-
℃ 11 تركيا
-
21 أبريل 2025
إسرائيل "قلقة" وأمريكا "منزعجة" من السلاح الصيني في مصر
إسرائيل "قلقة" وأمريكا "منزعجة" من السلاح الصيني في مصر
-
18 أبريل 2025, 4:16:08 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم تهدأ عاصفة التخمينات والتنظيرات على السوشيال ميديا حول "لغز" هبوط نصف دستة طائرات نقل عسكرية صينية من طراز 'شيآن Y-20' فجر اليوم (الأربعاء 15 أبريل)، بعد رصدها من قِبل مواقع استخباراتية غربية (متاحة على الإنترنت)، وفي بيانات الرحلات الجوية بمنصات للمراقبة الجوية مثل Flightradar24. (إحدى الصور الفضائية التي تزعم تتبع مسار الطائرات الصينية إلى مصر مرفقة).

وبصراحة لم أكن متحمسًا للكتابة عن الموضوع -الذي نبهني إليه أحد أصدقاء مهنة المتاعب- واستسخفت التعليقات على التغريدات المتبادلة حوله في منصة إكس (أغليها ينطلق من نظرية المؤامرة)، لولا أن الفضول الشخصي لمعرفة المزيد عن هذا الطراز الحديث من الطائرات العسكرية الصينية -الذي قرأت سابقا عن منافستها لنظيراتها الأمريكية- ساقني إلى مطالعة تقارير "طازجة" في أكثر من دورية أوروبية متخصصة في الشأن العسكري (مثل BulgarianMilitary)، تجمعها عناوين متشابهة في صيغتها، يمكن اختصارها في: " انزعاج واشنطن من 'Y-20' الصينية في مصر".
وفي التفاصيل، يقول أحد التقارير إن "طبيعة الشحنة العسكرية الصينية غير معلنة، وغير معلوم محتواها على وجه الدقة. إلا أن وصول هذه الطائرات العملاقة إلى مصر في هذا التوقيت يعزز مؤشرات 'تعميق' العلاقات العسكرية بين بكين والقاهرة، ويثير تساؤلات حول طموحات الصين الاستراتيجية في منطقة تستحوذ عليها شركات السلاح الغربية (أمريكية وأوروبية) والروسية".
الطائرة 'شيآن Y-20' التي هي فخر أسطول القوات الجوية الصينية، تُلقّب شعبيًا باسم 'كونبنغ' نسبة إلى مخلوق صيني أسطوري، وتُعرف في دوائر الطيران الرسمية باسم "الفتاة السمينة" بسبب ضخامة بنيتها، إذ يبلغ ارتفاع مخزن الشحن فيها 4 أمتار ويتسع لنقل أثقل الدبابات والمركبات العسكرية. وبفضل هذه الطائرة الحديثة التي تنافس طائرة الشحن C-17 الأمريكية، والروسية إليوشن Il-76، لحقت الصين منذ 2016 بنادي الدول الكبرى في وسائل النقل العسكري الثقيل.
ووفقًا لموقع 'سيمبل فلاينج' SF المتخصص في شؤون الدفاع، فإن "مصر التي اعتمدت لعقود على مزيج من موردي الأسلحة الغربيين والروس والأوروبيين، اتجهت بشكل متزايد في السنوات الأخيرة إلى الصين لتنويع ترسانتها، مدفوعةً باعتبارات اقتصادية وحسابات استراتيجية. وبعد أن واجهت القاهرة صعوبات في شراء مقاتلات متطورة من روسيا والولايات المتحدة العام الماضي، لجأت إلى بكين لشراء 12 طائرة من طراز ' J-10C'، وعدد من مقاتلات 'تشنغدو J-10C' التي تنافس في مواصفاتها F-16 الأمريكية .. كما اشترت مصر مسيّرات صينية من طراز Wing Loong-1Dالتي تماثل الطائرة الأمريكية MQ-9 Reaper لكن بتكلفة أقل".
وردًا على التكهنات بشأن حمولة طائرات 'Y-20' الصينية الأخيرة إلى مصر، يتساءل موقع 'الجيش البلغاري' في تقريره "هل بإمكان هذه الطائرة أن تحمل مقاتلات 'J-10'؟". ثم يجيب "من الناحية النظرية، يُمكن لحجرة الشحن فيY-20 نقل طائرة مقاتلة مفككة، لكن عملية التسليم ستكون معقدة لوجستيًا. الأرجح أن طائرات الشحن الصينية تنقل طائرات بدون طيار، أو أنظمة صواريخ، أو مركبات أرضية، وكلها تتوافق مع أنماط المشتريات المصرية مؤخرًا".
