- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. أيمن منصور ندا يكتب : "إعلام" دة يا مرسي؟!!
د. أيمن منصور ندا يكتب : "إعلام" دة يا مرسي؟!!
- 28 مايو 2021, 9:49:19 م
- 2182
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بهدوء .. وموضوعية ... دعوة لمناقشة قضايانا الإعلامية..
"سرير بروكرست" والمتحدة للخدمات الإعلامية!
(1)
في الأساطير اليونانية القديمة توجد قصة "بروكرست"؛ وهي تلخِّص كثيراً من أبعاد أزمتنا الحالية، وتلقي الضوء على جوانب مختلفة من مشكلات حياتنا الإعلامية الراهنة .. كان الفتى "بروكرست" يتسم بالقوة المفرطة (كان يعمل حدَّاداً وقاطع طريق)، وبالدهاء الشديد (كان يستميل المسافرين، ويستقطبهم بأدبه الظاهر، ويحسن ضيافتهم، ويدعوهم لزيارة بيته والإقامة لديه)، وبالمرض النفسي الواضح (كان لديه سرير حديديُّ يجبر ضيوفه على النوم عليه، ويقطع أرجلهم إن كانت أطول من السرير، ويمط أجسامهم حتى تتكسر مفاصلهم إن كانت أجسامهم أقصر من السرير)، وكان رياضياً ويتمتع بصحة جيدة (ولذا طال عمره وكثرت جرائمه).. ولأنه، وفي الأساطير فقط، لابدَّ من انتصار الخير على الشر في النهاية، لذا، فقد استطاع الشاطر "ثيسيوس" أن يقبض علي "بروكرست"، وأن يذيقه بعضاً مما أذاقه للآخرين (أنامه على سرير حديديّ، وقطع رأسه حتى يتناسب مع طول السرير)..
في واقعنا المعاصر، يوجد مليون بروكرست كبير .. وفي داخل كلٍّ منا يوجد "بروكرست" صغير .. كلٌّ منا يحاول تفصيل الواقع على مقاس أفكاره التي يحملها .. نحن نمارس بشكل روتيني عمليتيّ النبذ والإقصاء لكلِّ من يخالفنا الرأي، ولكلِّ من يجعل "صدرنا ضيِّقاً حَرَجَا كأنَّما يصَّعًد في السماء" (أهل الشر) ؛ والتقريب والاصطفاء لكلِّ من يوافق على أفكارنا، ولكلِّ من يجعلنا نعتقد أننا نستطيع أن نخرق الأرض أو نبلغ الجبال طولاً (أهل الثقة).. ونحن نقوم بشكل طبيعيّ بقطع أرجل كثير ممن يفوقوننا في القيمة أو في الموهبة، ونقوم بشكل تلقائيّ بتكبير وتضخيم كلِّ قزم في حياتنا وكلِّ خصلة نراها حميدة فينا، حتى تبدو للناس بالشكل الذي نتخيَّله في أدمغتنا، حتى ولو كان هذا الشكل غير صحيح ..
"المتحدة للخدمات الإعلامية" تقوم في حياتنا الإعلامية بالدور نفسه تقريباً الذي كان يقوم به "بروكرست" مع ضيوفه.. حيث تقيس أحلامنا الإعلامية على مقاس سريرها، وتقطّع أيدينا وأرجلنا من خلاف على هواها... و"على حسب "وداد" تقوم بتضخيم كثير من توافهنا، وتتفيه كثير من مقدساتنا .. وأصبح الحال لا يخفى علي أحد.. والشكوى هي سيدة الموقف!
(2)
سألني صديق: كيف تقيم الدور الذي تقوم به "المتحدة للخدمات الإعلامية"؟، أجبته:لابدَّ أولاً من تحديد ماهيتها حتى يمكن الحكم عليها وعلى دورها! نحن إزاء مسألة لا تقبل القسمة على اثنين: إما .. أو... هل هذه الشركة، بافتراض حسن النية، تابعة بشكل مباشر للدولة لأو لأحد أجهزتها؟ وبالتالي تصبح مؤسسة عامة يجب إخضاعها لآليات الرقابة العامة ومحاسبتها وفق قوانين المؤسسات العامة؟ أم أنها كيان خاص تابع لمؤسسة خاصة؟ وبالتالي يجب تقييم أدائها ومحاسبتها ككيان احتكاري داخل الدولة المصرية، ويجب اجتثاثها فوراً من فوق الأرض باعتبارها خطراً على الأمن القومي المصري؟ لا توجد منطقة وسطى بين الحالين..
