- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
واللا" العبري : إسرائيل تعفي الأثرياء من الضرائب
واللا" العبري : إسرائيل تعفي الأثرياء من الضرائب
- 20 أغسطس 2021, 8:28:44 م
- 672
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اندلعت احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة في إسرائيل، في صيف العام 2011، بمشاركة مئات آلاف المواطنين. إلا أن تغطية وسائل الإعلام لهذه الاحتجاجات استمرت لشهر واحدا فقط. فبعد أن بدأ المحتجون بتوجيه سهامهم إلى أباطرة المال وطرح أسئلة حول رأس المال، السلطة، الصحيفة والعلاقة الفاسدة بينهم، قامت وسائل الإعلام الإسرائيلية بكل ما بوسعها من أجل قمع الاحتجاجات.
"نزل ناشرو ومالكو وسائل الإعلام إلى غرف الأخبار وأبلغوا المحررين: توقفوا فورا عن التغطية الإعلامية للاحتجاجات، المظاهرات والرياح التي تهب من الشوارع، قزّموها وأعيدوا الستار الدخاني العادي إلى واجهة المواقع الإخبارية والصحف ونشرات الأخبار"، وفقا ما أفاد رئيس تحرير صحيفة "ذي ماركر"، غاي رولنيك، في مقاله الأسبوعي اليوم، الجمعة.
وبعد عشر سنوات، أكد المدير العام السابق لموقع "واللا" الإلكتروني، إيتان يشوعا، الشاهد المركزي في ملفات الفساد المتهم فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، في شهادته أمام المحكمة، في الأشهر الماضية، على أن معظم وسائل الإعلام في إسرائيل تُستخدم كأداة بأيدي مالكيها في القطاع الخاص من أجل دفع مصالحهم؛ وأولويات الصحافة ليست خدمة الجمهور، وإنما خدمة مراكز القوة والمال في السياسة والقطاع الخاص؛ وتم إجراء إحباط مركز للاحتجاجات من جانب مالكي وسائل الإعلام بعد أن هددتهم هم والمعلنين وشركائهم وأصدقائهم.
وأضاف رولنيك أن مئات آلاف المحتجين وجهوا للسياسة الإسرائيلية "صعقة كهربائية غير مسبوقة". وقادت الاحتجاجات إلى دحرجة حجارة دومينو تسببت بانهيار أباطرة مال، وكشفت علاقاتهم الفاسدة والمافيوية مع الصحافة، واضطرت المشرعين والموظفين الحكوميين إلى التحرر من قبضتهم وخدمة الجمهور".
إلا أن ذلك دام بضع سنوات قليلة، "ففي السنوات الخمس الأخيرة انتقلت السياسة الإسرائيلية إلى عصر القبلية، التقاطب، الكراهية، ومؤخرا إلى كورونا ونظرية المؤامرة. وبدلا من مداولات مدروسة حول أسباب غلاء المعيشة، تراجع جودة الحياة وجودة المنتجات العامة، انتقلنا إلى عصر فيه 95% من الطاقة مركزة على الكراهية، المعسكرات وضجيج لا يتوقف من الأكاذيب، المؤامرة ونفايات تعممها الشبكات الاجتماعية".
العلاقة بين الثراء وصناع القرار
ورأى رولنيك أن هناك أسبابا لغلاء المعيشة الإسرائيلي، ولتراجع جودة حياة التسعة أعشار الدنيا في إسرائيل، ولكن جميعها نتيجة مباشرة وغير مباشرة لسياسة حكومية.
أولا: قليلة هي الفروع الاقتصادية الإسرائيلية التي توجد فيها منافسة. وفي الواقع الاقتصادي الراهن، تخصص الشركات ورجال الأعمال معظم طاقتها من أجل جعل السوق أن تكون العكس عن "سوق حرة، تنافسية ومتطورة"، من خلال اندماجات، شراء، تسويات مقيدة وتأثير على السلطة من أجل جمع قوة تمنعهم من الحاجة إلى التنافس.
