- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
أ. طه الشريف يكتب: محطات الحقد الغربي على المسلمين وآخرها غزة
فضحتها الوقائع رغم مساحيق التجميل!!
أ. طه الشريف يكتب: محطات الحقد الغربي على المسلمين وآخرها غزة
- 22 فبراير 2024, 8:57:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ثمّت رأيان يتصارعان في أحقية كلا منهما في الصحة ولكل منهما قوته في الإستدلال فيما يسوق من حوادث على مدار التاريخ كله وهما:
هل العداء الغربي المسيحي للإسلام والمسلمين مَرَدُه الحقد الأيدلوجي والشحن الكنسي والتصادم الفكري"صراع الحضارات" ؟؟، أم تراه الطمع فيما تحت أيدينا من ثروات في باطن أرضنا، وقاع بحارنا سيما مع محاذير النضوب للثروات المائية والتعدينية ؟؟..
وهل تراني أخطأت حين نعتُ العداء حصراً وقصراً بالمسيحي؟ فأين اليهود إذن؟! وهم من هم في صناعة الشر وتلويث البشرية بالكراهية التي أشعلت الحروب بين الأمم والشعوب في كل مكان حلّوا فيه أو ارتحلوا!..
والحق أن من استدرك عليّ حصر العداء والحقد على المسلمين في المسيحيةِ مصيبٌ من وجه ومخطىء من وجه آخر، ووجه الإصابة هو: عدم منطقية إغفال الدور الشيطاني لليهود في كل المصائب التي نزلت بالبشرية!، ومخطىءٌ من جانب آخر: في عدم قصدي للمسيحية عامة بل قصدت "الصهيونية المسيحية"! من أتباع الكنائس البروتستانتية الأصولية وعلى رأسهم-حكام أمريكا وبريطانيا- وخدامهم في العالم كله المؤمنون بأن قيام دولة إسرائيل كان ضرورة لإتمام نبوءة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، حتى شكّل قيام تلك الدولة لهم المقدّمة الواجبة لمجىء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر لألف عام بعد حربٍ سيخوضها ضد الشر في العالم!..
يستطيع من يخالفني أن يحتج عليّ بأن خروج العامة والدهماء في سيل الحروب الصليبية لم يكن إلا هروباً من الفقر والضيق الذي جعل حياتهم ضنكا حين سادت في أوروبا ساعتها مصطلح القِنّ وهم العبيد المرتبطون بالأرض، ولقد كانت حيازة القنّ من هؤلاء الأقنان تنتقل مع انتقال حيازة الأرض للمالك الجديد، بل للسيد المالك –إذا رغب- أن يحمل عروس أحدهم ليأخذها في الليلة الأولى قبل عريسها!..
وكان بديهياَ أن يطير هؤلاء البؤساء طرباً للواقع الجديد الذي بشَرتهم به الكنيسة ورغَّبهم فيه "بطرس الناسك" والذي ذهب إليهم راكباً حماره الهزيل قاصاً عليهم أخبار الشرق الذي يفيض باللبن والعسل، فلا يمكن أن نصف الدافع الذي حرّك هؤلاء الرعاع بالحقد على المسلمين، بل كان الحقد الدفين لمن أمسكوا بقيادهم من الزعماء الدينيين وعلى رأسهم البابا "أوربان الثاني" صاحب القيادة الروحية التي دفعت الملوك والأمراء لتدشين الحملات الصليبية بدعوى استنقاذ قبر المسيح من البرابرة المسلمين! وقيل أن من أسباب الحرب ما ارتأته البابوية في تصدير الطاقة الحربية الكامنة داخل الفرسان وإستغلالها كوقود للمعارك المنتظرة لتصدرها خارج أوروبا من أجل مشروع تقوده الكنيسة تحت راية الصليب..
وبذلك يستقيم الأمر ويهدأ الخلاف، فالحقد الأيدلوجي للكنيسة وتحت قيادتها الروحية صفوة الأمراء والزعماء والساسة ممن تربوا على يديها، وأما الطمع في مصادرة ثروات الشرق وخيراته فللبقية من الأمراء والنبلاء والفرسان الباحثين عن توسيع ممتلكاتهم وتحت قيادتهم جموع الجند من العامة والدهماء..
والحقيقة لا يمكننا تصور القسوة والسادية التي جرت وقائعها بدهاليز الكنيسة بعد سيطرة الإسبان النصارى واستعادتهم لشبه الجزيرة الأيبيرية في قرطبة واشبيلية، فلا يستقيم عقلا إستبعاد الحقد الكامن في صدور هؤلاء اللئام، مع الطريقة التي تم بها تعذيب مسلمي الأندلس لفتنتهم عن دينهم وللتنفيس عن الأحقاد القابعة في صدور أولئك الذئاب ممن لبسوا مَسوح الرهبان فعمدوا إلى نهش لحوم ضحاياهم وهم يترنمون بصلاواتهم في مدبح الرب!
ولا يمكن أن نغفل كذلك عن أهم محطات الحقد المسيحي في المذبحة التي جرت وقائعها في تسعينيات القرن الماضي على أيدي مجرمي صربيا حين قاموا بالتنكيل بالبوشناق من مسلمي قرية سربينتسا البوسنية، وقتلهم الضعفاء من الرجال والصبيان بوحشية فاقت وحشية السباع في إجهازها على فريستها، مع ما فعلوه في بقية مسلمي سرايفوا من هتك لأعراض النساء والقاصرات ولعب الكرة بجماجم الضحايا، والأكثر اجراما من ذلك هو التواطىء الأوروبي المتمثل في دور الكتيبة الهولندية المنوط بها حماية أهل القرية وبدلا من قيامهم بواجبهم سمحوا للقوات الصربية بقيادة "راتكو ميلاديتش" بذبح أكثر من ثمانية ألاف رجل وإمرأة وصبي من المسلمين..
إن محطات الحقد المسيحي الصهيوني كثيرة جداً أكثر من أن يسعها مقالي هذا، وما ذكرناه غيض من فيض لكننا سنختم بأشد المحطات قسوة وضراوة بل وخسة في التاريخ الإنساني تلك التي تجري وقائعها في قطاع غزة المحاصر من أمريكا وأوروبا ومن جيرانه اللذين يشاركونه العروبة والتاريخ! ولقد سارعت الحكومات المسيحية الصهيونية بإرسال بوارجها ومدمراتها الحربية وأسحلتها المتطورة ليصطفوا خلف الإحتلال الصهيوني في مجازره التي يرتكبها صباح مساء في مواجهته لأهل غزة المحرومين من كافة ضروريات الحياة عقاباً له على رفضه للإحتلال الغاشم وعلى انتفاضته لكرامته فمنعوا عنه الطعام والشراب وحرموه من الماء النظيف والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، وفتحوا للدولة المدللة جسراً جويا لإمدادها بكافة الأسلحة فانتهى الأمر بتدمير ما يزيد عن 70 في المائة من البنية التحتية للقطاع، وعلى مدار 140يوما لم يتوقف القصف الوحشي للمستشفيات وسيارات الإسعاف والصحفيين والنساء والأطفال، وباتت الجثث في العراء لا تجد من يدفنها لتوالي غارات الطائرات الF16 وقذائف المدفعية الثقيلة والدبابات..
كل هذا الإجرام وتطالعنا الشاشات بالجوالات المكوكية للوزير الصهيوني ذو الملامح الباردة "بلينكن" وهو يعانق سكان الإحتلال عناقاً حاراً وقد أظهر تألمه لما حدث لهم من إعتداءات على أيدي المتوحشين من سكان غزة!.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.