مؤسسات الدولة الرسمية تنفي ملكيتها لهذه الشركة ولذلك الكيان، ونحن نصدقها ونثق بها، وإن كان "الحس الجمعي" و"العقل العام" يشيران إلى أنها تابعة لأحد الأجهزة السيادية في الدولة.. في تكرار للنكتة التي انتشرت في الستينيات والمتعلقة "بالمطار السري"، و"قاعدة الصواريخ السرية" في طريق السويس.. وبعيداً عن أنه كان جزءاً من خطة الخداع الاستراتيجي حينذاك، فقد كان الموضوع "نكتة بايخة" في ذلك التوقيت.. وإخفاء هوية المتحدة للخدمات الإعلامية، وعدم خضوعها للقوانين المناسبة لحالتها الحقيقية هي نكتة أبوخ في وقتنا الحالي!!
المشكلة الحقيقية، أنه يتم التعامل مع الشركة بمزايا الصفتين، وبمعزل عن عيوبهما.. إذ يتم النظر إليها باعتبارها تتبع الدولة أو أحد أجهزتها السيادية وتعبر عنها، وبالتالي فهي مصدر قوة ونفوذ وسيطرة في السوق الإعلامي.. ومن ناحية أخرى، يتم التعامل معها باعتبارها كياناً خاصاً مستقلاً ومحمياً، و"اللي حكم في ماله ما ظلم".. حماية ثنائية.. ومتعددة الطبقات.. وبين الصفتين ضاع الجمهور!
حالة الاهتمام العام بالشركة ونتائجها تعكس المقولة الشائعة: "قلوبنا مع عليّ، وسيوفنا مع معاوية".. قلوبنا مع الشركة المتحدة باعتبارها "فلوسنا" و"رأس مالنا" ولو بالتمني.. وسيوفنا مع أي قانون يحكم العملية الإعلامية التي تدهورت بسببها، وأدت إلى نتائج غير مرغوبة تفوق النتائج المرغوبة المستهدفة منها!
الشركات والقنوات والصحف التي تملكها المتحدة للخدمات الإعلامية تشمل قنوات DMC ، و CBC ، وON، والنهار، والحياة، ودريم ، والمحور.. وصحف الوطن، واليوم السابع، والدستور، والمصري اليوم، وموقع مصراوي، وشركة POD للعلاقات العامة والإعلانات.. وعديداً من المحطات الإذاعية على FM .. وغيرها .. وهي الإمبراطورية الإعلامية الأكبر في السوق المصري.
(3)
في العلوم الإنسانية، يشير الباحثون إلى مصطلح "المبالغة في تصحيح الخطأ" Hypercorrection .. وفي الأمثال الشعبية نشير إلى أنه "لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين".. وهو في اعتقادنا ما فكرت به أجهزة الدولة بعد ثورة 25 يناير وما بعدها.. بعض التقييمات أشارت إلى أن وسائل الإعلام قامت في الثورتين بدور كبير؛ أحدهما سلبي من وجهة نظر مؤسسات الدولة العميقة (25 يناير)، من حيث قيامها بتأليب الناس على الحكومة وسياساتها.. إلى الحد الذي وصف فيه "المهندس أحمد عز" أمين التنظيم في الحزب الوطني "الأستاذ عمرو أديب" بأنَّه كان السبب في عدم رضا الناس عن سياسات الحكومة، مما دفعها إلى وقف برنامجه في سبتمبر 2020.. وكذلك حالة الإنزعاج المستمر من قنوات دريم وON واتباع الحكومة لسياسات التضييق عليها.. وهو ما فشلت الدولة في احتواء النتائج المترتبة عليه.. وكانت ثورة 25 يناير..
بعض التقييمات الأخرى، رأت أن وسائل الإعلام قامت بدور إيجابي في ثورة 30 يونيو.. بعد أن وظفت أجهزة الدولة العميقة كلَّ أذرعها الإعلامية بفعالية، واستطاعت تحريك الشعب لتأييدها، ورأت بعينها ما يمكن لهذه الوسائل القيام بها لو تمت السيطرة عليها من أطراف غير موالية لها.. أسماء الإعلاميين الذين كان لهم دور في هذه المرحلة كثيرون.. وأسماء من ظنوا أنهم "قيادات سياسية وشعبية" منهم غير قليل.. وهو ما التفت إليه الدولة أيضاً، ونجحت في القضاء عليه في السنوات التالية لها..