وتابع رولنيك أن الأسوأ من ذلك أن اختلاف المعلومات بين المنتجين والمستهلكين للمنتجات والخدمات الثمينة والأكثر أهمية هائل، والحواجز التي تمنع الوصول إليها مرتفعة واحتمال رؤية توازن في المنافسة يراوح الصفر، في مجالات احتكار الغاز، كارتل مستوردي السيارات واحتكار القلة للتأمينات، التقاعد والمواد الغذائية، وجميعهم حصلوا على إتاوة من الدولة وبإمكانهم التنكيل بزبائنهم.
ويلحق ذلك ضررا بالجمهور: غلاء معيشة، خنق الابتكارات، وإنتاج متدن وبطالة خفية في المصالح التجارية. وفي مراكز القوة الثلاثة هذه هناك أشخاص منشغلون في التفكير بعملهم القادم في الشركات العملاقة الخاصة والحكومية، وهم أسرى لدى أصحاب الشركات، المدراء العامين، المحامين، مدققي الحسابات والمجموعات الضغطة للشركات العملاقة، الذين يفعلون أي شيء من أجل منع المنافسة.
ثانيا: إنفاق العائلات الكبير يكون على تسديد قروض الإسكان، إيجار المنزل والمواصلات. ويضاف إلى ذلك لدى قسم من العائلات الإنفاق على التعليم الخاص. وأشار رولنيك إلى أن هذا الإنفاق هو نتيجة مباشرة لسياسة حكومية موجهة، ترى بالسكن، المواصلات والتعليم أنها منتجات خاصة، إن لم تكن كماليات.
إلا أن رولنيك رأي أن "المأوى هو المنتج الشعبي الأساسي للغاية، وله أكبر تأثير على جودة الحياة والصحة النفسية وجسد معظم الأشخاص. وتحويل السكن إلى منتج خاص يتضاعف سعره مرتين وثلاثة خلال عقدين من دون علاقة بتكاليف البناء وارتفاع متوسط الأجور هو نتيجة ارتباك عميق للغاية بين صناع القرار. و0.1% من السكان، الذين جمعوا في العقد الأخير ثروات تقدر بمئات مليارات الشواقل نتيجة الملكية والاستثمار في العقارات، لم ينتج أي نجاعة اجتماعية تبرر جمع هذا الثراء، وإنما ضخ هذا الثراء من الطبقة الوسطى وحسب".
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية أهملت، في العقدين الأخيرين، المواصلات العامة، "والنتيجة هي أن ملايين المواطنين يقضون جزءا من حياتهم في ازدحامات السير، وفيما هم يدفعون مبالغ طائلة لشراء سيارات نقدا، أو بواسطة قروض. وجمعت خمس عائلات مستوردي السيارات مليارات من الأملاك الخاصة ومئات آلاف السيارات الجديدة تدخل إلى الشارع سنويا وتحول الشوارع الإسرائيلية إلى الأكثر ازدحاما في العالم الغربي. وهذا ليس بسبب قوة عليا، وإنما سياسة حكومية".
ثالثا: كي تتمكن الحكومة من تمويل خدمات عامة ضرورية، مثل مسكن بنوعية مقبولة ومواصلات عامة سريعة ومريحة، أشار رولنيك إلى أن "عليها التنازل عن مورد الضرائب الهائل التي تجبيه من سوق العقارات والمواصلات، وإنفاق مئات مليارات الشواقل في السنوات القريبة المقبلة على بناء بنية تحتية للسكن والمواصلات".
وأضاف أنه "من أجل القيام بذلك على الحكومة تقليص إنفاق غير ضروري. فأي مليار شيكل آخر يُضخ إلى تضخيم التقاعد في جهاز الأمن والاحتكارات الحكومية والوزارات، هي مليار شيكل لا يذهب إلى البنية التحتية وخدمات الرفاه الاجتماعي، ويرسخ استمرار جباية مبالغ طائلة إلى الأبد من خلال ضريبة القيمة المضافة وغيرها... ومن ليس لديه علاقات مع مراكز القوة يجد نفسه يقاضى أجرا متدنيا".
رابعا: عدم جباية ضرائب من الأكثر ثراء ويشكلون 0.1% من السكان. ووفقا لرولنيك، فإن موظفي دائرة الميزانيات في وزارة المالية لا يفسرون كيف بالإمكان إرغام هؤلاء الاثرياء على دفع ضرائب لتمويل خدمات عامة، والعلاقة المباشرة بين الثراء والقوة السياسية والقدرة على التأثير على صانعي القرار.