمود السياسي تُجاه سورية مؤطراً بـ القرار 2254.
- 13 يوليو 2023, 8:46:16 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
على غير ذي هدى، تسير الازمة السورية في مسار جُل عناوينه تعقيدات إقليمية ودولية. وعلى الرغم مما يُشاع من حالة الانفتاح العربي والخليجي على دمشق، إلا أن الواقع السوري يشي بُجملة واسعة من التحديات، والتي يبدو أنها لن تُحقق أي انفراج لجهة التوصل إلى حل سياسي، فلا أستانا وبيناتها الختامية، قادرة على هندسة خارطة طريق تُفضي إلى حل سياسي سوري، ولا الرغبات السورية ومُثلها الروسية والإيرانية وكذا التركية، قادرة أيضاً على وضع أسس فاعلة ومؤثرة لحلحلة جُزئيات الملف السوري المتشابكة، ليبقى بارزاً ذاك العنوان الأممي 2254، والذي يبدو أنه هو القادر على تحقيق معادلة الحل السوري، لتبدو في المقابل كل المبادرات السياسية الرامية للتوصل إلى حل سياسي سوري، فارغة من المضمون والأهداف، لا سيما أنها تقترب من حافة القرار الأممي، لكن دون الغوص في تفاصيله.
القرار 2254، ومن خلال الحراك السياسي تُجاه سورية، فقد عاد بتواتر متسارع إلى التداولات السياسية في ما يتعلق بالأزمة السورية، فـ البيانات التي صُدرت عُقب اجتماعي عمّان وجدة، أكدت صراحة أن الحل السوري لا يزال مؤطراً ضمن القرار 2254، بالتوازي مع فيتو أمريكي وأوروبي على إعادة التطبيع مع دمشق، دون تطبيق جوهري للقرار المذكور، وعلى الرغم من غياب التعاطي مع هذا القرار خلال السنوات السابقة، واعتماد مسارات سياسية بديلة في أستانا وسوتشي بقيادة روسية ومشاركة إيرانية وتركية، إلا أن الغياب الأمريكي والأوروبي عن تلك المسارات، كان يشي باستحالة تقديمها حلولاً للأزمة السورية، ما يعني أن القرار 2254 وجُل عناوينه، لا يزال مساراً وحيداً ويُمكن البناء عليه، من غالبية القوى الفاعلة والمؤثرة في الشأن السوري، بما فيهم روسيا والصين.
في ذات السياق، وعلى الرغم من موافقة روسيا على القرار الأممي 2254، إلا أنها وإيران وتركيا، هندسوا سياساتهم حيال التوصل إلى حل سياسي في سورية، بعيداً عن القرار المذكور، وربما سورية وحلفاؤها، قد عملوا على طيَ القرار 2254 ، ظناً منهم بأن سرديات الانتصار كفيلة بإبطال مفاعيل هذا القرار، وفي جانب أخر، قد فُسر الانكفاء الأمريكي عن جُل المسارات السياسية في سورية، على أن واشنطن قد رضخت للسرديات السورية والروسية والإيرانية، وأن ما تم تحقيقه ميدانياً حيال مناطق خفض التصعيد، سيكون بمثابة الحل النهائي في سورية، غير أن الفشل في قطف ثمار "الانتصار المزعوم"، ومع استمرار تردي أوضاع السوريين في المستويات كافة، وضع دمشق وموسكو وطهران أمام أمر واقع لا يُمكن تجاوزه أو الالتفاف على مفرداته.
الواقع السابق منع دمشق وحلفاؤها من الحصول على وقائع تُجيز لهم إنهاء الوجود العسكري الأمريكي والتركي في الجغرافية السورية، ولم يتمكنوا في ذات الإطار، من إنهاء الفصائل المسلحة في إدلب، والبدء بإعادة الإعمار، وجذب الاستثمارات الاقتصادية لترميم الاقتصاد السوري الغارق في أزماته، كما أن هيئة تحرير الشام، والمُصنفة إرهابية لدى جميع الأطراف الإقليمية والدولية، والتي تسيطر على مساحات واسعة من الجغرافية السورية، لم تتمكن دمشق وحلفاؤها من إنهاء تلك الهيئة، بسبب الرفض التركي والأمريكي.
وقائع الأمور ومعطياتها يجب أن تُبنى وفق منطور سياسي منطقي. فـ دعوة سورية إلى حضور اجتماعات القمة العربية، لا يعني إطلاقاً رضوخاً عربياً وخليجياً أمام "انتصارات دمشق"، ولا يُعد تنازلاً من قبل تلك الدول أمام "صمود السوريين"، فكل هذه المقاربات لا تُعد سوى أمنيات لا تعني للقوى الإقليمية والدولية شيء، لكن الواقع الجليَ تُبنى جُزئياته على أرض صلبة، لتكون عودة دمشق إلى الجامعة العربية ضمن إطار سياسي "خطوة مقابل خطوة"، ولا تنفصل عن جوهر القرار الأممي 2254. في جانب أخر، فإن تطورات الملف السوري، أجبر واشنطن وأنقرة، على اتباع سياسات مُغايرة تُجاه المعارضة بشقيها السياسي والعسكري، بما يُشكل في المضمون بيئة موازية لـ دمشق ومشروعها السياسي، وبناء جسد معارض يُمكن توظيفه في مضمون القرار 2254، أو غيره من المسارات السياسية.
من جهة أخرى، ثمة في الرأي العام السوري أصوات متفائلة تقرأ في مسارات التطبيع العربية والتركية مع دمشق، خطوة إيجابية على الطريق نحو طي صحفة الحرب، والبدء بمرحلة جديدة في إطار قرار مجلس الأمن 2254، فيما يرى البعض أن هذا القرار ومضامينه يعد فخاً على دمشق الحذر منه، لا سيما أن القرار المذكور ينص صراحة على الانتقال السياسي، الأمر الذي يتوجس منه البعض.
عودة الحديث الإقليمي والدولي، عن ضرورة التوصل إلى حل سياسي في سورية، بناءً على قرار مجلس الأمن 2254، يعني في العمق، رضوخ جميع الأطراف السورية والموافقة على خارطة طريق تتضمن البدء بـ التسوية السياسية، وبالتالي سيكون على دمشق ومعارضيها الدخول في مفاوضات مباشرة، والحال أنه الحاجة تدعو اليوم السوريين كافة، إلى إعادة قراءة الواقع بجوانبه المتعددة، وتحييد الغموض في أي محتوى سياسي تُجاه الحل في سورية. لكن حتى الآن، ثمة جمود سياسي واضح وضياع رؤى بين الفريقين وداعميهم، ما يفتح الأزمة السورية على مرحلة جديدة، غير واضحة المعالم.