حركة التصحيح المبالغ فيها التي قامت بها الدولة كانت على مسارين: السيطرة المباشرة والفعلية على الكيانات الإعلامية المؤثرة.. وخلق كيانات جديدة قادرة على منافسة الكيانات الأخرى التي فشلت في السيطرة عليها.. وفي الحالين، سقط ماسبيرو تماما من حساب هذه الأجهزة..
الدولة في قيامها بحركة التصحيح الإعلامي كانت مثل "طبيب الباطنة" الذي حاول السيطرة على ارتفاع مستوى "السكري" لدي المريض بإعطائه كمية كبيرة من "الأنسولين" أدت إلى حدوث غيبوبة سكر ووفاة المريض.. هناك نسبة من السكر لابدَّ من وجودها في الدم، وهناك قدر معلوم من الحرية لابد من وجودها في الإعلام.. وبدونهما: السكر والحرية، وفي غيابهما التام، مات الإعلام إكلينيكاً.
(4)
لا يخلو قرار من بعض الإيجابيات .. وقد ترتب على إنشاء هذا الكيان الضخم عديد من المزايا التي سمحت للقائمين على السياسات الإعلامية تحقيقها.. ومن ذلك:-
أولاً: ضمان وصول الرسالة الأساسية للدولة المصرية من خلال الوسائل كافة.. السيطرة التامة على المشهد الإعلامي الداخلي أمر لا تخطئه عين مراقب.. تحقيق السيادة الإعلامية "الكمية" متحقق على أرض الواقع.. وإن كان هناك بعض الغياب للسيادة الكيفية.. كثير من الرسائل في حاجة إلى إعادة صياغة، وطرق تحقيق كثير من الأهداف تحتاج إلى مراجعة.. في وجود "هارد وير" قوي وحديث يمكنك تنزيل وتحديث نسخة "السوفت وير" الموجودة، المهم وجود الإرادة السياسية، وهي غائبة حتى الآن إلا قليلاً.
ثانياً: تنفيذ بعض المشروعات الإعلامية الكبيرة مثل الاختيار بجزأيه، وهجمة مرتدة، وغيرها من الأعمال الوطنية التي تجاوب معها الجمهور، ووجدت صدىً وقبولاً في الشارعين المصري والعربي..
ثالثاً: إفساح المجال لجيل جديد من شباب الإعلاميين.. وفتح نوافذ جديدة للتواصل مع الجمهور.. وإن كان المدى الذي وصلت إليه هذه التجربة لا يزال محدوداً، ويحتاج إلى معايير موضوعية لتقييم العناصر الجديدة التي تم ضمها في المنظومة من ناحية، وقياس الأثر المترتب على هذه التجربة من ناحية أخرى.
(5)
على الجانب الآخر، ترتب على إنشاء هذا الكيان، العديد من السلبيات.. ومن ذلك:-
أولاً: الممارسة الإحتكارية للإعلام.. كل طرق الإعلام الحالية تؤدي إلى المتحدة.. تحكمت الشركة في كل مفاصل العمل الإعلامي وفي كل منتجاته من الإبرة إلى الصاروخ.. وفي استسلام للواقع، وبأنه لا يستطيع أحد منافسة الدولة وأجهزتها القوية (كما يتردد) فقد انسحبت كثير من شركات الإنتاج.. ووكالات الإعلان.. ومؤسسات العلاقات العامة.. ومراكز البحوث التسويقية... والإعلاميين.. والخدمات الإعلامية.. وشهد السوق الإعلامي أكبر نسبة بطالة إعلامية بمفهومها الشامل في تاريخه.. وهو ما أدى إلى زيادة السخط على الشركة من فئات مختلفة من الإعلاميين والمتصلين بهذه الصناعة.