ودعما لنظريته، يتطرق التقرير إلى "أنباء عن إبرام مصر صفقة شراء لنظام الدفاع الجوي الصيني المتطور HQ-9، وهو منصة صواريخ أرض-جو بعيدة المدى تُضاهي نظام S-300 الروسي". (ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فقد اشترت السعودية أسلحة صينية -شملت مسيّرات وصواريخ باليستية- بقيمة 4 مليارات دولار عام 2022، واشترت الجزائر طرادات ومسيرات صينية حديثة هذا العام).
وبينما تبرز صحيفة 'غلوبال تايمز' (الصينية الناطقة بالإنجليزية) إيجابيات "توطيد التعاون العسكري بين القاهرة وبكين منذ مشاركة طائرة النقل العسكرية Y-20 في معرض مصر الدولي للطيران عام 2024"، تذهب صحف غربية في سياق حديثها عن "الانزعاج الأمريكي" من تلك الظاهرة، إلى عزو الإقبال المصري مؤخرًا على السلاح الصيني لشعور "المسؤولين المصريين بالإحباط نتيجة تلكؤ أو تردد واشنطن في الموافقة على صفقات أسلحة متقدمة مثل مقاتلات F-35التي حصلت عليها إسرائيل بسهولة".
وفي السياق ذاته، تناول تقرير بعنوان “مصر بين القيود الغربية والبدائل الصينية" في دورية 'Missile Defense Advocacy'، تفاصيل "حرمان مصر من صواريخ جو-جو بعيدة المدى لمقاتلاتها الغربية (مثلما حرمت من يوروفايتر تايفون' الأوروبية، و”إف-15 سترايك إيغل' الأمريكية)، ما يجعل الصاروخ الصيني PL-15 خيارًا مثاليًا لسلاح الجو المصري".
وبموازاة "المخاوف الأمريكية"، ظهر "القلق الإسرائيلي" من السلاح الصيني في مصر، في صورة تحقيق نشره موقع ' nziv' الإخباري العبري يتناول "ردود فعل قلقة أثارتها تصريحات مسؤول عسكري مصري عن امتلاك الجيش المصري منظومة الدفاع الجوي الصينية المتطورة HQ-9B التي تماثل 'صواريخ 'إس-400' الروسية ..إذ تستطيع كل منصة حمل 8 صواريخ أرض-جو مقارنة بأربعة صواريخ في النسخ السابقة ". لكن بالتدقيق في "التحقيق"، اكتشفت أن الموقع بنى كل "تحذيراته" على ما قاله اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، في مقابلة تلفزيونية سابقة -مع الجهبذ الإعلامي أحمد موسى ذي التعبيرات المبكية المضحكة والسرسعات الفتاكة- وهي المقابلة التي "حلبها" الإعلام الإسرائيلي حلبًا، في سياق حملة مسعورة بدأت مع الرفض المصري لترحيل سكان غزة إلى سيناء ولم تخمد. وكما هو متوقع، لم يتوقف "القلق" الصهيوني من التسليح المصري عند حدود السلاح الصيني، بل تمدد وتوسّع في اتجاه "التواطؤ الفرنسي".
ففي مقال طويل نشرته مجلة 'Israel Defense' التابعة لجيش الكيان بعنوان “مصر تزداد قوة: رحلات تجريبية لصفقة رافال أخرى في طريقها إلى القوات الجوية المصرية”، يستفيض الكاتب في تحليل خطورة التعاون العسكري بين القاهرة وباريس، الذي شمل تسليم ذخائر كانت محظورة لعقود، مثل صواريخ 'ستورم شادو'، وصواريخ “جو-جو” طويلة المدى، وقنابلAASM Hammer الذكية، وصواريخ “إكزوسيت” البحرية .. إلى آخر القائمة الطويلة، قبل أن يصل إلى مربط الفرس في عنوان المقال، قائلا بالنص "إن دفعة الرافال الجديدة – بعد صفقة الـ 54 مقاتلة التي سلّمتها فرنسا لمصر على دفعتين بين 2015 و2021)، ستمنح سلاح الجو المصري تفوقاً نوعياً غير مسبوق من شأنه تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط".
ويطول حديث الإعلام الإسرائيلي عن أخطار التسليح المصري، والذي أرى في الكثير منه "عود على بدء" في حملة مدروسة بدوافع سياسية أكثر منها مخاوف عسكرية حقيقية. والعلم عند الله.




