أ.مصطفى إبراهيم يكتب: شَكل العَلاقة السورية – الفِلسطينيّة: التحدّيات في ضَوء المُستجدّات

profile
أ. مصطفى إبراهيم كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
  • clock 2 يناير 2025, 1:25:20 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يَفتح إعلان فَصائل المُعارضة السورية إسقاط نظام آل الأَسَد بعد 54 عامًا من الحكم الديكتاتوري أملًا جديدًا للشعب السوري في مرحلة مهمّة في تاريخه انتظرها أكثر من خمسة عقود.
وقد تَمرّ فترة انتقاليّة تتسم بعدم الاستقرار والتحديات والمخاطر وسيناريوهات عدّة حول طبيعة النظام السوري الجديد، وطبيعة علاقاته مع العالم، ومع الدول العربية، وتغيّر التحالفات والسياسات.
ما يَعنينا هنا هو طبيعة وشكل العلاقة بين نظام الحُكم السوري الناشئ والفلسطينيين الذين انقسموا خلال فترة حكم آل الأَسَد بين مؤيّد أشهر بندقيته دفاعًا عن النظام البائد، كما فعل تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، ومُعارض ضمّ في صفوفه كثيرًا من الفلسطينيين، حتى وإن لم يكونوا ضمن إطار تنظيمي معبّر عنهم، ناهيك عن كون العلاقات بين الفلسطينيين والنظام السوري اتسمت تاريخيًا بالاضطراب والعداوة فتراتٍ طويلة.


فالجانب الفلسطيني اتهم نظام الأَسَد بالتدخّل في الشؤون الفلسطينية وارتكاب مَجزرة تل الزعتر وتبنّي عدد من الفصائل تحت رعايته (القيادة العامّة والصاعقة وفي ما بعد "فتح الانتفاضة") والتدخّل في القرار الفلسطيني واعتقال قيادات الشعب الفلسطيني، ومنهم الدكتور جورج حَبَش، والآلاف من الفلسطينيين، وظلّت العلاقات متوتّرة فتراتٍ طويلة.


وبعد تولي الرئيس محمود عباس السلطة الفلسطينية اتّسمت العلاقة بشبه استقرار معها خاصة خلال فَترة الثورة السورية، لكن وفي ظلّ الانقسام الفلسطيني التاريخي لَم يَستطع الفلسطينيون الوقوف على الحياد، وانقسموا فريقين: فريق منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية المعارضة للسلطة التي رَبَطتها علاقات جَبْهَة بالنظام السوري وانضمّ عدد منها إلى القتال مع النظام السوري خلال السنوات الماضية من الحرب الطاحنة التي دمرت سورية، في حين ضمّ الفريق الثاني أبناء المخيّمات الفلسطينية، خاصة مخيم اليرموك، الذين وَقَفوا مع الثورة السورية، فكان الثّمن الذي دفعوه أن أُجبر عشرات الآلاف منهم على الهجرة من سوريا، وتم حصار عاصمة الشتات الفلسطيني، وقضى أكثر من مئتين منهم جوعًا، فضلًا عن حملات الاعتقال والقتل والتشريد.


 معروف أن السلطة الفلسطينية كانت قد اتّخذت سياسة الحياد في العلاقة مع نِظام الأَسَد انطلاقًا من القاعدة التي تتبعها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بِعَدم التدخّل في شؤون الدول العربية، خاصة وتجربة العراق والكويت ماثلة أمام قيادتهما.


كان انهيار  نظام الأَسَد السريع مفاجئًا ودراماتيكيًا، وعلى الرغم من أن التطوّرات كانت مُدهشة في نتائجها من جهة الانقلاب السّريع، فإن هناك حالةً تتمثّل في عدم استقرار الأوضاع، ويُمكن أن تؤدي إلى فترة طويلة من الفوضى، وهو أحد السيناريوهات المحتملة، مما قد يشكّل تحديًا إضافيًّا للفلسطينيين اللاجئين في سورية، وكذلك للفصائل الفلسطينية التي كانت مؤيّدة لنظام الأَسَد. ورَغم الخوف من عَدم الاستقرار الأمني الذي قد يعقّد من أمر وجود الفصائل الفلسطينية ويهدد أماكن وجودها كون سورية تشكّل قاعدة إقامة لها، فقد يُسهّل عدم الاستقرار استهداف إسرائيل للفصائل أكثر من السابق.
ومما يفاقم أزمة الفلسطينيين التَّذرّع بوجود الفصائل بين صفوف اللاجئين في سورية وارتباطها بعلاقات مع إيران، لكن من الصّواب فلسطينيًا فتح نقاش وطنيّ شامل وتعميق الحوار الداخلي، وإنهاء الانقسام انطلاقًا من المصالح الفلسطينية وانسجامًا مع طبيعة التغيّرات في المنطقة، وبلورة فهم جديد لطبيعة العلاقة والسلوك الذي يجب أن تكون عليه العلاقات مع القيادة السورية الجديدة، ومواجهة التحدّيات التي كانت قائمة، والعوامل ذات الصلة في الساحة السورية السياسية وغير السياسية، من أجل فَهْم أفضل حول إلى أين تذهب الأمور والتأثير على أوضاع الفلسطينيين في سوريا وحمايتهم، والشكل الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بطريقة إيجابيّة في سياق مصلحة الفلسطينيين وقضيّتهم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)