ثانياً: مع ضياع المنافسة.. قلت الجودة، وضعف المردود.. إعلامنا أصبح ظواهر صوتية خالية من أي تأثير حقيقي.. اختفت المعارضة تماماً من كل الشاشات.. واختفى أي حديث عن أي قصور حقيقي.. أصبحت مصر بقدرة قادر "جنة الله في الأرض" خالية من كل عيب أو نقص، وأصبحت هي النموذج الذي يحتذى في كل المجالات.. وعلى حد تعبير البعض، فإن مصر تبدو على الشاشات كفرنسا، وفي الواقع الحقيقي كالصومال.. وهو ما دفع بعض الشرائح (غير القليلة) إلى البحث عن قنوات أخرى لتحقيق التوازن بين الواقع والتوقع.
ثالثاً: ظهرت على السطح تفرقة واضحة بين المتعاملين مع الشركة وغير المتعاملين معها.. أولاد الشركة في مقابل الأخرين على اختلاف فئاتهم وتوجهاتهم .. وزادت الشكاوي من تزايد نفوذ المحظيين، والمزايا غير المحدودة للمقربين.. مفهوم الشلة الواحدة المسيطرة.. بما تفرضه من سحق لكل من يخرج عليها أو يهدد سيطرتها..
رابعاً: طريقة التنميط والرسالة الموحدة والشكل الواحد.. إعلام السامسونج كانت بدايته الحقيقة من هذه الشركة، ونهايتها إليها.. قديماً كانت التلقينات فردية.. الآن أصبحت التليقينات جماعية.. رسالة واحدة للجميع.. لا وقت للمناقشة أو للمراجعة..
خامساً: "مفيش دخان من غير نار"، و"المال السايب يعلم السرقة".. وبدون آليات رقابة ومتابعة فعلية، بدأت تظهر علناً قصص كثيرة عن الفساد والمحسوبية.. قد يصدق بعضها وقد لا يصدق.. غير أن المؤكد أن هناك خطأ في "السيستم"، وأن هناك قصوراً في برنامج التشغيل.
سادساً: غلق ملف ماسبيرو ... واتباع سياسة الموت البطىء.. في انتظار اطلاق رصاصة الرحمة.. ملف تطوير ماسبيرو تم تسليمه للمتحدة للخدمات الإعلامية.. لأول مرة تستلم شركة ملفات شركة أخرى منافسة لتطويرها!!!
سابعاً: نتيجة لضعف مستوى الدراما في السنوات الأخيرة باستثناء بعض الأعمال المميزة، فقد استغلت بعض الأطراف الخارجية هذه الحالة في استقطاب المبدعين المصريين.. على سبيل المثال، رأينا المستشار ترك آل الشيخ رئيس هيئة الترفية السعودي يعلن عن عدم رضاه عن مستوى الأعمال الدرامية المصرية ويدعو "المبدعين المصريين" إلى زيارته في الرياض للاتفاق على أعمال فنية عالية تصحح الأوضاع "المايلة.. نحن في إطار "موسم الهجرة إلى الرياض".. وهو ما يذكرنا بموسم الهجرة إلى بيروت في نهاية الستينيات، وإلى استديوهات عجمان وأبوظبي في نهاية السبعينيات والثمانينات..
ثامناً: أدى التركيز على المردود الاقتصادي على حساب القيمة الفكرية والثقافية، إلى تبني الشركة المتحدة لإنتاج مسلسلات أظهرت شيوع البلطجة والعنف والسوقية في المجتمع المصري ... صورة "شبه الدولة" التي أظهرتها مسلسلات هذه الشركة، والغياب التام للأمن، وشيوع العلاقات المنحلة .. كل هذه الصور السلبية ما كان لها أن تظهر من خلال شركة يقال إنها تابعة للدولة وتسيطر على منافذ وشاشات العرض..
تاسعاً: "الإنتاج إنتاجنا، والشاشات شاشاتنا، ولا عزاء للمشاهدين"، هذا هو الشعار الذي رفعته الشركة.. الشركة تضمن أن كل ما تنتجه سيتم بثه وعرضه.. وبالأسعار التي تحددها.. (زيتنا في دقيقنا).. الشركة هي جهة الإنتاج، وهي القائمة بالتوزيع، وهي صاحبة القنوات، وهي مالكة شركات الإعلان.. سلسلة بعضها من بعض.. والانهيار يشبه تأثير الدومينو .. كل شئ ينهار بالتتابع.. إذ لا توجد مسافات كافية يمنع حدوث هذا التأثير..
عاشراً: تدوير الإعلاميين، وانتقالهم من قناة إلى أخرى، وقصر حركة التغيير عليهم .. قائمة المذيعين والمذيعات التي تم نقلهم من قناة إلى أخرى رغم عدم تحقيقهم أي مردود إيجابي ملموس.. هي أماكن شاغرة يتم ملؤها بالمرضي عنهم وليس بمعيار الكفاءة.. والشواهد على ذلك كثيرة..
(6)
لم أسعد بخبر رحيل "تامر مرسي" ولم أحزن بنفي المتحدة للخدمات الإعلامية لهذا الخبر.. فما دامت آلية الاختيار والاستبعاد واحدة وثابتة، فلا نتوقع شيئاً جديداً.. رئيس مجلس إدارة "المتحدة للخدمات الإعلامية"، أيَّا كان اسمه أو خلفيته، لا يعدو أن يكون "مقاول أنفار" إعلامي.. أو "منتج منفذ".. ليس من صلاحياته، كما يبدو لنا، وضع الخطط الإعلامية أو التخطيط الإعلامي.. على الرغم من أن قائمة ممتلكات الشركة تعني إننا إزاء وزارة إعلام كاملة، وأن مديرها هو وزير الإعلام الحقيقي.. أو إمبراطور الإعلام كما يطلقون عليه..
ولعلَّ الإعلان عن بعض التغييرات المحتملة في هذه الشركة يدفعنا إلى الأمل في إحداث بعض التغييرات الموازية فيي بنية الإعلام المصري:-
أولاً: فصل المكونات المختلفة لهذه الشركة عن بعضها البعض في شركات متوازية متنافسة.. والسماح بوجود قدر من المنافسة مع الشركات الأخرى.. وأن تكون معايير الإنتاج والتوزيع والمنافسة واضحة ومعلنة للجميع.. تشجيعاً للقطاع الخاص، وللشركات الصغيرة على الاستثمار في هذا المجال بديلاً عن سيطرة شركة واحدة على كل مدخلات ومخرجات العمل الإعلامي في مصر.
ثانياً: فصل إدارة القنوات عن بعضها البعض.. لضمان قدر من التنوع في الرسالة الإعلامية.. لا يمكننا ملاحظة أي فرق بين قنوات DMC ، و CBC، و ON، والنهار، والحياة.. والمحور.. كلها متشابهة إلى درجة التطابق، وواحدة إلى درجة "التوحد".. لا توجد شخصية متفردة لأي منها.. وهو ما يجعل منها إضافات غير جوهرية.. المشتابهات والكيانات غير المتفردة لا تضيف جديداً أو قيمة إضاقية للمشهد الإعلامي، في الوقت الذي تخصم منه وتضيف أعباءً عليه..
ثالثاً: السماح بقدر من المعارضة الوطنية في هذه القنوات .. المعارضة ليست من نوع ثقب "حلة البريستو" الذي يمنع الانفجار.. ولكن من النوع الذي يساعد على تقليب الفكرة وطهيها بشكل جيد.. الأفكار المتصارعة والحلول الناتجة عنها هي الحل.. بالمعني الذي أشار إليه أرسطو في مفهوم
الشخص المضاعف Multiple man ...
رابعاً: السماح بشركات وطنية لقياس التعرض لوسائل الإعلام.. ولقد تقدمت وغيري بعدة مشروعات إلى جهات مختلفة في الدولة لإنشاء مثل هذه الشركات بمواصفات دولية .. وكلها "في العرض" منذ وقت طويل، دون رد حاسم.. ومع الأخذ في الاعتبار كافة الضمانات الأمنية والعلمية، فإن وجود هذه الشركات هي الضمانة الحقيقية لقياس توجهات الناس واتجاهاتهم نحو المنتج الإعلامي..
خامساً: أن يتم ضم خبير أو خبيرين إعلاميين إلى مجلس إدارة الشركة، يكونان مسئولين عن وضع خطة إعلامية ملتزمة بسياسة الدولة ومتماشية مع توجهاتها، وضمان تنفيذها بشكل احترافي مؤثر.. الإنتاج وحده لا يكفي.. وما لم يكن الإنتاج بهدف، ووفق خطة معينة، تصبح كلها "دخاناً في الهواء" على حد تعبير أستاذنا جلال الدين الحمامصي..
سادساً: العدالة.. الموضوعية.. الاحتواء.. "إنَّ الله ينصر الدولة العادلة وإنْ كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإنْ كانت مؤمنة"..